15‏/03‏/2021

تأمل يوما بعد يوم 16

 تأمل يوما بعد يوم 16


الفصل الرابع عشر

أن نفهم ونقبَل ما هو موجود

 
القَبول

القبول هو جزء مهم في صميم الوعي الكامل. ولا يعني القبول أن نقول إنَّ كلَّ شيء على أحسن ما يُرام هذا يُسمَّى استسلامًا، ولكن أن نقول كل ما حولنا موجود، إنه موجود بالفعل إننا لسْنا مُجبَرين أن نُحِبَّ فكرةً ما، أو حالةً ما، أو شخصًا ما، أو تجربةً ما، كي نقبل بها. لسنا بحاجةٍ لأن نُحِبَّ هذه الفكرة أو هذه الحالة، أو هذا الشخص، أو هذه التجربة، وإنما فقط قَبول وجودها. إنها موجودة، وهي حقيقية في حياتنا؛ لهذا يجب علينا أن نتآلَف ونتقدَّم معها.

 

القبول هو حالةٌ تتجاوز حالة الانكفاء. هي ليست سلوكًا فقط؛ إنها أيضًا قرارٌ وجودي وفلسفةُ حياة. إنها موقف طويل الأمد ونابع عن تفكير، نأخذه تجاه العالم الذي يُحيط بنا.

في حالة الانكفاء هناك نوع من التنازل؛ التوقُّف عن كل أنواع التواصل. بينما في القبول يُوجَد نوع من الرغبة في أن نبقى في الفعل ولكن بشكلٍ آخر؛ بحالة من الوضوح والهدوء. وفي كل مرة يحدُث شيءٌ ما، نستطيع أن نقول نعم، ها هو، إنه هنا الآن إنه القبول الصادق والكامل للواقع حين يأتي كما هو.

لكن هذا التلقِّي لكلمة نعم لا يعني بأي شكل من الأشكال استسلامًا أو تنازلًا

عن التفكير أو الفعل، هو فقط إحدى هاتَين الحركيَّتَين المُنتظِمتَين لذهننا كأنهما تنفُّس

روحنا؛ القبول(بما هو موجود) ثم التصرُّف (حسب ما هو موجود) والقَبول (بما حدَث)

ثم الفعل (بناءً على ما حدَث)، وهكذا باستمرار

 

القَبول بوصفِه التفافًا

يُعلِّمنا القبول أن نختار أفضل الطُّرُق للوصول إلى حيث نريد، وهذا الطريق ليس خطٍّا مُستقيمًا بالضرورة. إن هذا يُشبِه تمامًا المَسير في الجبال؛ فقد تكون فكرةً سيئة أن نُقرِّر الصعود إلى القمَّة مباشرةً، فنَتْبع طُرقًا تلتفُّ وتُحاذي جوانب الجبل دون أن نتخلَّى عن فكرة الوصول إلى الأعلى في النهاية. إننا نقبل أن نأخذ الممرَّات المُنعطِفة والصاعدة سائرين نحوَ القمَّة.

القَبول بوصفه نوعًا من الحكمة

إن أفضل الأماكن التي يُمكِنك أن تبحث فيها عن الحكمة، هي في الحقيقة تلك التي لا تتوقَّع أن تجدها فيها؛ إنها أفكارُ مُناهِضيك

القبول سيسمح لنا بإدخال العالم كله في ذواتنا، بدلًا من محاولة تشكيله على صورتنا، وأن نأخُذ

منه فقط ما يُلائمنا ويُشبِهنا

 

الدرس الرابع عشر

قَبول كلِّ شيء يجعلنا أكثرَ هدوءًا وأكثرَ ذكاءً، ومن ثَم أكثر قدرةً على تغيير ما يجب أن

يتغير. هذا هو جوهر الفكرة. ثم تأتي التجارب العملية التي من دونها يُمكِن أن يكون كلُّ ذلك كلامًا مُرسَلًا. إن كل إزعاجاتنا الصغيرة اليومية تُعَدُّ فرصًا رائعة للتمرين على القَبول.

هل أنت مُتضايِق، ومُنزعِج، ومُتعَب؟ ابدأ بالتنفُّس وأدرِك كلَّ ما هو موجود في هذه اللحظة؛ أدرِك الوضع، وتأثيره عليك، وأنَّ كلَّ ذلك موجود معك، وأنه لا يُمكِن إلغاؤه، ومن ثَمَّ عليك قَبوله. ثم حاوِل أن تجد ما يُمكِنك فعله أو التفكير به. إنه أمرٌ سهل الفهم، ورغم ذلك تمَّ قوله وإعادته آلاف المرات؛ حتمًا لأنَّ الشرح لا يكفي، وإنما تجب ممارسته بشكلٍ يومي. من المُؤكَّد أنَّ الممارسة أقل فخامة وأقل متعة من الكلام الرنَّان، لكنها أكثر فعَالية.

0 التعليقات: