23‏/08‏/2015

مطارحات مكيافيلي 44

مطارحات مكيافيلي 44


                               أخطاء الحروب

       القلاع تبنى لغاية واحدة , هى الدفاع اما ضد الاعداء او ضد الرعايا , وهى فى الحالة الاولى لا لزوم لها وفى الثانية ضارة ومؤذية .

      لا تنفع القوة او العنف فى السيطرة على شعبك إلا فى احدى حالتين اولاهما ان يكون لديك جيش قوى تستطيع ان تزج به فى الميدان كما كان شأن الرومان وثانيتهما ان يكون شعبك قد بلغ به الانهاك والتعب وسوء التنظيم والتفرقة كل مبلغ بحيث غدا من المتعذر عليه ان يتحد ليلحق بك الأذى .

 اذ لو تمكنت حتى من إفقاره (فستظل الاسلحة فى يديه رغم تعريتك اياه) , وحتى لو جردته من سلاحه (فأن سورة غضبه عليك ستؤمن له السلاح) , ولو ذبحت قادته وقضيت على جميع مظاهر العصيان عنده , فأن قادة آخرين سيظهرون تماما كما تظهر رؤوس التنين بعد قطع رأسه .

و اذا بنيت القلاع والحصون , فأنها ستنفعك فى ايام السلم ليس إلا , اذ ستمكنك من اكتساب ما تحتاج اليه من شجاعة زائدة لتسئ معاملة رعاياك , اما فى اوقات الحرب والشدة , فأنها لن تجديك فتيلا , اذ ستتعرض الى الهجوم من ناحيتين , ناحية اعدائك وناحية رعاياك , وليس فى وسعها ان تصمد لهذا الهجوم المزدوج . وهذا الوقت الذى نعيش فيه , هو اكثر وقت فقدت فيه القلاع أهميتها بسبب اختراع المدفعية .

      الابقاء على الحاكمين فى مركز السلطان , لا يكون عن طريق القلاع و انما عن طريق ارادة الشعب .

      من خطل الرأى والسياسة الهجوم على مدينة منقسمة على نفسها أملا فى أن يؤدى انقسامها إلى تذليل احتلالها .

      تنشأ المنازعات فى الجمهوريات بسبب البطالة والتكاسل الناجمين عن السلام , وتتولد الوحدة عن الخوف والحرب .

      الطريقة المثلى التى تتبع فى مثل هذه الحالة , هى ان يحاول الخصم كسب ثقة المدينة التى تسودها التجزئة , وان يمثل دور الحكم بين الفريقين المتخاصمين فيها , طالما انهما لم يشتبكا فى صراع عملى بعد , وان يقدم عونا متأخرا الى الفريق الاضعف بعد ان يقع الاشتباك , وهدفه من ذلك , الابقاء على الصراع قائما بينهما , لإنهاكهما , ممتنعا قدر الطاقة عن اتخاذ اية اجراءات قوبة , اذ ان اتخاذها , لا يدع مجالا للشك عند اى انسان فى ان هذا الخصم يستهدف اخضاع المدينة و اعلان نفسه حاكما عليها .

      على العقلاء من الامراء وحكام الجمهوريات ان يقنعوا بالنصر , إذ عندما يبعدون عن القناعة يغدو الفشل نصيبهم دائما .

        يرجع الاستخفاف بالعدو عند الحديث عادة الى ما يبعثه النصر أو الأمل الزائف فى النصر فى نفسك من غطرسة وتكبر .

        لا يمكن لحكام الدول ان يرتكبوا خطيئة أكبر , من رفض الوصول الى تفاهم مع العدو عندما تكون قواته المهاجمة لهم اقوى بكثير من قواتهم , ولا سيما اذا جاءت عروض الصلح من العدو نفسه .


       عندما غادر هانيبال ايطاليا بعد ان قضى فيها وقتا مجيدا طال ستة عشر عاما , عائدا الى قرطاجنة تلبية لدعوة اهلها , لمساعدة بلاده , وجد صهره هاسدروبال وسفاكس , وقد هزما شر هزيمة , ووجد ان مملكة نوميديا قد ضاعت وان القرطاجيين قد حصروا ضمن اسوار مدينتهم , وقد فقدوا كل امل إلا ما يحمله لهم وهو وجيشه منه .

0 التعليقات: