حرب المستضعفين 6
ذلك هو الهدف الاستراتيجي الكبير لحرب العصابات: إن خلق مناخ الانهيار، ويجب أن يشكل هذا الهدف قاعدة لكل ما تقوم به.
لا بد من أن ألفت الانتباه، إلى أنني لم أشأ القول بأن توالي الأحداث الموصوفة أعلاه يمكن أن يحدث في أي مكان، وأي زمان، ومن قبل أي كان، دون أن نحسب حساباً للظروف الموضوعية والذاتية. فقد تسبب الانتفاضات أو تنشأ عفوياً، وكأنها تعبير عن التظلمات أو الأماني المكبوتة أو بسبب عوامل أخرى: كالتعصب الديني، أو الخصومات الدموية، أو الهستيريا الجماعية الناجمة عن سبب ما ( لقاء رياضي أو حادث اغتصاب ... إلخ قد يؤدي إلى إراقة الدماء ومن ثم فوضى مرحلية ) ولكن هذه الانتفاضة العفوية لا تتحول بالضرورة إلى حرب عصابات. (مهم).
من المؤكد أنه لا ينبغي الاعتقاد بأن الزخم الناشئ عن نشاط حرب العصابات لا بد خالق لكل ظروف الثورة. ويجب أن نتذكر دائماً بأن هنالك حداً أدنى وضرورياً لا يمكن بدونه ولادة المركز الأول ( للتمرد ) وتعزيزه. ولا بد للناس أن يلاحظوا بوضوح عبثية متابعة الصراع من أجل الحصول على أهداف اجتماعية في إطار الحوارات الشرعية وعندما تتمسك قوى القمع بالسلطة ضد القانون القائم، يمكن اعتبار السلام محطماً.
- وفي هذه الظروف، يظهر الاستياء الشعبي بأشكال أكثر فعالية...
- فعندما تتوصل حكومة إلى السلطة عن طريق الاقتراع الشعبي، سواء كان هذا الاقتراع مزوراً أم لا، وتتمسك بالسلطة مع مظهر الشرعية الدستورية على الأقل، فإنه لا يمكن لحرب العصابات أن تندلع، لأن إمكانات النضال السلمي كلها لم تستنفد بعد.
لقد قلنا أن حرب العصابات هي امتداد للسياسة بوسائل نزاع مسلح. ومنطقياً لا يمكن لهذا الامتداد أن يحدث بغتة، إلا عندما تنكشف وتصبح بلا قيمة كل الحلول السلمية المقبولة ( نداءات ) عمل قضائي وقانوني، لجوء إلى صناديق الاقتراع. وفيما عدا هذه الحالة، لا يوجد أي أمل بالحصول على الدعم الشعبي اللازم للنشاط الثوري.
وحتى يقبل الناس مسؤوليات ومخاطر العنف المنظم، يجب أن يؤمنوا بعدم وجود خيار آخر، وأن تكون القضية ملزمة، وفرص نجاحها معقولة. وربما كان الدافع الأخير هو الأكثر قوة.
وعندما تبدو القضية عادلة، ويصبح الموقف لا يطاق، ولا يعود من سبيل ضد الطغيان، لا يبقى إلا طريق العمل. ولا بد عندها من جهد تحضيري ضروري ومنظم، قبل إمكانية افتتاح أية حملة من حرب العصابات.
وتظهر تجارب الجزائر وكوبا وثورات منتصرة أخرى، أن حرب العصابات تتطلب في معظم الحالات، المساعدة الفعالة من تنظيم سياسي لا يشكل جزءاً عضوياٍ منها، ولكنه مخلص للقضية ذاتها، ويقدم ذراعاً مدينياً للحركة الثورية، قادراً على تأمين المساعدة بوسائل شرعية أو غير شرعية، كأن يقذف قنابل ليدافع عن الثوريين المحالين إلى المحاكم ( إذا فرضنا أن هذه المحاكم لا تزال موجودة.
وأن أكبر عدو لحركات العصابات، وهو العزلة العسكرية والسياسية. وعلى التنظيم المدني منع هذه العزلة، وافتعال عمليات للإلهاء أو التحريض في الأوقات المناسبة، وإقامة اتصالات، وبذل الجهد في العالم أجمع لإثارة شعور بأن الثورة تأخذ مجراها، حتى ولو لم تكن تحرز أي تقدم يذكر.
كما يوجد من جهة أخرى المتعاطفون، موافقوا الطريق، الذين لا يعملون في الخفاء، ويتصرفون بشكل عادي ضمن إطار القانون، لكنهم يساندون جهود ( الأشخاص الفعالين ) ويقومون بأنفسهم بمهام أكثر أهمية أيضاً. وتمتلك المنظمة العلنية بالطبع اتصالات غير مكشوفة مع العناصر العاملة في الخفاء، التي تؤمن لها الاتصال مع العصابات في الأرياف. لكن عملها الحقيقي إعطاء الثورة واجهة محترمة، جبهة مدنية، أو كما يقول الكوبيون ( مقاومة مدنية )، مؤلفة من مثقفين، وتجار، وموظفين، وطلاب وعمال... إلخ – وخاصة من النساء – قادرين على جمع الأموال، وتمرير العرائض، وتنظيم مقاطعة النظام، وإقامة التظاهرات، وإعلام الصحفيين الأصدقاء، ونشر الشائعات، وتغذية دعاية مكثفة بكل الوسائل المتصورة، بغية تحقيق هدفين: إضاءة ( صورة ) الثوار وتقويتها، وتسويد سمعة النظام.
والمسألة في النهاية معرفة ما
إذا كانت الحكومة تسقط قبل تدمير قواها العسكرية، أو أن
تدمير قواتها العسكرية يؤدي إلى تنازل النظام السياسي. والحقيقة أن السياقين
متكاملان، فالتفسخ الاجتماعي والسياسي يؤدي إلى نزيف القوى العسكرية، كما أن
المتابعة غير المجدية للحملة تزيد من هذا التفسخ، فينشأ عن ذلك ما أسميه ( مناخ الانهيار.
ذلك هو الهدف الاستراتيجي الكبير لحرب العصابات: إن خلق مناخ الانهيار، ويجب أن يشكل هذا الهدف قاعدة لكل ما تقوم به.
لا بد من أن ألفت الانتباه، إلى أنني لم أشأ القول بأن توالي الأحداث الموصوفة أعلاه يمكن أن يحدث في أي مكان، وأي زمان، ومن قبل أي كان، دون أن نحسب حساباً للظروف الموضوعية والذاتية. فقد تسبب الانتفاضات أو تنشأ عفوياً، وكأنها تعبير عن التظلمات أو الأماني المكبوتة أو بسبب عوامل أخرى: كالتعصب الديني، أو الخصومات الدموية، أو الهستيريا الجماعية الناجمة عن سبب ما ( لقاء رياضي أو حادث اغتصاب ... إلخ قد يؤدي إلى إراقة الدماء ومن ثم فوضى مرحلية ) ولكن هذه الانتفاضة العفوية لا تتحول بالضرورة إلى حرب عصابات. (مهم).
إن حرب العصابات
( حسب تعريفنا ) وسيلة ثورية، لا يمكن أن تنشأ إلا من واقع ثوري.. ولذلك فإنني
أجد نفسي مدفوعاً إلى الاستشهاد بما كتبه تشي جيفارا في كتابه ( حرب العصابات
:
من المؤكد أنه لا ينبغي الاعتقاد بأن الزخم الناشئ عن نشاط حرب العصابات لا بد خالق لكل ظروف الثورة. ويجب أن نتذكر دائماً بأن هنالك حداً أدنى وضرورياً لا يمكن بدونه ولادة المركز الأول ( للتمرد ) وتعزيزه. ولا بد للناس أن يلاحظوا بوضوح عبثية متابعة الصراع من أجل الحصول على أهداف اجتماعية في إطار الحوارات الشرعية وعندما تتمسك قوى القمع بالسلطة ضد القانون القائم، يمكن اعتبار السلام محطماً.
- وفي هذه الظروف، يظهر الاستياء الشعبي بأشكال أكثر فعالية...
- فعندما تتوصل حكومة إلى السلطة عن طريق الاقتراع الشعبي، سواء كان هذا الاقتراع مزوراً أم لا، وتتمسك بالسلطة مع مظهر الشرعية الدستورية على الأقل، فإنه لا يمكن لحرب العصابات أن تندلع، لأن إمكانات النضال السلمي كلها لم تستنفد بعد.
لقد قلنا أن حرب العصابات هي امتداد للسياسة بوسائل نزاع مسلح. ومنطقياً لا يمكن لهذا الامتداد أن يحدث بغتة، إلا عندما تنكشف وتصبح بلا قيمة كل الحلول السلمية المقبولة ( نداءات ) عمل قضائي وقانوني، لجوء إلى صناديق الاقتراع. وفيما عدا هذه الحالة، لا يوجد أي أمل بالحصول على الدعم الشعبي اللازم للنشاط الثوري.
وحتى يقبل الناس مسؤوليات ومخاطر العنف المنظم، يجب أن يؤمنوا بعدم وجود خيار آخر، وأن تكون القضية ملزمة، وفرص نجاحها معقولة. وربما كان الدافع الأخير هو الأكثر قوة.
وعندما تبدو القضية عادلة، ويصبح الموقف لا يطاق، ولا يعود من سبيل ضد الطغيان، لا يبقى إلا طريق العمل. ولا بد عندها من جهد تحضيري ضروري ومنظم، قبل إمكانية افتتاح أية حملة من حرب العصابات.
وتظهر تجارب الجزائر وكوبا وثورات منتصرة أخرى، أن حرب العصابات تتطلب في معظم الحالات، المساعدة الفعالة من تنظيم سياسي لا يشكل جزءاً عضوياٍ منها، ولكنه مخلص للقضية ذاتها، ويقدم ذراعاً مدينياً للحركة الثورية، قادراً على تأمين المساعدة بوسائل شرعية أو غير شرعية، كأن يقذف قنابل ليدافع عن الثوريين المحالين إلى المحاكم ( إذا فرضنا أن هذه المحاكم لا تزال موجودة.
وأن أكبر عدو لحركات العصابات، وهو العزلة العسكرية والسياسية. وعلى التنظيم المدني منع هذه العزلة، وافتعال عمليات للإلهاء أو التحريض في الأوقات المناسبة، وإقامة اتصالات، وبذل الجهد في العالم أجمع لإثارة شعور بأن الثورة تأخذ مجراها، حتى ولو لم تكن تحرز أي تقدم يذكر.
ولهذا التنظيم عادة فرعان:
أحدهما خفي وغير شرعي، والآخر علني وشبه شرعي.
ويوجد من جهة ( الأشخاص
الفعالون ) : كالمخربين والإرهابيين، ومهربي الأسلحة، وصانعي الأدوات المتفجرة، والصحفيين
السريين، وموزعي المنشورات، والمراسلين الذين ينقلون الرسائل من قطاع حرب
عصابات إلى آخر ويتخذون المدن كمراكز اتصالات.
كما يوجد من جهة أخرى المتعاطفون، موافقوا الطريق، الذين لا يعملون في الخفاء، ويتصرفون بشكل عادي ضمن إطار القانون، لكنهم يساندون جهود ( الأشخاص الفعالين ) ويقومون بأنفسهم بمهام أكثر أهمية أيضاً. وتمتلك المنظمة العلنية بالطبع اتصالات غير مكشوفة مع العناصر العاملة في الخفاء، التي تؤمن لها الاتصال مع العصابات في الأرياف. لكن عملها الحقيقي إعطاء الثورة واجهة محترمة، جبهة مدنية، أو كما يقول الكوبيون ( مقاومة مدنية )، مؤلفة من مثقفين، وتجار، وموظفين، وطلاب وعمال... إلخ – وخاصة من النساء – قادرين على جمع الأموال، وتمرير العرائض، وتنظيم مقاطعة النظام، وإقامة التظاهرات، وإعلام الصحفيين الأصدقاء، ونشر الشائعات، وتغذية دعاية مكثفة بكل الوسائل المتصورة، بغية تحقيق هدفين: إضاءة ( صورة ) الثوار وتقويتها، وتسويد سمعة النظام.
0 التعليقات:
إرسال تعليق