21‏/02‏/2021

قوانين الطبيعة البشرية 26

 قوانين الطبيعة البشرية 26


مفاتیح الطبیعة البشریة

على مر آلاف السنین، كنا نؤمن نحن البشر بالقدَر: إنه قوة من نوع ما من الإله تدفعنا للتصرف بطریقة معینة، فعند ولادتنا تكون مصائرنا في حیاتنا قد تحددت مسبقًا؛ فیقدَّر لنا النجاح أو الإخفاق، إلا أننا الیوم ننظر إلى العالم بصورة مختلفة؛ فبتنا نؤمن بأننا نتحكم إلى حدٍّ كبیر بما یحدث لنا؛ أي أننا نصنع مصائرنا بأیدینا. لكننا بین حین وآخر یداخلنا إحساس عابر، یشبه ما كان یحس به أسلافنا ولا شك، فقد تسوء بعض علاقاتنا الشخصیة، أو ترتطم حیاتنا المهنیة بعائق یعرقل مسیرتها؛ وهذه المصاعب تشبه بصورة غریبة شیئًا حدث معنا فیما مضى من حیاتنا، أو ترانا ندرك أن طریقتنا في العمل على مشروع ما بحاجة إلى شيء من التحسین؛ فبوسعنا أن نقوم بأعمالنا على نحو أفضل مما نقوم به، ونحاول تغییر طرائقنا، لكننا لا نجد أنفسنا إلا ونحن نقوم بالأعمال نفسها، بالطریقة نفسها بالضبط، ونحصد النتائج نفسها تقریبًا؛ فلعلنا نشعر للحظة بأن قوة في العالم -من نوع ما- ترید بنا السوء، ربما هي لعنة ما، تدفعنا إلى أن نعیش الأوضاع نفسها مرة بعد مرة.

 

ویمكننا أن نلاحظ في كثیر من الأحیان هذه الظاهرة بوضوح كبیر في تصرفات الآخرین، وبخاصة القریبین منا؛ فعلى سبیل المثال، نرى أصدقاءنا یقعون باستمرار في أسر إنسان لا یناسبهم بالمرة، أو نراهم بلا وعي منهم یُبعدون عنهم الإنسان المناسب لهم، وترانا نجفل من تصرف أحمق لهم؛ من قبیل مشروع استثماري في غیر محله، أو خیار لهم في حیاتهم المهنیة؛ ثم لا یلبثون یكررون تلك الحماقة بعد بضع سنوات، حالما ینسون ما مرُّوا به، أو لعلنا نعرف أحدًا من الناس، یتصرف بالإساءة دائمًا إلى آخر یجدر به ألَّا یسيء إلیه، وفي وقت یجدر به ألَّا یسيء إلیه فیه؛ فینشئ لنفسه أعداء أینما حل وارتحل، أو ترى أحدهم ینهار في الشدائد، وبالطریقة نفسها دائمًا؛ إلا أنه یلقي باللائمة فیما حدث على الآخرین، أو على حظه العاثر، ونحن نعلم أیضًا بحال المدمنین الذین لا یخرجون من إدمانهم إلا لیعودوا إلیه مرة أخرى، أو لیعودوا إلى الإدمان على شيء آخر، ونرى هذه المشكلات عندهم ولا یرونها؛ لأنه ما من أحد یحب أن یظن بأنه یعمل تحت نوع من الإكراه فوق مستوى تحكمه، فتلك فكرة مزعجة للغایة.

 

ولو كنا صادقین مع أنفسنا، لكان علینا أن نعترف بأن هناك شیئًا من الحقیقة في مفهوم القدَر؛ فنحن میالون إلى تكرار القرارات نفسها، والطرائق نفسها، في التعامل مع المشكلات التي تواجهنا، فهناك نمط تسیر علیه حیاتنا؛ یتضح بخاصة في أخطائنا وعثراتنا، إلا أن هناك طریقة مختلفة للنظر إلى هذا المفهوم: فلیست الأرواح أو الأرباب من یتحكم بنا؛ بل هو الطبعُ فینا.

ویعود أصل كلمة طبْع(كارَكتر) إلى الیونانیة القدیمة؛ وهو یشیر إلى آلة النقش والأختام، وبذلك فإن الطبع شيءٌ متأصل فینا عمیقًا، أو مطبوع داخلنا، یجبرنا على التصرف بطرق معینة، دون وعي منا، وبلا تحكم منا، وبإمكاننا تصوُّر هذا الطبع وكأن فیه ثلاث مكونات أساسیة، وكلٌّ منها ترقد فوق الأخرى، لتمنح للطبع عمقه.

 

وأولى الطبقات تشكُّلًا وأعمقها، تأتینا من مورثاتنا؛ من الطریقة التي رُكِّب بها دماغ كلٍّ منا؛ وهي التي تجعلنا میالین إلى مزاجات بعینها، وخیارات دون أخرى. ویمكن للطبقة الوراثیة أن تجعل بعض الناس یمیلون إلى الاكتئاب مثلًا. ویمكنها أن تجعل بعضهم یحبون الخَلْوة، وتجعل آخرین یحبون العِشْرة، حتى إنها یمكن أن تدفع بعضهم إلى أن یصبح من أهل الجشع؛ الجشع في لفت الانتباه، أو في الحصول على الامتیازات، أو في الاستحواذ على الممتلكات، وتعتقد المحللة النفسیة میلاني كلاین التي درست الأطفال الرضَّع، أن نمط الجشع والطمع عند الأطفال یهیئهم ، لتكون هذه السجیة في طبعهم. وقد تكون هناك عوامل وراثیة أخرى أیضًا تدفعنا إلى

العدوانیة، أو القلق، أو الانفتاح.

 

أما الطبقة الثانیة التي تتشكل فوقها فهي آتیة من سنواتنا الأولى في الحیاة، ومن النوع الخاص من التعلق الذي أنشأناه مع أمهاتنا، ومن یقدمون لنا الرعایة؛ ففي السنوات الثلاث أو الأربع الأولى تكون أدمغتنا مطواعة إلى حدٍّ كبیر؛ فنشعر بالعواطف على نحو مركَّز كثیف، فتخُطُّ في أدمغتنا آثارًا لذكریات أعمق من كل ما سیمر بنا، وفي هذه المرحلة من حیاتنا نكون أشد تأثرًا بالآخرین؛ ویُختَم فینا طابع المرحلة عمیقًا في داخلنا.

وقد درس جون بولبي المحلل النفسي العالم بتطور النوع البشري، درس أنماط التعلق بین الأمهات وأطفالهن، وخلُص إلى أربعة أنماط أساسیة؛ هي:

الحریة أو الاستقلالیة الذاتیة، والإهمال، والتناقض، والتشویش،

 ویأتي طابع الحریة، أو الاستقلالیة الذاتیة، من الأم التي تعطي طفلها الحریة في استكشاف نفسه، وتحس على الدوام باحتیاجاته؛ وهي كذلك تحمیه، أما الأم المهملة فهي غالبًا بعیدة عن طفلها، حتى إنها أحیانًا تكون عدائیة معه وترفضه، ویُختَم هذا الطفل بطابع الشعور بالهجران، وفكرة أن علیه دائمًا الدفاع عن نفسه، وأما الأم المتناقضة فلا تثبت على موقف في اهتمامها

بطفلها؛ فأحیانًا تحفُّ به، وتفرط في العنایة به، وأحیانًا تبتعد عنه بسبب مشكلاتها الخاصة أو بسبب أمور تقلقها، ویمكن أن تجعل طفلها یشعر بأن علیه العنایة بها؛ وهي التي كان یفترض أن تعتني به، وأما الأم المشوَّشة فهي تبعث إلى طفلها إشارات متضاربة إلى حدٍّ كبیر؛ تُظهر بها الفوضى الداخلیة في نفسها، وربما تُظهر بها صدمات عاطفیة قدیمة، وهي ترى أن كل ما یفعله طفلها خاطئ؛ ویمكن أن تتطور عند هذا الطفل مشكلات عاطفیة خطیرة.

 

ونجد طبعًا درجاتٍ كثیرة في كل نمط من الأنماط السابقة، ونقاطَ اتصال فیما بینها، لكن في كل الأحوال؛ تنشئ فینا نوعیةُ تعلُّقِنا بأمهاتنا في سنواتنا الأولى میولًا عمیقة في داخلنا؛ وبخاصة في الطریقة التي نستخدم بها علاقاتنا للتعامل مع الضغوط والشدائد التي تواجهنا، أو تلطیفها؛ فعلى سبیل المثال نرى الطفل الذي له أبوان مهملان یمیل إلى تجنب أي نوع من الحالات العاطفیة السلبیة، وینأى بنفسه عن مشاعر الاتكالیة، وربما یجد صعوبة في الالتزام بعلاقة اجتماعیة أو عاطفیة، أو لعله بلا وعي منه ینفِّر الناس منه، أما طفل الأم المترددة فسیعاني من قدر كبیر من القلق في علاقاته، وسیشعر بعواطف متضاربة كثیرة، وهو دائم التردد مع الناس؛ وهذا الأمر یوجد أنماطًا ملفتة في حیاته؛ فنراه یلاحق الناس مهتما بهم، ثم یتراجع بلا وعي منه فلا یعود یكترث بهم.

وبصورة عامة، نرى الناس منذ سنواتهم الأولى في طفولتهم، یُظهرون درجة معینة من طباعهم؛ من العدائیة والعدوانیة، والأمان أو الطمأنینة والثقة، والقلق واجتناب الناس، والبؤس والتردد. وهاتان الطبقتان عمیقتان فینا جدا، بحیث إنه لیس لدینا إدراك واعٍ حقیقي بهما، ولا بالسلوك الذي تفرضانه علینا؛ إلا إذا بذلنا جهدًا عظیمًا في تفحص أنفسنا.

 

وفوق تلكما الطبقتین هناك طبقة ثالثة، تتشكل من عاداتنا وتجاربنا مع تقدمنا في العمر؛ فبناءً على الطبقتین الأولیین ترانا نمیل إلى الركون إلى أسالیب معینة في مواجهة الضغوط والشدائد، أو في البحث عن السرور والبهجة، أو في معاملة الناس.

 

وتصبح هذه الأسالیب عاداتٍ عندنا، تترسخ في شبابنا. وتحدُث تعدیلات في الطبیعة الخاصة لطبعنا، تعتمد على الناس الذین نعاملهم -من الأصدقاء، والمعلمین، والمحبین- وعلى كیفیة استجابتهم لنا، لكن بصورة عامة ترسخ هذه الطبقات الثلاث أنماطًا واضحة فینا، فترانا نتخذ قرارات بعینها، ویكون ذلك منقوشًا في أعصاب أدمغتنا. وترانا مكرهین على ما نفعله أو نكرره؛ لأن مساره في الأعصاب مزروع فینا، ویغدو الأمر عادةً لنا، ویصاغ طبعنا من آلاف هذه العادات، وتترسخ فینا أُولى هذه العادات قبل أن نعي وجودها.

 

وهناك كذلك طبقة رابعة، وغالبًا ما تتطور هذه الطبقة في مراحل الطفولة المتأخرة

والمراهقة؛ حیث یصبح المرء مدركًا لنقائص طبعه، فیقوم بما في وسعه لإخفائها، وإذا أحس أنه في أعماقه شخص قلق هیَّابٌ (جبان)، فإنه یدرك أن هذه السجیَّة غیر مقبولة اجتماعیا، فتراه یتعلم تمویهها بمظهره، فیعوضها بمحاولة الظهور بمظهر الإنسان الاجتماعي الودود، أو السعید خالي البال، أو حتى المستبد المتعجرف، وهذا الأمر یصعِّب علینا كثیرًا تحدیدَ طبعه.

 

ویمكن أن تكون بعض سجایا الطبع إیجابیة، وتُظهر القوة الداخلیة، فعلى سبیل المثال نرى بعض الناس میالین إلى السماحة والانفتاح، أو نراهم یشعرون بشعور الآخرین، أو یتحلون بالجلَد في مواجهة الشدائد، إلا أن خصال القوة والمرونة هذه لا بد لها غالبًا من أن یعیها المرء، ویمارسها، لتصبح عادات فعلیة عنده، یمكنه الاعتماد علیها. ومع تقدمنا في العمر، یغلُب أن تضعفنا الحیاة، فیغدو من الصعب علینا الاحتفاظ بتعاطفنا . وإذا كنا سمحاء بصورة تلقائیة، ومنفتحین مع كل من نلتقیهم فیمكن أن ینتهي الأمر بنا إلى الوقوع في مشكلات كثیرة؛ فالثقة بالنفس التي یعوزها الوعي الذاتي وضبط النفس، یمكن أن تتحول إلى هوس العظمة؛ فمن دون الجهد الواعي تمیل نقاط القوة هذه إلى الذبول والوهن، أو تتحول إلى نقاط ضعف، وهذا یعني أن أضعف الأجزاء في طبعنا هي الأجزاء التي تنشأ منها العادات والسلوكیات القهریة؛ لأنها لا

تتطلب جهدًا، أو ممارسة، للعنایة بها.

ونذكر أخیرًا، أنه قد تتطور عندنا سجایا متضاربة في طبعنا، لعلها تنبثق من الاختلاف بین نزعاتنا الوراثیة وتأثیرات الطفولة المبكرة فینا، أو من آبائنا وأمهاتنا الذین غرسوا فینا قیمًا مختلفة، وقد نشعر بالمثالیة والمادیة معًا، نشعر بهما تتصارعان في داخلنا. إلا أن القاعدة في ذلك واحدة؛ فالطبع المتضارب الذي تطور في السنوات الأولى من العمر، سیكشف ببساطة عن نمط آخر، تكون فیه قرارات المرء میالة إلى التردد، أو التأرجح جیئة وذهابًا.

 

ومهمتك وأنت تدرس الطبیعة البشریة لها شقَّان : أولهما: أن علیك أن تدرك طبعك أنت، وتتفحص بأفضل ما یمكنك عناصر من ماضیك، كان لها دور في تشكله، وتتفحص الأنماط السلبیة في أكثرها، التي تراها تتكرر في حیاتك، ویستحیل علیك التخلص من هذه السجایا التي تؤلف طبعك؛ فهي عمیقة جدا، إلا أنك بإدراكك لها، یمكن أن تتعلم التخفیف من أنماط سلبیة معینة، أو التوقف عنها، وبإمكانك أن تعمل على تحویل الجوانب السلبیة والضعیفة في طبعك لتصبح نقاط قوة حقیقیة لك، وبإمكانك أن تحاول إیجاد عادات وأنماط حیاتیة جدیدة، تقرنها بالممارسة، فتقوم بصوغ طبعك بصورة فعالة، وتحدد مصیرك المصاحب له.

 

والشق الثاني: هو أن علیك أن تطور مهارتك في قراءة طبع الناس الذین تعاملهم؛

ولتقوم بذلك لا بد لك من أن ترى في الطبع قیمة أساسیةً؛ في اختیارك الشخص الذي ستعمل عنده، أو معه، أو اختیارك شریك حیاتك؛ وهذا یعني أن تعطي الطبع قیمة أكبر من جاذبیة المرء، أو ذكائه، أو سمعته، وتعَدُّ قدرتك على مراقبة طباع الناس -مما تراه في تصرفاتهم وسلوكیاتهم- مهارة اجتماعیة في غایة الأهمیة، فبإمكانها مساعدتك في الابتعاد تمامًا عن صنوف القرارات التي توجد لك سنوات من الشقاء عند اختیارك قائدًا غیر كفء، أو شریكًا غامضًا، أو مساعدًا ماكرًا، أو زوجة (أو زوجًا)تحوِّل حیاتك إلى سجن، إلا أنها مهارة لا بد لك من أن تطورها بوعي؛ لأننا نحن البشر بصورة عامة نصدر أحكامًا طائشة في تقییمنا للناس.

 

والمصدر العام لهذا الطیش في إصدار الأحكام هو میلنا إلى بناء أحكامنا (على الناس)على ما هو ظاهر منهم بجلاء، لكن -وعلى نحو ما أشرنا إلیه سابقًا- الغالب في الناس أنهم یحاولون إخفاء مواطن ضعفهم، بإظهارها كأنها أمور إیجابیة، فنراهم مُترَعین بالثقة بالنفس، ولا نلبث أن نكتشف بعد ذلك أنهم في واقع الأمر من أصحاب الغرور والغطرسة، ولا قدرة لدیهم على الاستماع، أو نرى منهم الصراحة والصدق، لكننا بمرور الزمن ندرك أنهم في حقیقة الحال من أهل الفظاظة وغلظة القلب، ولا قدرة لهم على التبصر في مشاعر الآخرین، أو یبدون لنا من أهل الحصافة والرصانة، لكننا بعد حینٍ نكتشف أنهم فعلیا هیَّابون جبناء في قرارة أنفسهم، یخشون أقل ملاحظات الانتقاد لأفكارهم وتصرفاتهم. ویمكن للناس أن یكونوا بارعین في إنشاء هذه الخدع البصریة، وننخدع نحن بهم، وعلى نحو مشابه نرى الناس یأسروننا، ویمتدحوننا، فتعمینا رغبتنا في محبتهم، وتخور قدرتنا عن النظر عمیقًا فیهم لرؤیة عیوب طباعهم.

ویتصل بهذا الأمر، أننا عندما ننظر إلى الناس فالغالب أن ما نراه فعلًا سمعتهم، والأسطورة التي تحیط بهم، والمنصب الذي یشغلونه؛ ولا نرى الفرد بذاته فیهم؛ فترانا نظن أن من حالفه النجاح لا بد أن یكون بطبیعته إنسانًا سمحًا، وذكیا، وطیبًا، وأنه یستحق كل ما ناله؛ إلا أن الناجحین لهم صور شتى، فترى بعضهم یجید استغلال الآخرین للوصول إلى حیث وصل، مخفیًا عدم جدارته بما وصل إلیه، وترى بعضهم یلوذ بمحض المكر والخدیعة؛ فللناجحین عیوب كثیرة؛ ككثرتها عند غیرهم تمامًا، كذلك یحدونا الاعتقاد بأنه إذا اعتنق امرؤٌ من الناس دینًا معینًا، أو اتبع معتقَدًا سیاسیا ما، أو التزم بقوانین أخلاقیة محددة، فإنه لا بد أن یكون متوافقًا في نفسه مع ذلك؛ إلا أن الناس یجلبون طباعهم معهم إلى المنصب الذي یشغلونه، أو الدین الذین یمارسونه ولا یتمثلون طباعًا جدیدة، فقد یكون المرء تقدمیا تحرریا، أو متدینًا عطوفًا، لكن صدره یخفي طاغیة مستبدا.

 وهكذا فإن الخطوة الأولى في دراستك لطباع الناس، هي أن تدرك حقیقة هذه الخدع والمظاهر، وتدرب نفسك على النظر إلى ما وراءها، ولا بد لك من أن تتمعن في الناس بحثًا عن علامات على طباعهم، ولا تلتفت إلى المظهر الذي یقدمونه لك، ولا إلى المنصب الذي یشغلونه، فإذا ترسخ هذا في عقلك، فبإمكانك حینئذ أن تعمل على جملة من المكونات الأساسیة لهذه المهارة؛ فتمیز علامات معینة یصدرها الناس في أوضاع معینة، وتكشف بوضوح عن طباعهم؛ وتفهم بعض التصنیفات العامة التي یندرج فیها الناس مثال ذلك: الطبع السلیم مقابل الطبع السقیم، وتدرك أخیرًا أنماطًا معینة من الطباع غالبًا ما تكون أكثرها سما، ولا بد لك من اتقائها؛ إن أمكنك ذلك.

0 التعليقات: