المحارب 7
حياة نكرة
يعيش الشخص ضمن هذا النمط من التفكير في قلق
مستمر يتمحور هذا القلق علي مواصلة لعب
دور جيد ليقولوا عنه : إنه أب جيد ، يا لها من أم حنون ، إنه ولد صالح، إنه معلم
جيد وهذا قلق مفاده : "ماذا سيقول
عني الآخرون ؟... هل سيحترمونني ويقدرونني؟
" هل سيصفقون لي ؟ " والشخص الذي
يتحرك ضمن هذا النوع من القلق يتبني أسلوبا لإثبات وجوده ، ولكن هذا الوجود الذي
يطرحه لا يعبر عن جوهره بالمعني الحقيقي ، أنا أطلق علي هذا النمط من الحياة مصطلح
"حياة نكرة"
فالذين يواصلون حياتهم ضمن نمط " الحياة
النكرة" لايعيشون وجودهم الخاص بهم بل يسعون لتحقيق تطلعات الآخرين . نعم
هؤلاء هم الذين يمضون كامل حياتهم في الزنزانة ، أو بلغة أخري ، هؤلاء هم
المستغرقون في النوم ، ولكنهم ليسوا مدركين أنهم في زنزانة.
اليقظة
اليقظة هنا تعني القدرة علي الإدراك ورؤية ما
تنظر إليه
الغيبوبة
عندما
يقع أحد الأشخاص تحت تأثير شخص ما أو مؤسسة ما ويفقد القدرة علي استعمال
إمكانياته في البحث والتدقيق والنقد ، فإننا نقول بأن هذا الشخص يعيش في حالة
غيبوبة
يقول عالم النفس ويتزنهوفر إن حالة الغيبوبة
موجودة في كل مكان ينفذ فيه الناس الأوامر دون أن ينظروا إليها نظرة نقدية .
هل تعيش حياة نكرة ؟
كيف يمكنك أن تبرهن لي بأنني أعيش حالة
غيبوبة ؟
من
خلال البرهنة علي أنك لا تزال تعيش في زنزانة .
وكيف ستستطيع البرهنة علي أني لازلت أعيش في
زنزانة ؟
علي اعتبار أنك تعيش حياة نكرة ؟!
إنك تعيش حياة نكرة ككل الناس الذين لم
يخلقوا توازنا بين التبعية وتحقيق الذات .
فالذي يجعل من المحارب محاربا هو نظرته إلي
ذاته وإلي مجتمعه وإلي الحياة ، وكذلك فلسفة الحياة التي يتبناها وعمله وسلوكه ضمن
فلسفة الحياة هذه.
أي يجب النظر إلي تكامل شخصيته .
بداية أدرك المحارب أنه محبوس في زنزانة بعد هذه اليقظة يبدأ المحارب بالعيش عيشة
إستراتيجية ، فكل كلمة ينطق بها وكل سلوك يقوم به إنما يفعل ذلك ضمن وعي رقصة
الحياة التي توازن بين التبعية وتحقيق الذات .
أحيانا يعود المحارب إلي زنزانته برغية منه ،
ويعيش حياة طبيعية كسجين بين السجناء الموجودين في الزنزانة ، لكنه يفعل ذلك بخيار
واع لكي يحقق غاية ما . وهذا الخيار الواعي يجعله مختلفا عن بقية السجناء الآخرين
.
المحارب ليس سجيناً في زنزانة . لأنه يخلق
حياة قائمة علي خيارات اختارها بنفسه عن وعي وإدراك ، ولهذا فهو يعيش حياته كما
يريد.
إن إدراك الشخص للزنزانة الموجود داخلها عمل
يتطلب الكثير من الشجاعة.
إن نية ثقافتنا لا تصب في جهة استقلالية
الإنسان . بل تصب في جهة تبعيته للآخر وبشكل عام تبعيته لسلطة ما.
ولهذا السبب فإن ثقافتنا تُظهر الجهود التي
يبذلها شخص ما في سبيل نيله استقلاليته علي أنها سلوكيات غير سوية .
أستطيع أن أري ضرورة أن يكون المحارب شجاعا
فقبل كل شئ يجب أن لا يخشي المرء من معرفة من يكون أعتقد أن هذه هي الخطوة الأولي.
فالشجاعة هي أن يواصل المرء حياته من خلال
تحقيق ذاته دون خوف من نفسه
فالأساس الحقيقي للشجاعة يتمثل في عدم خوف
المرء من نفسه.
0 التعليقات:
إرسال تعليق