قوانين الطبيعة البشرية 8
الخطوة الثانیة: احذر العوامل المسببة للإثارة والتأجيج
تستمر العواطف منخفضة الدرجة بالتأثیر في تفكیرنا، وهي تنشأ من دوافعنا؛ ومثال ذلك: الرغبة في أفكار ممتعة مرضیة تشعرنا بالراحة، أما العواطف مرتفعة الدرجة فهي تأتي من لحظات معینة، تصل فیها إلى ذروة متفجرة، ویحفزها شيء خارجي في العموم، مثل شخص ینال منا، أو ظروف معینة تحیط بنا، ویكون مستوى التهیج عالیًا، ویتوجه إلیه كل انتباهنا، وكلما زاد تفكیرنا في العاطفة زاد اضطرامها، وهو ما یجعلنا نزداد عنایة بها أكثر وأكثر، وهكذا دوالیك، وتدخل عقولنا في تلك العاطفة، فیصبح كل شيء یذكرنا بغضبنا وانفعالنا، ونصبح سریعي الاستجابة، وبما أننا لا نستطیع تحمل التوتر الذي یجلبه علینا ذلك فغالبًا ما تبلغ العاطفة مرتفعة الدرجة ذروتها في تصرف طائش له عواقب وخیمة، ووسط هجمة من هذا القبیل نشعر بأننا مسكونون، وكأن نفسًا أخرى في دماغنا استولت علینا.
ویجدر بك الحذر من هذه العوامل لتتمكن من منع عقلك من الدخول في هذه العاطفة وتحُول دون ظهور تصرف منك تندم علیه طیلة حیاتك، كذلك علیك أن تحذر من اللاعقلانیة مرتفعة الدرجة عند الآخرین؛ فإما أن تبتعد عن طریقهم، أو تعمل على إعادتهم إلى الواقع.
1- النقاط المحفزة من الطفولة المبكرة:
في سنوات الطفولة الأولى كنا في حالتنا الأكثر حساسیة وهشاشة، وكان لعلاقتنا مع أبوینا الأثر الكبیر فینا؛ كلما أوغلنا في الزمن الماضي، ویمكن أن یقال الأمر نفسه عن أي تجربة شدیدة مبكرة، وهذه الجروح ومواطن الضعف فینا تبقى مدفونة في أعماق عقولنا، ونحاول أحیانًا كبت ذاكرتنا التي تأتي على هذه التأثیرات إذا كانت سلبیة؛ أو المخاوف؛ أو المهانات، لكنها أحیانًا ذكریات تترافق بعواطف إیجابیة، من تجارب الحب ولفت الانتباه، ونرید دائمًا استرجاعها، وفي وقت متأخر من حیاتنا یأتي شخص أو حدث فیحفز ذاكرتنا، لنتذكر هذه التجربة الإیجابیة أو السلبیة، ومع هذه الذكرى تنطلق هرمونات أو مواد كیمیائیة فعالة (تؤثر فینا).
ولنأخذ على سبیل المثال شابا له أم بعیدة عنه ونرجسیة، فعندما كان رضیعًا ثم طفلًا صغیرًا عانى من جفائها بهجرها له، وبما أنها كانت تهجره فذلك یعني بأنه لم یكن جدیرًا بحبها إلى حدٍّ ما، أو لنفترض قدوم أخ جدید له، جعل الأم تقلل من اهتمامها به، فأخذ یشعر بهجرها له على نحو مماثل (للفرضیة الأولى؛ بأنها نرجسیة)، وتمضي به الحیاة، لیقع في حب امرأة، لكنها ربما تلمِّح إلى عدم رضاها عن شيء من خصاله أو فِعاله؛ وكل ذلك في علاقة حب ناجحة، فیقدح ذلك فیه نقطة تحفیز؛ إنها تلاحظ عیوبه،وهو یتصور أن ذلك مقدمة لهجرها إیاه، ویشعر باندفاع شدید للعاطفة، یجعله یحس بخیانة وشیكة، وهو لا یرى مصدر هذه العاطفة؛ فهي خارج نطاق سیطرته، ویبالغ في رد فعله، ویوجه الاتهامات، ویقوم بالانسحاب، وكل ذلك إنما یؤدي به إلى الأمر نفسه الذي یخشاه: وهو الهجران.
لقد كانت استجابته ناتجة عن أفكار في عقله، لا عن حقائق الواقع، وهذه قمة اللاعقلانیة.
والطریقة التي تلاحظ بها ذلك في نفسك -وفي الآخرین-
هي بالانتباه إلى السلوكیات التي تغدو فجأة سلوكیات خرقاء في شدتها، وتبدو بخلاف الشخصیة. وسیمكِّنك ذلك من التركیز على أي عاطفة رئیسة، وقد تكون تلك العاطفة هي الخوف؛ الخوف من فقدان السیطرة، والخوف من الإخفاق؛ ففي هذه الحالة تكون استجابتنا بالانسحاب من الوضع ومن حیاة الآخرین، كحال طفل ینزوي بكُرةٍ یلعب بها، فإذا جلب الخوف الشدید مرضًا مفاجئًا معه فسیدفعنا إلى مغادرة الحیاة بكل بساطة، وقد تكون تلك العاطفة الحب؛ فنبحث باستماتة عن إعادة إنشاء علاقة أبویة أو أخویة وثیقة في الزمن الحاضر، حفزها عندنا شخص ذكَّرنا بطریقة مبهمة بفردوسنا الضائع، وقد تكون تلك العاطفة هي الریبة المفرطة، التي نشأت من شخصیة نافذة في الطفولة المبكرة خیبت آمالنا أو خانت ثقتنا، وغالبًا ما یكون ذلك هو الأب، وكثیرًا ما یحفز ذلك موقفًا متمردًا مفاجئًا.
ویكمن الخطر الأكبر هنا أننا بإساءة فهمنا الزمن الحاضر، واستجابتنا لشيء من الزمن الماضي، فإننا إنما ننشئ صراعًا، وخیبات أمل، وریبة، تزید جراحنا عمقًا، وفي بعض الأحیان نكون مبرمَجین لنكرر تجربتنا الأولى في الزمن الحاضر، والشيء الوحید الذي نحمي به أنفسنا من ذلك هو إدراكه وهو یحدث، فبإمكاننا اكتشاف نقطة تحفیز عن طریق اختبار العواطف البدائیة الغریبة التي تكون أكثر إزعاجًا من غیرها من العواطف المعتادة، فتلك العواطف تسبب ذرف الدموع، أو الاكتئاب العمیق، أو الآمال المفرطة؛ والناس الذین یعانون من هذه العواطف غالبًا ما تكون لدیهم إیماءات ونبرة صوت مختلفة جدا، وكأنهم یسترجعون بأجسامهم لحظة من باكورة حیاتهم.
ووسط هذه الهجمة، علینا أن نكافح لتحریر أنفسنا منها، والتأمل في مصدرها المحتمل؛ ألا وهو الجرح الذي أصابنا في بدایة حیاتنا، والأنماط التي حبستنا داخلها، وهذا الفهم العمیق لأنفسنا ومواطن ضعفنا هو خطوة رئیسة باتجاه السیر في طریق العقلانیة.
2- المكاسب والخسائر المفاجئة:
یمكن أن یحمل النجاح المفاجئ، أو المكاسب المفاجئة، أشد الخطر علینا، فمن وجهة نظر علم الأعصاب، تنطلق في الدماغ مواد كیمیائیة تسبب صعقة في التهیج والطاقة، ویفضي ذلك إلى الرغبة في تكرار التجربة، وقد یكون في ذلك بدایة لنوع من الإدمان والسلوك المهووس، كذلك فعندما تأتي المكاسب فجأة ترانا ننزع إلى فقدان رؤیة الحكمة الأساسیة في أن النجاح الحقیقي الذي یدوم فعلًا لا بد له أن یأتي بالعمل الجاد؛ فلا نأخذ في حسباننا دور الحظ في هذه المكاسب المفاجئة، وترانا نحاول مرة بعد أخرى أن نستعید تلك القمة بكسب الكثیر من المال، أو كسب الكثیر من الانتباه، وتملؤنا مشاعر العظمة، فنصبح رافضین بخاصة لأي شخص یحاول تحذیرنا، وترانا نقول: إنه لا یفهم، نحن أدرى بأنفسنا؛ ولأن ذلك لا یمكن أن یدوم یأتي السقوط المحتم الذي یكون بغایة الإیلام لنا، فیعیدنا إلى أیام الاكتئاب، وعلى الرغم من أن لاعبي القمار هم الأكثر عرضة لهذا الأمر، فإنه ینطبق بالدرجة نفسها على رجال الأعمال في الفقاعات
الاقتصادیة، وینطبق على الأشخاص الذین یحظَون فجأة باهتمام العامة.
أما الخسائر غیر المتوقعة، أو سلسلة الخسائر غیر المتوقعة فهي تحدث استجابات
(لاعقلانیة) بالقدر نفسه؛ فقد نتصور أنه قد أصابتنا لعنة الحظ العاثر، وبأنه سیدوم معنا إلى الأبد، فنصبح خائفین، ومترددین؛ فیقودنا ذلك إلى ارتكاب مزید من الأخطاء، والوقوع في المزید من العثرات؛ وفي مجال الریاضة نرى هذا الأمر یسبب ما یدعى الاختناق، وذلك عندما تثقل الخسارات والإخفاقات السابقة على العقل فتقیده.
والحل هنا بسیط: فكلما مررت بمكاسب أو خسائر غیر معتادة فإن تلك هي اللحظة المناسبة للتریث، وموازنتها بشيء من التشاؤم أو التفاؤل الضروریین، فكن على حذر شدید من النجاح المفاجئ، ولفت الانتباه المفاجئ؛ فهما لا یقومان على قواعد ثابتة دائمة،ولهما جاذبیة تسبب الإدمان، و(لاتنس أن) السقوط مؤلم دومًا.
3- الضغط المتزاید:
یبدو الناس من حولك بصورة عامة عقلاء، ویتحكمون بحیاتهم، لكنك إذا وضعت أحدهم في ظروف عصیبة، فیها ضغط متزاید علیهم، فستجد حقیقةً أخرى لهم؛ فسیزول قناع ضبط النفس اللطیف، وسیندفعون فجأة غاضبین، لیكشفوا عن اضطراب مذعور، ویصبحوا مفرطي الحساسیة، وتافهین غالبًا، فبتأثیر الضغط أو أي خطر كان تستثار الأجزاء البدائیة في الدماغ، وتضطرم، فتتغلب على القوى المنطقیة عند الناس، والحق أن الضغط أو التوتر یمكن أن یكشفا عیوبًا في الناس یحرصون على إخفائها عن الأعین، ومن الحكمة في كثیر من الأوقات مراقبة الناس في هذه اللحظات؛ لیكون ذلك تحدیدًا طریقة للحكم على شخصیتهم الحقیقیة.
وكلما لاحظت ارتفاع مستویات الضغط والتوتر في حیاتك فإن علیك أن تراقب نفسك بحرص؛ فترصد أي إشارات على وهن ذریع، أو حساسیة مفرطة، أو شكوك مفاجئة، أو مخاوف أكبر من الظروف التي تمر بها، ولتكن ملاحظتك نابعة من أكبر قدر ممكن من الحیاد من جانبك، واختر الوقت والمكان المناسب لتكون وحیدًا (تتأمل في نفسك)، وستحتاج إلى منطلق تنطلق منه، فلا تتصور أبدًا أنك شخص بإمكانه الصمود في مقاومة الضغط دون أن تظهر منك نزوة عاطفیة، فذلك مستحیل؛ لكنك بالوعي الذاتي والتأمل تستطیع كبح جماح نفسك عن اتخاذ قرارات ستندم علیها.
4- أفراد مستفزون:
هناك أناس في هذا العالم یمیلون بطبیعتهم إلى تحفیز عواطف قویة في كل من یقابلونه تقریبًا، وتتنوع هذه العواطف بین المبالغة في الحب، إلى المبالغة في الكراهیة،
إلى المبالغة في الثقة، إلى المبالغة في الریبة، ومن أمثلة ذلك في التاریخ ما كان من الملك داود في الكتاب المقدس (أسفار أهل الكتاب)، وألكیبیادس في أثینا القدیمة، ویولیوس قیصر في روما القدیمة، وجورج دانتون أیام الثورة الفرنسیة، فقد كان لهذه الأصناف من الناس درجة من الجاذبیة؛ فكانت لدیهم القدرة على التعبیر بصورة بلیغة عن العواطف التي یشعرون بها، وكان ذلك یثیر حتمًا عواطف مماثلة في الآخرین، إلا أن بعضهم یمكن أن یكون أیضًا نرجسیا تمامًا؛ فهم یطرحون مشكلاتهم ومسرحیاتهم الداخلیة إلى الخارج، فیأسرون الآخرین باللغط الذي یحدثونه، ویؤول ذلك إلى مشاعر عمیقة بالانجذاب إلیهم عند بعض الناس، ومشاعر عمیقة بالنفور منهم عند آخرین.
وأفضل ما تكتشف به هؤلاء المستفزین عن طریق (مراقبة) كیفیة تأثیرهم في الآخرین
لا في نفسك وحسب، فلا یمكن لأحد أن یبقى غیر مكترث بهم، ویجد الناس أنفسهم غیر قادرین على تبریر وجود مسافة تفصلهم عنهم إذا حضروا، ولا الابتعاد عنهم، وهم یجعلونك تفكر فیهم بلا انقطاع عندما یغیبون عنك؛ فلدیهم طبیعة استحواذیة، ویمكن أن یوجهوك إلى ارتكاب تصرفات متطرفة سواء كنت تابعًا مخلصًا لهم، أو كنت عدوا لدودًا لهم، وعلى أي من طرفي النقیض كنت -فكنت من أصحاب الانجذاب إلیهم أو من أصحاب النفور منهم– فإنك ستمیل إلى سبیل اللاعقلانیة، وستكون بحاجة ماسة إلى إبعاد نفسك عنهم؛ ومن الطرق التي تنفعك في ذلك أن تنظر إلى ما وراء المظهر الذي یبرزونه، وهم یحاولون بلا شك أن یظهروا صورة أكبر من الحیاة ذات طبیعة أسطوریة رهیبة؛ لكن الواقع أنهم جمیعًا بشریون تمامًا، وتملؤهم المخاوف نفسها ومواطن الضعف نفسها التي نملكها جمیعًا، فحاول أن تدرك هذه القسمات البشریة تمامًا
وتنزع عنهم صورتهم الأسطوریة.
5- تأثیر الجماعة:
هذا هو النوع مرتفع الدرجة من الانحیاز للجماعة؛ فعندما نكون في جماعة كبیرة بدرجة كافیة نصبح مختلفین (عما نحن علیه)، وراقب نفسك والآخرین في حدث ریاضي، أو في حفل موسیقي، أو في تجمع دیني أو سیاسي؛ فمن المستحیل ألا تشعر بأنك مأخوذ بالعواطف الجماعیة، وتزداد سرعة نبضات قلبك. وتوشك دموع الفرح أو دموع الحزن أن تغرغر في عینیك؛ فعندما تكون في جماعة لا یتحفز المنطق المستقل عندك؛ بل تتحفز عندك رغبة جامحة للانتماء إلى الجماعة، وهذا یمكن أن یحدث بصورة مماثلة في أوساط العمل؛ وبخاصة إذا كان من یقود العاملین یتلاعب بمشاعرهم لحثهم على التنافس، أو كشف رغباتهم العدوانیة، أو تحریكهم بمعادلة: نحن وهم، ولا یتطلب تأثیر المجموعة بالضرورة حضور الآخرین، فهو یمكن أن ینتشر بالعدوى، كمثال انتشار بعض الآراء في وسائل التواصل الاجتماعي، وتأثیرها فینا؛ الذي یظهر برغبتنا في مشاركة تلك الآراء مع الآخرین، وتكون غالبًا آراء حادة، من
قبیل السخط.إلا أن هناك جانبًا إیجابیا مفرحًا في إثارة العواطف الجماعیة، ویكمن في كیفیة مسارعتنا إلى القیام بشيء في مصلحة الجماعة، لكنك إذا لاحظت انجذابًا إلى عواطف شریرة؛ من قبیل كراهیة الآخرین، أو الوطنیة المسعورة، أو العدوانیة، أو النظرة الجارفة إلى العالم؛ فعلیك تحصین نفسك، والنظر إلى ما وراء الجاذبیة القویة وهي تؤثر فیك، والأفضل لك في غالب الأحوال أن تتجنب بیئة الجماعة إذا أمكنك، لتحافظ على قواك المنطقیة؛ أو تدخل في تلك اللحظات وأنت تحمل معك الكثیر من الارتیاب.
واحذر من الغوغائیین؛ الذین یستغلون تأثیر الجماعة لتحریض موجات من اللاعقلانیة؛ فمن المؤكد أنهم یلجؤون إلى مكائد محددة؛ ففي أوساط الجماعة، یبدؤون بتحمیة الحشود، فیتحدثون عن أفكار وقیم یؤمن بها الجمیع، وبذلك یحدِثون شعورًا بالرضا والموافقة، ثم یعولون على الإبهام بعبارات حمَّالة أوجه، فیها كلمات لها طبیعة عاطفیة من قبیل: العدالة، والحق، والوطنیة. وتراهم یتحدثون عن أهداف نبیلة مجردة، لا عن حل مشكلات بعینها بأفعال ملموسة.
،ویحاول الغوغائیون في السیاسة والإعلام، أن یثیروا إحساسًا مستمرا بالهلع والإلحاح،
والسخط؛ فعلیهم أن یحافظوا على ارتفاع المستویات العاطفیة، وبوسعك أن تقي نفسك منهم ببساطة: فانظر إلى قواك المنطقیة، وقدرتك على التفكیر في مصلحتك بأنها أغلى ما تملكه، وارفض أي تدخل كان من الآخرین في عقلك المستقل، وعندما تشعر بحضور الغوغائیین ضاعف من حذرك والنظر في نفسك.
كلمة أخیرة بشأن اللاعقلانیة في الطبیعة البشریة: لا تتصور بأن الأنماط المتطرفة من اللاعقلانیة قد جرى التغلب علیها بطریقة ما نتیجة تقدم البشر وتوعیتهم، فنحن نشهد عبر التاریخ دورات متواصلة من صعود وانخفاض مستویات اللاعقلانیة؛ فالعصر الذهبي العظیم لبیریكلیس -بما فیه من فلاسفة، وبدایات أولى للروح العلمیة-
تبعه عصر من الخرافة، والطائفیة، والتعصب، وهذه الظاهرة نفسها حدثت بعد عصر النهضة في إیطالیا، فهذه الحلقة التي تتكرر مرة بعد أخرى، هي جزء من الطبیعة البشریة.
ویغیِّر أصحاب اللاعقلانیة مظهرهم وأسالیبهم ببساطة، وربما لم نعد نستطیع تتبعهم فعلیا، إلا أننا كنا في القرن العشرین، وذلك زمن لیس ببعید، قد شهدنا المحاكمات
الصوریة لستالین، وشهادة مكارثي في مجلس الشیوخ الأمریكي، وأعمال الاضطهاد الضخمة أیام الثورة الثقافیة في الصین. وهناك طوائف عبادة متنوعة تستمر بالظهور منها طوائف عبادة الشخصیة، وطوائف عبادة الولع بالمشاهیر (وما أكثرها الیوم)؛
وما دام البشر موجودین فإن اللاعقلانیة ستجد من یرفع رایتها، وستجد لنفسها وسائل تنتشر بها؛ أما العقلانیة فهي شيء یطلبه الأفراد، لا الحركات الجماهیریة، ولا التقدم التكنولوجي. وشعورك بالتفوق وما یتعدى ذلك هو علامة أكیدة على أن اللاعقلانیة تفعل فعلها فیك.
0 التعليقات:
إرسال تعليق