15‏/03‏/2021

تأمل يوما بعد يوم 14

 تأمل يوما بعد يوم 14


الفصل الثاني عشر

أن نكون حاضرين أثناء الفعل



ضرورة الفعل للتأمُّل

أن نكون وحيدين ومُنفصِلين عن العالم؛ نعم، هذا ما تبدو عليه تمارين التأمُّل بالفعل. لكن ذلك سيكون لوقتٍ مُحدَّد، وكأننا نأخذ نفَسًا بين نشاطٍ وآخر لأننا نعود دائمًا لمباشرةِ نشاطٍ ما.

في الحقيقة إنَّ التأمُّل يُحِبُّ الفعل بشكلٍ من الأشكال؛ فلولا الفعل لن يكون للتأمل معنًى.

 

يجب علينا أن نشكَّ دومًا بهذه الأفكار النظرية لهؤلاء الذين لا يحتكُّون بواقع الفعل اليومي

كتب جوته يقول: يجب أن نضع الفعل تحت اختبار التفكير، والتفكير في تجربة الفعل.

 

أن نُحرِّر الفعل باتِّباع أسلوب (لاشيء إلا...)

لنُحرِّر أفعالنا، ونُكثِّفها في نفس الوقت؛ لكي تكون ( لا شيء إلا )  ما هي عليه. علينا أن

 نأكل فقط (دون أن نقرأ، أو أن نستمع إلى الراديو في نفس الوقت)، وأن نسير فقط (دون

أن نتحدَّث بالهاتف، أو أن نقوم بالتفكير واستباق ما سنقوم به لاحقًا)، وأن نستمع إلى الآخرين فقط((دون أن نُحضِّر أجوبَتنا، أو أن نُطلِق أحكامًا على ما يُقال لنا). ورغم البساطة الظاهرية لهذا، فإنه صعب المَنال بشكلٍ لا يوصف.

 

يُوصِي الوعي الكامل بالتبنِّي السليم والبسيط لأفعالنا، ليس بشكلٍ دائم ولكن بشكل مُنتظِم. إنه يدعونا مثلًا إلى تناوُل وجبة في الأسبوع في حالة وعي كامل (بصمت، دون أن نقرأ، وبلا راديو أو أحاديث)، أو الممارسة المُتكرِّرة للمشي في وعي كامل؛ بهدوء، ببطء، ونحن نشعُر بجسدنا وهو يسير، ونتلقَّى كلَّ ما يُحيط بنا، في بحر من الأحاسيس التي تعتمِر في دواخلنا. علينا أن نسير من أجل السير، دون غضب، دون استعجال.

 

فوائد أن نكون حاضرين أثناء الفعل

من المهم النجاة من جنون إنهاء العمل وحين نقوم بنشاطٍ ما يجِب ألا يكون تركيزنا على

الفعل فقط  ولكن أن نكون بحالة حضور   أثناء العمل. إن الحضور أثناء الفعل يزيد إحساسَنا بكوننا بشرًا، بأننا موجودون في هذا العالم، ويُبعِد عنا هذه الأفعال التلقائية التي ننسى سريعًا أننا قُمنا بإنجازها. إنه يُساعِدنا أيضًا على الاقتراب أكثر من جوهر ما نقوم به.

 

عدَم إطاعة الإلحاحات

 

التوقف عن الفعل

اللاحركة، هي ليست نشاطًا آخر، أفرِضه على جسدي، ولكنها غيابٌ للفعل يملأ كياني

 هذا هو الأمر!

إنه هذا السكون الذي يتنفَّس من خلاله وعْيُنا. إنه مصنوع من العدول وليس من الإكراه.

اللافعل والحُريَّة

لكن العدول عن الفعل، وعدم القيام بأيِّ شيءٍ هي مسألة صعبة التحقيق! يبدو الأمر بسيطًا في البداية، لكنه ليس كذلك أبدًا. إنَّ حولنا كثيرًا من الأشياء التي تُنادينا، وكثيرًا من الأشخاص الذين يُحاوِلون التواصُل معنا! إنهم كثيرون لدرجة أننا يُمكِننا أن نقضيَ كلَّ حياتنا ونحن نستجيب لهم. وهكذا نموت دون أن نكون قد عشنا، ونكون قد قضينا حياتنا ونحن نقوم بما يجب فعله.

لهذا بالضبط نحن بحاجةٍ إلى اللافعل.

اللافعل هو تنفُّس النشاط. هو كالصمت بعد الضجة. إنه أن نُحاوِل في عدة أوقاتٍ من يومنا عدم المرور بسرعةٍ إلى شيءٍ آخر، إلى نشاط آخر. إنه أن نُقرِّر أخْذ ما يكفي من الوقت، ليس كي نُفكِّر، بل كي نشعُر، وأن نترك أنفسنا تمتلئ بالإنجاز الذي قُمنا به، وأيضًا تمتلئ بحضور اللحظة.

إنه يسمح لنا بزيادة مساحة حُريَّتِنا. فمع الوقت والممارسة أستطيع أن أشعُر بالفرق

بين التصرُّف بردَّة فعل (أي، أن أستجيب بعمًى إلى إلحاحاتي) وبين الاستجابة (بحالة

وعي). وسأتعلَّم كيف أختار الاستجابة لمُتطلبات يومي، بوعي كامل، بدلًا من القيام بردود

فعل دون وعي منِّي. وهذا له القُدرة على إحداث تغييرٍ جذري في علاقتنا مع العالم.

 

الدرس الثاني عشر

علينا الاعتياد على الحضور أثناء كل ما نفعله؛ قبل العمل، أو تناوُل الطعام، أو الاتصال بأحد المعارف، علينا أن نأخُذ عدَّة لحظات ونقوم بالتنفُّس بحالة وعي كامل. علينا أن نكون بحالة تواصُلٍ هادئ مع ما سنقوم به. إنها ليست رغبة بالقيام بحديث فائق الأهمية أو الوصول إلى حالة عاطفية مُعقَّدة، وإنما ببساطة أن نكون في حالة حضور ذهني


0 التعليقات: