قوانين الطبيعة البشرية 33
الاستنتاج: لعل الناس یشیرون إلى كل ذلك بأنه برهان على أننا نحن البشر نتحول، لنصبح أكثر صدقًا وإخلاصًا؛ إلا أن طبیعة البشر لا تتغیر في غضون بضعة أجیال؛ فالناس لم یصبحوا أكثر وضوحًا وصراحة بسبب دعوة أخلاقیة عمیقة؛ بل بسبب ازدیاد انشغالهم بأنفسهم، وبسبب الكسل الحاصل عندهم بالمجمل، فلا یحتاج منك أي جهد أن تكون أنت نفسَك ببساطة، أو تنشر رسالتك. وانعدام بذل الجهد یؤدي ببساطة إلى انعدام التأثیر في الطبیعة النفسیة للآخرین، وذلك یعني أن المهتمین بك سیكون اهتمامهم هزیلًا للغایة، وسرعان ما ینتقل اهتمامهم عنك ولن تعرف السبب في ذلك. ولا تأخذ بالمواعظ الیومیة البسیطة التي تحثك على الصدق على حساب جعل نفسك مرغوبًا في نظر الناس؛ بل اذهب في الاتجاه المعاكس، فوجود قلة قلیلة جدا من الناس الذین یفهمون فن جعل النفس مرغوبة یمنحك فرصًا لا حصر لها لتظهر بریقك، وتستغل المخیلات المكبوتة في أذهان الناس.
أسالیب استثارة الرغبة:
إن الأساس في جعل هذا القانون من قوانین الطبیعة البشریة مفیدًا لك هو أن تجعل نفسك وتجعل ما تصنعه محط رغبة الآخرین، وفي الحالة الطبیعیة تكون حبیس أفكارك وأحلامك، وتتصور أن على الناس أن یحبوك ویحترموك لما أنت علیه، وتعتقد أن ما یخرج على یدیك لا بد له أن یكون مثیرًا للناس بطبیعته؛ إلا أن الآخرین لا یرون شیئًا من ذلك، فما یرونه هو أنك مجرد إنسان من الناس، وبما أنك إنسان عادي فأنت لا تحرك فیهم الفضول والإثارة، أو اللامبالاة، أو حتى العداء، فهم لا یرون عندما یرونك إلا مخیلاتهم وأفكارهم المسبقة بشأنك، وعندما یعرَض عملك للعامة فإنه یكون أیضًا غرضًا منفصلًا كل الانفصال عن آمالك وأحلامك، ویحرك عواطف واهنة أو عواطف قویة، إلى درجة أنك ترى نفسك، وما صنعته، أغراضًا یفهمها الناس بطریقتهم الخاصة؛ إلا أنك تملك القوة على تغییر فهمهم، وجعل تلك الأغراض رغائب لهم.
ونذكر فیما یأتي ثلاثة أسالیب رئیسة لإنشاء هذه الرغائب:
1- اعرف كیف تنسحب، ومتى تنسحب؛ فهذا هو جوهر هذا الفن، فأنت لدیك حضورٌ
یراه الناس، ویفسرونه، فإذا كان حضورك واضحًا جدا، وكان بمقدور الناس قراءتك وفهمك بسهولة بالغة، وكنت تُظهر احتیاجاتك على نحو جليٍّ ساطع؛ فإنهم بلا وعي
منهم سیأخذون في التقلیل من احترامك بدرجة ما؛ وبمرور الوقت سیتلاشى اهتمامهم بك، فلا بد لحضورك أن یكون فیه لمسة من الفتور، وكأنك تشعر أن بإمكانك أن تمضي في حیاتك مستغنیًا عن الآخرین، وهذا الأمر یعطي للناس إشارة بأنك ترى في نفسك شخصًا یستحق التقدیر، مما یرفع قیمتك في أعینهم بلا وعي منهم، ویجعلهم یریدون ملاحقتك، وهذه اللمسة من الفتور هي أول صور الانسحاب التي علیك أن تتدرب علیها.
2- أضف إلى ذلك شیئًا من التبلد والغموض بخصوص ما أنت علیه. ولا تترك آراءك،
وقیمك، وأذواقك، واضحة كل الوضوح أمام أعین الناس؛ فهذا الغموض یعطیهم مساحة
ذهنیة لیقرؤوا منك ما یریدونه، ولعلك ترى نجوم الأفلام السینمائیة متمرسین في هذا المجال، فهم یحولون وجوههم وحضورهم إلى شاشات، یرى الناس فیها مخیلاتهم الخاصة، وما ستفعله بصورة عامة هو إنشاء جوٍّ من الغموض من حولك، واجتذاب التفسیرات لك
.
فإذا أحسست أنك قد دخلت في تصورات الناس، وعلقَت صنارتك فیهم فعلیك أن تحسن استخدام حضورك وانسحابك، فلا تكن كثیر الحضور، وربما یمضي یوم بأكمله أو أسبوع دون أن تحضر، وبذلك تحدِث شعورًا بالفراغ داخل الآخرین؛ إنها لمسة ألم، فها أنت بغیاباتك تلك تشغَل مقدارًا یكبر ویكبر من المساحة الذهنیة في عقولهم، فیصبحون وقد ازدادوا رغبةً فیك، لا زهدًا بك.
وقد لعب هذه اللعبة مایكل جاكسون بصورة مثالیة على الصعید الاجتماعي؛ فكان یدرك بعمق أخطار إشباع السوق بموسیقاه، وظهوره في المناسبات
العامة، فكان یوزع إصدارات ألبوماته الموسیقیة، لیجعل العامة تواقین إلى المزید منها، وكان یدیر بحرص وتیرة مقابلاته وعروضه، ولم یتحدث قط عن معاني كلمات أغانیه، ولم ینشر یومًا أي رسالة صریحة له. وكان عنده إعلامیون یسربون له بین الفینة والأخرى بعض الأخبار التي تحیط به إلى الصحافة؛ من قبیل استخدامه حجرات الضغط العالي من الأكسجین طریقةً للمحافظة على الشباب الدائم، ولم یكن هو یثبت هذه الأخبار أو ینكرها؛ فتشتعل حمَّى الصحف. لقد كان شخصًا یشعل شرارة الأخبار
والشائعات، دون أن یكون شيء منها متماسكًا ملموسًا، وبهذا التملص المخطط له، جعل من نفسه محط رغبة باستمرار؛ لأن الناس یریدون أن یزدادوا معرفة به، ویریدون الحصول على موسیقاه وأغانیه.
ویمكنك بما تنتجه من عمل، أن تصنع تأثیرات مشابهة لیشتهي الناس عملك؛ فاترك دائمًا تقدیمك لعملك ورسالتك مفتوحین نسبیا ملتبسین لا حدود واضحة لهما. وهكذا یقرأ الناس في عملك تفسیرات مختلفة، ولا تحددْ لهم بدقة كیفیة أخذهم به، أو طریقة استخدامه. وهذا هو السبب الذي جعل مؤلَّفات الكتَّاب المسرحیین الكبار من أمثال شكسبیر وتشیخوف؛ تبقى حیةً قرونًا كثیرة، وتحافظ على نضارتها وإثارتها؛ فكل جیل یقرأ في مؤلفاتهم ما یریده، وكان هؤلاء الكتاب یصفون عناصر سرمدیة في الطبیعة البشریة، دون إصدار أحكام، ودون توجیه جمهور القرَّاء بما علیهم أن یشعروا به أو یفكروا به. فلیكن ذلك نموذجًا لك في كل ما تصنعه.
ولا تنس الأمر الآتي: كلما ازداد نشاط تصوراتنا، ازدادت المتعة التي نجتنیها منها، فعندما كنا أطفالًا، ویعطَى واحدنا لعبة لها تعلیمات وقواعد محددة واضحة فإنه لا یلبث أن یفقد اهتمامه بها؛ لكن إذا كانت اللعبة شیئًا یبتكره بنفسه، أو كانت ذات بنیة متراخیة، تمكِّنه من وضع أفكاره ومخیلته فیها فإنه یبقى مهتما بها زمنًا أطول. وعندما نشاهد لوحات من الرسم التجریدي تحرض فینا أحلامًا أو خیالات، أو نشاهد فیلمًا یصعب علینا تفسیره، أو نسمع طرفة أو نشرة دعائیة ملتبسة، فإننا نحن من نقوم بعملیة التفسیر، ونجد أن من الممتع لنا أن نكون قادرین على إعمال تصوراتنا بهذه الطریقة. وما تریده من عملك الذي تصنعه، هو أن تستثیر هذه المتعة عند الناس؛ إلى أقصى درجة.
3- اصنع التنافس في الرغبة: لم تكن رغبة الإنسان یومًا ظاهرة فردیة؛ فنحن كائنات
اجتماعیة، وما یریده أحدنا، یُظهر في الأعم الأغلب ما یریده الآخرون، وهذا أمرٌ نابع من سنواتنا الأولى في الطفولة؛ فقد رأینا الاهتمام الذي كان بوسع آبائنا تقدیمه لنا وهو أول رغبة لنا اشتهیناها، حیث نرید كل ما یقدمونه، وإذا كان لأحدنا إخوة یحصلون على الكثیر من اهتمام الأبوین فذلك یعني اهتمامًا أقل به، ویصبح لزامًا علیه أن یتنافس معهم ومع غیرهم، لیحصل على الاهتمام والعاطفة، وإذا رأى إخوته أو أصدقاءه یحصلون على شيء ما؛من - هدیة أو خدمة- فإن ذلك یوقظ فیه رغبة تنافسیة للحصول على الشيء ذاته، وإذا كان شيء ما أو شخص ما غیر مرغوب من الآخرین، فإننا نمیل إلى أن نرى فیه شیئًا لا یستحق الاكتراث له، أو شیئًا كریها، فلا بد من أن فیه مشكلة ما.
ویغدو ذلك نمطًا نعیشه في حیاتنا، ویكون أكثر وضوحًا عند بعضنا، وفي العلاقات العاطفیة لهؤلاء من أصحاب الرغبة الطاغیة نرى الرجال منهم لا یؤخذون إلا بنساء مرتبطات بغیرهم؛ وكذلك حال النساء مع الرجال؛ فهم إنما یرغبون فیما رغب فیه غیرهم، فرغبتهم تتمثل في انتزاع ذلك الغرض المحبوب، والانتصار على الغریم؛ وهو توجه لا شك أن له جذورًا في طفولتهم.، وإذا كان هناك أناس یكسبون مالًا بوسیلة جدیدة ما ترى هؤلاء لا یریدون مشاركتهم في رزقهم وحسب؛ بل یریدون أیضًا احتكار السوق. وهناك آخرون من أصحاب الرغبة الطموحة یكون الأمر عندهم أقل وضوحًا من أولئك، فتراهم یجدون ما بأیدي الناس شیئًا یبدو مثیرًا، وتقتصر رغبتهم على مشاطرتهم إیاه والمشاركة في تجربته دون أخذه من أیدي الآخرین. وفي الحالتین مع أصحاب الرغبة الطاغیة، وأصحاب الرغبة الطموحة، فإننا عندما نرى أشخاصًا أو أشیاء -یرغب بها الآخرون- فإن ذلك یرفع من قیمتها في نظرنا.
فعلیك أن تتعلم استغلال ذلك، فلو استطعت بطریقة ما أن تحدِث انطباعًا بأن الآخرین لدیهم رغبة فیك، أو في عملك، فإنك ستجتذب الناس للسیر في تیَّارك دون أن تتلفظ بكلمة، ودون أن تفرض نفسك علیهم؛ فهم من سیأتون إلیك، فعلیك أن تسعى بكل وسیلة لتحیط نفسك بهذه الهالة الاجتماعیة، أو على الأقل تصنع وهمًا بوجود هذه الهالة من حولك.
وبإمكانك أن تصنع هذا التأثیر بطرق متعددة، فبإمكانك النجاح في ذلك بأن تجعل الغرض
الذي تریده أن یكون رغیبة من رغائب الناس یُرَى في كل مكان، أو یُسمَع عنه في كل مكان، حتى لو شجعتَ الآخرین على تزویره إذا لزم الأمر؛ على نحو ما فعلتْ شانیل، وإیاك أن تتدخل بصورة مباشرة. فإذا أحسنت القیام بالأمر فإنك بذلك تشعل -ولا محالة نوعًا-
من الاجتذاب بالعدوى، وبإمكانك تسریع هذه العملیة، عن طریق تغذیتها بشائعات أو أخبار عن الغرض الذي تریده أن یكون رغیبة للناس تبثُّها في الوسائل الإعلامیة المختلفة، وسیبدأ الناس بالحدیث عنه، وینتشر التأثیر الذي ترومه بانتشار كلامهم، وحتى ما یظهر من ملاحظات سلبیة، أو جدل بشأنه، سیكون مفیدًا لك؛ وهو أحیانًا أكثر فائدة من المدیح نفسه، فهو یعطي غرضك میزة استفزازیة
بتخطِّیه الحدود، وعلى أي حال فإن الناس تستهویهم السلبیات، وصمتك أو عدم صراحة رسالتك سیشعل حمَّى تلفیق الأخبار والتفسیرات بین الناس، وبإمكانك أیضًا أن تجعل
أناسًا من ذوي الأهمیة أو التأثیر یتحدثون عن غرضك؛ لإضرام لهیب الرغبة فیه، فما تعرضه یقولون فیه بأنه جدید، وثوري، وشيء لم یسبق لأحد أن رآه أو سمع به؛ وهكذا تتاجر في المستقبل، تتاجر في توجهات الناس، وفي مرحلة معینة سیشعر عدد كبیر من الناس بالانجذاب، فیكونون غیر راغبین في البقاء خارج التیار؛ وهو أمر سیجذب آخرین أیضًا إلى تیَّارك، والمشكلة الوحیدة في هذه اللعبة، هي أن هناك في عالم الیوم منافسات كثیرة على هذه التأثیرات المعدِیَة، وأصبح جمهور العامة متقلبًا إلى حدٍّ كبیر جدا، فعلیك ألا تكون خبیرًا وحسب في إحداث هذه التفاعلات المتسلسلة؛ بل علیك أن تكون خبیرًا أیضًا في تجدیدها، أو إحداث تفاعلات متسلسلة أخرى.
أما فیما یخص شخصك أنت فلا بد لك من أن تُظهر أن الناس یرغبون فیك، وأن لك ماضیًا لیس بالماضي الطویل الذي یثیر الریبة، لكنه ماضٍ یكفي لإعطاء إشارة بأن هناك آخرین وجدوك مرغوبًا، وعلیك أن تكون في إشارتك هذه غیر مباشر، وأنت تریدهم أن یتسامعوا بأخبار ماضیك، وتریدهم أن یشاهدوا فعلیا الاهتمام الذي تحصل علیه من النساء أو الرجال؛ وكل ذلك دون أن تنبس ببنت شفة، وأي تبجُّح أو إشارة صریحة في ذلك ستبطل التأثیر الذي تسعى إلیه.
وفي أي وضع تفاوضي تكون فیه علیك أن تحرص جاهدًا على أن تأتي بطرف ثالث أو رابع ینافس للحصول على خدماتك، لتنشئ تنافسًا في الرغبة، وهذا الأمر یرفع من قیمتك أو قیمة منتجاتك على الفور، لا في الفوز بالمنافسة وحسب؛ بل أیضًا في حقیقة أن الناس سیرون أن الآخرین یشتهون قربك أو تملُّك منتجاتك.
استخدم التخلیق: لعلنا نظن أننا نعیش في عصر فیه قدر عظیم من الحریة، بالمقارنة بالعصور الماضیة، إلا أن الواقع أننا نعیش في عالم أكثر تنظیمًا منه في أي وقت مضى؛ فكل حركة نتحركها هناك من یتعقبها بالإشارات الإلكترونیة، وهناك قوانین تزید كثرتها على أي وقت مضى، وتحكُم كل جوانب تصرفات الإنسان، أما اللباقة الاجتماعیة
أو السیاسیة، وهي موجودة دائمًا، فلعلها أكثر كثافة في أیامنا بسبب مقدار انكشافنا الكبیر في وسائل التواصل الاجتماعي، ویشعر معظمنا في سریرته بأنه منزعج، أو مقموع، بجمیع هذه القیود على تحركاتنا الجسدیة والذهنیة، فترانا نتوق إلى ما یتخطى الحدود الموضوعة لنا. وما أسهل أن ننجذب إلى كلمتي نعم أو لا؛ المكبوتتین فینا.
وعلیك أن ترفق غرضك بشيء یكون فیه -دائمًا- شيء من التحریم، أو شيء من المخالَفة للتقالید، أو شيء من التطور السیاسي. وقد قامت شانیل بذلك في دعوتها السافرة إلى الثیاب المخنثة (المترجِّلة)، واستهزائها بالفوارق بین الذكور والإناث، ویعدُّ الصراع بین الأجیال مادة مواتیة لهذا الأمر في كل حین؛ فینبغي لما تقدِّمُه أن یناقض بوضوح ما كان علیه الجیل السابق المحافظ.
ومن الرغبات المحرَّمة التي یتشاطرها أكثر الناس: اختلاس النظر؛ فاختلاس النظر في الحیاة الخاصة للآخرین ینتهك محرَّمات اجتماعیة صارمة في الخصوصیة، ومع ذلك یشعر الجمیع بما یجذبه لرؤیة ما یجري خلف الأبواب المغلقة، ویعتمد المسرح والأفلام السینمائیة على هذه الرغبة في اختلاس النظر، فتراهم یضعوننا داخل غرف الناس، فنجرب الأمر وكأننا نتجسس على الناس فعلیا، ویمكنك أن تدمج ذلك فیما تعمله بإعطائك انطباعًا بأنك تكشف سرا ینبغي ألَّا یعرفه الناس حقیقةً، وقد یغضب منك بعض الناس؛ إلا أنهم جمیعًا سیعتریهم الفضول، وقد یكون ذلك سرا عن نفسك، وعن كیفیة إنجازك ما قمت به، أو سرا عن الآخرین، وما یحدث خلف الأبواب المغلقة لأصحاب النفوذ، والقوانین التي یعملون وفقًا لها.
وفي أي مناسبة تظهر فیها ینبغي لما تقدِّمه أن یكون جدیدًا، وغیر مألوف، وغیر عادي، أو على الأقل تعرضه كأنه كذلك، وسترى أن تناقضه مع ما هو موجود حوله، مما هو تقلیدي خامل للغایة، هو ما سیصنع فیه جاذبیة التشهي.
وأخیرًا، أظهر للناس إمكانیة الحصول على ما لا یمكن الحصول علیه، أو الحصول على ما هو مستحیل. فالحیاة ملأى بجمیع أسباب الإزعاج، وأنواع المصاعب. ولِتكون إنسانًا ثریا، أو ناجحًا، علیك أن تبذل جهدًا عظیمًا؛ فنحن قابعون داخل سجن طباعنا ولا یمكننا التحوُّل لنكون غیر ما نحن علیه، ولا یمكننا استعادة شبابنا الضائع، أو صحتنا التي فقدناها معه. وكل یوم یمضي علینا یقرِّبنا من لُقْیا حتفنا، وذلك هو منتهى حیاتنا. لكن غرضك الذي تریده أن یكون محط رغبة للناس، یجب أن یقدم للناس تخیلًا بأنه الطریق السریع المؤدي إلى الغنى والنجاح، أو استعادة الشباب الضائع، أو التحول إلى شخص جدید، أو حتى التغلب على الموت نفسه
وسیستحوذ على الناس الطمع بهذه الأشیاء وما شابهها؛ لأنها أشیاء یرونها مستحیلة جدا، فباستخدام قانون التخلیق یمكننا تصور جمیع هذه التخیلات والطرق السریعة الموصلة إلیها كحالنا عندما نتخیل الحصان الأبیض ذا القرن، فتنبت فینا الرغبة للوصول إلیها، ونتصورها
وكأننا نكاد نعایشها.
0 التعليقات:
إرسال تعليق