11‏/02‏/2021

قوانين الطبيعة البشرية 23

 قوانين الطبيعة البشرية 23


  فن إدارة الانطباعات

 

نحن نتقید في غالبیتنا بما یتوقع من أدوارنا؛ بوعي منا أو بلا وعي؛ وذلك لأننا ندرك أن نجاحنا في مجتمعنا یعتمد على هذا الأمر، وقد یرفض بعض الناس الدخول في هذه اللعبة، لكن یؤول بهم المطاف إلى التهمیش، وإجبارهم على تمثیل دور الغریب عن مجتمعه؛ الذي تكون له خیارات محدودة، وتتناقص حریته مع تقدمه في السن، وبصورة عامة، یحسُن بنا القبول ببساطة بهذه الدینامیكیة أو بهذا التلوُّن، واستخلاص شيء من المتعة منها، وعلیك ألَّا تقتصر على المظاهر الملائمة التي علیك أن تعرضها للناس، بل علیك أن تعرف أیضًا كیف تصوغها بحیث یكون لها أعظم الأثر، ویمكنك بعد ذلك أن تجعل من نفسك ممثلًا بارعًا على مسرح الحیاة، وتستمع بأوقاتك تحت أضوائه.

بعض الأساسیات في فن إدارة الانطباعات:

 

1-  اتقن الإشارات غیر اللفظية:

وعلیك بصورة عامة أن تعي أسلوبك غیر الكلامي، بحیث یمكنك بوعي منك أن تغیر جوانب معینة فیه، لتترك أكبر الأثر فیمن حولك.

 

2-  التمثیل المنهجي:

تعلَّم كیف تجعل نفسك -بوعي منك- تدخل في المزاج العاطفي المناسب عن طریق تخیُّل السبب الذي لأجله تشعر بشعور ملائم للمناسبة أو للدور الذي أنت بصدده، وتخیُّل كیف یسعُك أن تشعر بذلك الشعور، واستسلم للشعور في لحظته؛ بحیث یتلون وجهك وجسمك بصورة طبیعیة، وفي بعض الأحیان یكفیك أن تبتسم أو تعبس، لتأتیك العواطف المرافقة لهذه التعابیر، وبالقدر نفسه من الأهمیة، علیك أیضًا أن تدرب نفسك على العودة إلى التعابیر الحیادیة في اللحظات

المناسبة، فاحرص على ألا تبعد النجعة بما جاش في نفسك من العواطف.

 

3-  التكیف مع الجمهور:

علیك أن تتحلى بالمرونة؛ مع تمثلك لبعض المعاییر التي یفرضها الدور الذي تؤدیه، فكن ممثلًا بارعًا؛ كحال بیل كلینتون الرئیس الأمریكي في تسعینیات القرن الماضي] الذي لم یغفل مطلقًا عن أنه بصفته الرئیس فإن علیه أن یبرز الثقة والقوة؛ لكنه لو كان یتحدث إلى مجموعة من عمال إصلاح السیارات لقام بتعدیل لهجته وكلماته لتناسب ذلك الجمهور؛ وكذلك الأمر لو أنه كان یتحدث إلى مجموعة من مدیري الشركات، فعلیك أن تعرف جمهورك، وتصوغ إشاراتك غیر الكلامیة بأسلوبهم وذوقهم.

 

4-  إحداث الانطباع الأول الصحیح:

لقد بینَّا كم یمیل الناس إلى الحكم على المرء بالاعتماد على انطباعاتهم الأولى، وذكرنا الصعوبات التي یعانونها في إعادة تقییم هذه الأحكام. فإذا علمت ذلك، فاعلم بأن علیك أن تولي انتباها إضافیا لظهورك الأول؛ عندما تقابل شخصًا أو مجموعة من الناس. وبصورة عامة، یحسُن بك أن تخفف من إشاراتك غیر الكلامیة، وتبدي مظهرًا حیادیا؛ فالإثارة الزائدة عن حدها، تعطي إشارة بعدم الاستقرار، وربما تجعل الناس مرتابین بك. أما الابتسامات المرتاحة، والنظر إلى الناس في أعینهم في اللقاءات الأولى، فیمكن أن تصنع العجائب في تخفیف ممانعتهم الطبیعیة.

5-  استخدام التأثیرات الملفِتة:

یتضمن هذا الأمر في الغالب، التمرس بفن الحضور والغیاب. فإذا كنت كثیر الحضور، فكان الناس یرونك مرارًا وتكرارًا أو كانوا یتوقعون بدقة ما ستقوم به تالیًا، فإنهم سرعان ما یملونك، ویسأمون منك؛ فعلیك أن تعلم كیف تختار أوقات غیابك، وكیف تنظم وتیرة ظهورك للآخرین، ومتى یكون ذلك؛ لتجعلهم یرغبون برؤیتك ورؤیة المزید منك؛ لا العكس. ولتخفِ نفسك بشيء من الغموض، بإظهارك بعض الخصال المتناقضة برقة، ولا حاجة بالناس إلى معرفة كل شيء عنك، فتعلَّم أن تكتم المعلومات. وبصورة عامة، اجعل حضورك وتصرفاتك صعبًا توقعها.

 

6-  إبراز صفات القديسين:

في أي حقبة تاریخیة، هنالك قسمات معینة یمكن أن یُنظر إلیها نظرة إیجابیة دائمًا؛ فعلیك أن تعرف كیف تظهر تلك القسمات؛ فعلى سبیل المثال الظهور بمظاهر التقى له شعبیته دائمًا، ومع أن الظهور بمظهر التقى الیوم، یختلف بكل تأكید في محتواه عما كان علیه في القرن السادس عشر، إلا أن الجوهر واحد؛ حیث تقوم بتجسید ما یعدُّ خیرًا لا عیب فیه، وفي عالمنا الحدیث، فإن ذلك یعني أن علیك الظهور بمظهر التقدمي متحرر الفكر، والمتسامح واسع الصدر، والمتفتح رحب الأفق.

 

وسترغب في أن تبدو بأنك تطلق یدك في التبرع لبعض القضایا، وتدعمها في وسائل التواصل الاجتماعي. وإبرازك لخصال الصدق والأمانة یفیدك على الدوام، فبضعة اعترافات على الملأ بمواطن ضعفك، وعورات نفسك، ستقوم باللازم. ولعلَّةٍ ما، یرى الناس في الإشارات الدالة على التواضع علامة على صدق المظهر، حتى لو كان أصحابها یتظاهرون بها بكل وضوح، فتعلَّم كیف تحني رأسك بین حین وآخر، لتبدو متواضعًا. وإذا كان علیك أن تقوم بأعمال قذرة، فاجعل آخرین یقومون بها عنك. وأبق یدیك نظیفتین.

. واستخدم إشارات التسلط الملائمة، لتجعل الناس یظنون بك القوة؛ حتى قبل أن تصل إلى مجدك. فأنت ترید أن تبدو كأن النجاح قدرك ومصیرك؛ ولذلك تأثیر غامض ینفعك دائمًا.

 


وعلیك أن تدرك ما یأتي: إن كلمة الشخصیة إنما هي مشتقة من الكلمة اللاتینیة persona

 والتي تعني القناع، وجمیعنا شخصیات ترتدي الأقنعة أمام عامة الناس؛ وهذا أمر له وظیفة إیجابیة، فلو أننا أظهرنا بالضبط ما نحن علیه، وتحدثنا بما نفكر فیه بصدق، لآذینا كل الناس تقریبًا، ولكشفنا عن خصالٍ كان الأولى بنا إخفاؤها.

 

 

0 التعليقات: