تأمل يوما بعد يوم 17
الجزء الثالث
أن
نتجاوز
العواصف بالاحتماء
بملاذ
اللحظة
الحاضرة
ذلك الذي يرى اللحظة الحاضرة، يرى كل ما حدَث عبر التاريخ وما سيحدُث
حتى آخر الزمان. ماركوس
أوريليوس
الفصل الخامس عشر
أن
نتحرر
من
سجوننا
الذهنية
كيف تحتكر المُعاناة
وعْيَنا؟
الآلام الجسدية
ما الذي يُمكِنه أن يُساعِدنا كي نكون أقلَّ خوفًا من الألم، وألا نسجن أنفسنا داخل معاناتنا؟
سآخذ وقتي في فحص هذا الألم التشنُّجي؛ أين يُوجد بالضبط؟ هل هو ثابت أم أنه يتبدل؟ ما الذي يُحاوِل أن يُجبِرني على فعله؟ وبالتأكيد... اختفى الألم.
إذا كان التأمُّل يُساعِد على مواجهة المعاناة، فهذا لأن راحة الذهن لها تأثير مُخفِّف للآلام
آلام الروح
حين نتعلق بأفكارنا المُؤلِمة، حين نقوم بتكرارها في ذهننا، فإننا نُساهِم في نفس الوقت في
زيادة صلابتها. إننا نُعطيها شكلًا ونُعطيها أهمية، ونجترُّ آلامنا مُحوِّلين إيَّاها إلى وحوش.
مواجهة المشكلات اليومية
إن لِممارسة التأمُّل بالوعي الكامل تأثيرًا على الشِّدَّة والمعاناة اليومية؛ إنها تمنع همومنا (التي هي غالبًا شكوكٌ مُقلِقة) من أن تتحوَّل إلى حقائق، وتمنع مشاعرنا (التي تكون في حالتها الطبيعية في حركة دائمة) من أن تكون مُزمِنة وتتصلب، فتصير نزوات.
إنها تُساعِدنا على ألا نبقى مُكبَّلين، ومُحاصَرين في حالةٍ ذهنية مُؤلِمة.
تحت تأثير آلامنا قد نسجن ذواتنا دون أن ندري؛
إنك لا تستطيع أن تمنع طيور الحزن من التحليق حول رأسك. لكن لا تدعها تضع أعشاشها في شعرك هذا ما يقوله بالضبط المَثَل الصيني
عدم ديمومة مُعاناتنا
لا شيء يبقى إلى الأبد، لا أفراحنا ولا أحزاننا؛ فلا تعلُّق ولا سجن. نستطيع أن نفهم ذلك وعلينا أن نختبره. نستطيع أن نُراقِب كلَّ ما نتعلق به، وأن نبني معه علاقة مختلفة؛ لا أن نتخلَّى عنه، لكن أن نبحث عن المزيد من الحرية في علاقتنا معه.
الدرس الخامس عشر
إنَّ أهمَّ مصدر لمُعاناتنا الذهنية هو تضييق قدرات وَعْينا؛ ألَّا نُدرِك أننا نُغيِّر أحيانًا بعض الحقائق ثم نتعلق بكل قُوانا بهذه الحقائق المُشوَّهة. يستخدم هنا علماء النفس مصطلحات مثل
( اجترارات ) أو ( تحويرات ) ويعرفون أنه يجب علينا القيام فورًا بعمليَّتَين؛ الأولى: أن نُدرِك أن ذهننا بصدَد صُنع فخ لنفسه، والثانية: أن نخرج من هذا الفخ.
في بعض الأحيان وحتى حين نُدرِك جيِّدًا أننا نُؤذي ذواتنا، نحن لا نستطيع أن نخرج من وساوِسِنا واجتراراتنا. ؛ فحين يكون الأمر صعبًا جدٍّا علينا أن نعدِل عن محاولة طرد هذه الأفكار المُؤلِمة باستخدام الإرادة؛ وبدلًا عن ذلك نستطيع أن نُوسِّع إدراكنا لكلِّ ما هو موجود في لحظتنا الحاضرة. علينا ألا نترُك كل المساحة في أذهاننا للاجترارات والوساوس، وأن نجعلها تمتزِج وتنحلُّ في محتوًى أكثر اتِّساعًا كي نُخفِّف من عبئها. يجب أن يتوسع وعينا إلى ما لا نهاية!
0 التعليقات:
إرسال تعليق