تدوين الصحابة للقرآن:
عن زيد بن ثابت قال:" أرسل إليِ أبو بكر الصديق مقتل أهل اليمامة ،فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر : إن عمر أتاني مقتل أهل اليمامة (قتل 450 من الصحابة) فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشي إن استحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أري أن تأمر بجمع القرآن، قلت لعمر: كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله؟ قال عمر : هذا والله خير ، فلم يزل عمر يراجعني حتي شرح الله صدري لذلك ، ورأيت في ذلك مثل الذي رأي عمر .
قال زيد : إنك رجل شاب عاقل لانتهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلي الله عليه وسلم فتتبع القرآن فاجمعه . فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن.
جمع الصحابة الأمة علي هذا المصحف :
كان المصحف الذي جُمع في عهد أبو بكر الصديق موجود في بيت في المدينة والمنورة ، أما العالم الإسلامي فلم يكن فيه ما يرجع الناس إليه إلا المحفوظ في الصدور
وفي عهد عثمان بن عفان ، اختلف الناس في قراءة القرآن ، وأخذ بعضهم يغلط بعضاً في القراءة، ورأي بعض الصحابة ذلك فسارعوا إلي الخليفة وجلين من اختلاف الأمة في كتابها كما اختلفت اليهود والنصاري ، فأرسل عثمان إلي جماعة من الصحابة وطلب منهم أن ينسخوا عدة نسخ من المصحف الذي جمع في عهد أبي بكر ، وأرسل إلي كل ناحية بنسخة ، وأمر الصحابة باحراق ماعدا هذه النسخ ، وبذلك قضي علي ذلك النزاع والاختلاف في مهده.
وبهذا حفظ الصحابة نص القرآن من الضياع : بنقص منه أو زيادة فيه، وحفظوه من الاختلاف في طريقة قراءته "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " الحجر – 9
أما المشكلة الثالثة وهي خوف الصحابة من الكذب وتحريف سنة الرسول صلي الله عليه وسلم وهذا كان يتصور من جهتين :
1- أن يدخل الخطأ والتحريف إلي السنة من غير قصد بسبب النسيان ، أو الخطأ في تحمل الرواية حين سماعها أو حين تبليغها.
2- أن يدخل في السنة المكذوب والباطل إذا دخل في المجتمع الإسلامي أعداء الإسلام بغرض إفساد دين المسلمين
وفي سبيل حماية السنة من الدخيل والكذب والتلبيس حذر الخليفتان الراشدان الصحابة من الإكثار من رواية السنة ، ثم إنهما كانا يستوثقان إذا روي لهما أحد من الصحابة حديثاً عن الرسول صلي الله عليه وسلم
روي مالك وأحمد والترمذي والدارمي وابن ماجة عن قبيصة بن ذئيب قال:
جاءت الجدة إلي أبي بكر تسأله ميراثها ، فقال لها : مالك في كتاب الله شيئ ، ومالك في سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم شيئ ، فارجعي حتي أسأل الناس ، فسأل ، فقال المغيرة ابن شعبة : حضرت رسول الله صلي الله عليه وسلم أعطاها السدس ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : هل معك غيرك ؟ فقال محمد بن مسلمة مثل ما قال المغيرة ، فأنفذه لها أبو بكر رضي الله عنه.
وروي البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي سعيد الخدري ، قال : أتانا أبو موسي ، قال : إن عمر أرسل إلي أن آتيه ، فأتيت بابه ، فسلمت ثلاثاً ، فلم يرد علي ، فرجعت ، فقال : ما منعك أن تأتينا ؟ فقلت : إني أتيت بابك، فسلمت علي بابك ثلاثاً فلم ترد فرجعت، وقد قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم : "إذا استأذن أحدكم ثلاثاً، فلم يؤذن له ، فليرجع"
فقال عمر : أقم عليه البينة ، قال أبو سعيد : فقمت معه ، فذهبت إلي عمر ، فشهدت
وقد أثمرت هذه الطريقة فلم يبلغنا أن أحداً كذب علي الرسول صلي الله عليه وسلم في ععهد الخلفاء الراشدين ، وهذا راجع لهذا المنهج القويم ، ولأن الصحابة الكبار متواجدون بكثرة وهيبتهم تملأ القلوب ، ولأن الكاذب يسهل اكتشاف كذبه
تدوين السنة النبوية :
لم تدون السنة في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم وفي عهد الصحابة في مدونات جامعة لسببين :
1- أنهم كانوا في ابتداء الحال قد نهوا عن ذلك ، كما ثبت في صحيح مسلم ، خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن.
2- لسعة حفظهم وسيلان أذهانهم ، ولأن أكثرهم كانوا لا يعرفون الكتابة.
ولكن لم يمنع هذا أن يوجد أفراد من الصحابة كانوا يكتبون السنة لأنفسهم
0 التعليقات:
إرسال تعليق