17‏/08‏/2015

مطارحات مكيافيلي 27

مطارحات مكيافيلي 27


        حماة الشعب (التربيون) 

        فى كل جمهورية , يكون هناك اتجاهان مختلفان , احدهما للشعب والآخر للطبقة العالية . وان كل تشريع من التشاريع المواتية للحرية , لا ينجم الا عن الصدام الذى يقع بين الطبقتين .
        على الرغم من ان الجمهور , على حد تعبير (تالى) قد يكون جاهلا , الا انه قادر على تبين الحقيقة , وةهو على استعداد للاذعان , عندما يقوم رجل أهل للثقة يبسط الحقيقة أمامه .

         أيهما أفضل لتولى حماية الحرية : فئة النبلاء أو فئة الشعب ؟
وأيهما أكثر اندفاعا وراء خلق الفتن : الذين يملكون أو الذين لا يملكون ؟

       اما ان يكون تفكيرك محصورا فى جمهورية تتطلع الى اقامة امبراطورية , تماما كما فعلت رومة , أو ان يكون تفكيرك متجها الى جمهورية تقنع بوضعها الراهن ولا تحاول تجاوزه . وفى الحالة الاولى , عليك ان تفعل كل ما فعلته رومة . أما فى الحالة الثانية فمن السهل تقليد البندقية و اسبارطة .

        أيهما أكثر ضررا فى الجمهورية : الذين لا يملكون والذين يريدون ان يملكوا , او اولئك الذين يملكون والذين يخشون ان يخسروا ما يملكونه .

        الذين يملكون والذين لا يملكون , اى الفريقين أكثر طموحا .

        الناس يميلون الى الاعتقاد بأن ليس فى وسعهم صيانة ما بأيديهم والحفاظ عليه , إلا إذا حصلوا على المزيد على حساب الآخرين . 

        الكثيرين من الناس الذين تجمعوا حول هذه الشطآن الرملية التى تقوم عليها المدينة الآن , والذين اختاروها مقرا لهم بالنسبة الى الأسباب التى سبق لى شرحها , أخذوا يزدادون عددا , الى ان بلغوا حدا تطلب وضع الشرائع اللازمة لتنظيم حياتهم إذا أرادوا الاستمرار فيها , وهكذا ابتكروا شكلا جديدا لحكومتهم . وكانوا قد ألفوا الاجتماع الى بعضهم البعض للتحدث فى شؤون مدينتهم , 

وهكذا قرروا عندما بدا لهم ان عدد سكان المدينة اصبح كافيا لتشكيل كيان سياسى , عدم اشتراك جميع من يفد حديثا إلى المدينة للعيش فيها , فى شؤون الحكومة . وعندما وجدوا مع مضى الزمن ان هناك عددا كبيرا من السكان فى المدينة قد حيل بينهم وبين الحكم , ورغبة منهم فى اضفاء صفة الاحترام على الحاكمين , أطلقوا عليهم اسم السادة النبلاء , وعلى الباقين اسم العامة .

       كانت اسبارطة تعيش كما قلت فى ظل ملك يحكمها ويقوم الى جانبه مجلس صغير للشيوخ . وقد تمكنت من الحفاظ على نفسها بهذه الطريقة مدة طويلة .

      يعزى السبب فى هذا ان قوانين ليكيرجوس ضمنت المساواة فى الملكية دون ان تصر كثيرا على المساواة فى المراتب .

      ملوك اسبارطة رأوا ان الطريقة المثلى للحفاظ على مراكزهم هى حماية العامة من الاجحاف والظلم . وهكذا لم تخش العامة قط من السلطان كما لم ترغب فيه .


      كان من الضرورى , بالنسبة لمشرعى رومة , اذا أرادوا لمدينتهم البقاء فى هدوء ودعة , كالدول التى سبق ذكرها , ان تتبع احدى طريقتين , اما تقليد البنادقة , وعدم استخدام العامة فى الحروب , أو احتذاء حذو الاسبارطيين .

 وعدم السماح للاجانب بالوفود الى مدينتهم . وآثرت رومة أن تتبع الطريقتين فى وقت واحد .

          ولا تشن الحروب فى العادة على الدول الا لسببين اولهما , الرغبة فى إخضاعها , وثانيهما الخشية منها .

0 التعليقات: