15‏/03‏/2021

تأمل يوما بعد يوم 12

 تأمل يوما بعد يوم 12



الفصل العاشر

أن نري كل ما هو مخفي



ابحَث في كل هذه الأشياء البائسة والمُبتذَلة في الحياة الريفية، تلك الأشياء الموضوعة جانبًا، أو المُلقاة والتي لا ينتبه إليها النظر عادةً. تلك الأشياء التي لا تُثير بوجودها الانتباه، هي ذات طبيعة جامدة، لكنها قد تُصبِح مصدرًا لسعادة غريبة، وصامتة، ولا حدود لها.

دروس الأشياء

علينا أن نجلس في إحدى زوايا المنزل تاركين أنفسنا لحضور الأشياء الصامت. يجب أن نُدرِك إلى أيِّ مدًى هي مصدر للهدوء، وللبطء وللاستمرارية. علينا أن نقترِب  منها ونتشرَّبها، وأن نسمعها وهي تهمس لنا بألا نستسلم للحركة ) افعَل! افعَل(

ولا للسرعة ) أسرِع! أسرِع ( اللذَين هما بلاءا العصرالحديث.

 روابط سرِّيَّة

إن هذه الأشياء تُذكِّرنا بما هو إنساني فينا وحولنا؛ إنها كدَينٍ من الفرَح وامتنان يتَّسِع حتى اللانهائي. فكيف بعد كل هذا نستطيع أن نكره الآخرين أو نمتلئ بالكبرياء؟

التوجُّه نحوَ كلِّ ما هو أساسي

إن ما نُسمِّيه تأمُّل هو حالة الوعي عندما نكتفي بالتعرُّف على ما هو موجود، دون رغبة في امتلاكه، أو استخدامه، أو الحكم عليه

 إن تأمُّل الشيء هو أن ننظُر دون أن نأمل فيه، أو أن نرغب به، ولا أن نحكم عليه.

علينا التحرُّر ببطءٍ من هذه التداعِيات الذهنية؛ أي، عبورها والذهاب أبعد. يجب رؤية

الأشياء عبر سرِّ وجودها الهادئ، والاكتفاء بما هي عليه وتلقِّي حكمتها الصامتة دون أي كلمة.

 

 

الدرس العاشر

علينا أن نترك أنفسنا تقع تحت تأثير تأمُّل الأشياء العادية؛ تفاحة، حذاء، غريسة، عشبتأثير لمسها، مُداعبتها، مُراقبتها. علينا أن نترك أنفسنا تُنصِت في البداية لكل ما تريد قولَه لنا هذه الأشياء؛ الله أوجدها، وكثير من الذكريات سمحَتْ لها بالدخول إلى حياتنا والمكوث هنا أمامنا. ومن ثَم بهدوء علينا ترك هذه الأفكار تنحسِر رويدًا لنبقى فقط مع جوهرها دون أن نطلب شيئًا سوى وجودها الصامت.

غريبٌ هذا الهدوء وهذه الراحة الأسطورية التي تنبعث من وعاء طبخٍ أو من إسفنجةٍ

مُهمَلة مَنسية، لكنني انتبهتُ إليها. يجب أن تكون هذه الزيارات المُتكرِّرة لكل ما هو

تافِهٌ وعادي، نوعًا من الشكر وردِّ الاعتبار لحظِّنا المُذهِل بأن نكون كائناتٍ بشرية تعيش وتَعِي.


0 التعليقات: