- النُظم وليدة المبادئ والمبادئ إذا ما زالت تقوضت أركان النظم والحضارات الخفية
تُقبل الجماعات دائماً علي أولئك الذين يحدثونها عن الحقائق المطلقة ، وعلي من يود أن يكون رجل دولة ، أن يعلم كيف ينفذ روح الجماعة ويدرك أحلامها ، ويترك المجردات الفلسفية
الجماعات تبغي الحرية بحرارة في الظاهر ، والجماعات ترفض الحرية علي الدوام في الحقيقة ، فتطلب من الدولة بثبات أن تصنع لها قيوداً ، والجماعات تطيع بعمي أكثر الطغاة غموضاً وأضيق المستبدين نظراً، وأما المتفيهقون الذين يعتقدون قيادتهم للجماعات مع أنهم يسيرون وراءها علي العموم فإنهم يخلطون ، ما يحفزها دائماً إلي تبديل سيدها من النزق وعدم الصبر بروح الاستقلال الحقيقية ، التي تحول دون الخنوع لأي سيد كان .
النظام القيصري شديد الملائمة لخسيس الاحتياجات في الأمم التي هي في دور الانحطاط ، وتنجذب هذه الأمم إلي ريش خوذة أي قائد كان ، فإذا كانت الأمة في ذلك الوضع جائتها ساعتها وأنقضي زمنها.
فمن الدولة يُطلب ماتثقل وطأته كل يوم من التنظيم والحماية وما يتناول أدق شؤون الحياة من الشكليات البيزنطية الجائرة ، وتعدل الشبيبة بالتدريج عن الأعمال التي تتطلب تمييزاً ومبادرة ونشاطاً وجهوداً شخصية وإرادة ، وتفزع الشبيبة من أصغر التبعات ، وتكتفي الشبيبة بأحقر مناصب المستعمرات ولا يعمر المستعمرات غير الموظفين ، وتبصر لدي رجال الدولة قيام المناقشات الشخصية الفارغة إلي الغاية مقام النشاط والعمل ، وتبصر لدي الجموع قيام الحماسات أو الغضبات مقام النشاط والعمل ، وتبصر لدي المثقفين قيام ضرب من الحنو الدامع العاجز الغامض وقيام المناقشات الكامدة حول بؤس الحياة مقام النشاط والعمل ، وتبصر في كل مكان أثرة لا حد لها ، وعاد الفرد لا يبالي بغير نفسه وتُلقي الوجدانات سلاحها ، وتهبط الآداب العامة وتنطفئ مقداراً فمقداراً
النظام العسكري وحده هو الذي يستطيع أن يكون مؤثراً في في ذلك علي كل حال.
فمن أسباب النهوض الرئيسية عند الأمم التي يعتريها الوهن هو تنظيم الخدمة العسكرية العامة الشديدة فيها وكونها مهددة بحروب طاحنة دائماً .
15/02/2009
السنن النفسية لتطور الأمم - جمل مختارة 5
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق