مطارحات مكيافيلي 27
حماة الشعب (التربيون)
فى كل جمهورية , يكون هناك اتجاهان
مختلفان , احدهما للشعب والآخر للطبقة العالية . وان كل تشريع من التشاريع
المواتية للحرية , لا ينجم الا عن الصدام الذى يقع بين الطبقتين .
على الرغم من ان الجمهور , على حد تعبير
(تالى) قد يكون جاهلا , الا انه قادر على تبين الحقيقة , وةهو على استعداد للاذعان
, عندما يقوم رجل أهل للثقة يبسط الحقيقة أمامه .
أيهما أفضل لتولى حماية الحرية : فئة
النبلاء أو فئة الشعب ؟
وأيهما أكثر اندفاعا وراء خلق الفتن : الذين يملكون أو
الذين لا يملكون ؟
اما ان يكون تفكيرك محصورا فى جمهورية
تتطلع الى اقامة امبراطورية , تماما كما فعلت رومة , أو ان يكون تفكيرك متجها الى
جمهورية تقنع بوضعها الراهن ولا تحاول تجاوزه . وفى الحالة الاولى , عليك ان تفعل
كل ما فعلته رومة . أما فى الحالة الثانية فمن السهل تقليد البندقية و اسبارطة .
أيهما أكثر ضررا فى الجمهورية : الذين لا
يملكون والذين يريدون ان يملكوا , او اولئك الذين يملكون والذين يخشون ان يخسروا
ما يملكونه .
الذين يملكون والذين لا يملكون , اى
الفريقين أكثر طموحا .
الناس يميلون الى الاعتقاد بأن ليس فى
وسعهم صيانة ما بأيديهم والحفاظ عليه , إلا إذا حصلوا على المزيد على حساب الآخرين
.
الكثيرين من الناس الذين تجمعوا حول هذه
الشطآن الرملية التى تقوم عليها المدينة الآن , والذين اختاروها مقرا لهم بالنسبة
الى الأسباب التى سبق لى شرحها , أخذوا يزدادون عددا , الى ان بلغوا حدا تطلب وضع
الشرائع اللازمة لتنظيم حياتهم إذا أرادوا الاستمرار فيها , وهكذا ابتكروا شكلا
جديدا لحكومتهم . وكانوا قد ألفوا الاجتماع الى بعضهم البعض للتحدث فى شؤون
مدينتهم ,
وهكذا قرروا عندما بدا لهم ان عدد سكان المدينة اصبح كافيا لتشكيل كيان
سياسى , عدم اشتراك جميع من يفد حديثا إلى المدينة للعيش فيها , فى شؤون الحكومة .
وعندما وجدوا مع مضى الزمن ان هناك عددا كبيرا من السكان فى المدينة قد حيل بينهم
وبين الحكم , ورغبة منهم فى اضفاء صفة الاحترام على الحاكمين , أطلقوا عليهم اسم
السادة النبلاء , وعلى الباقين اسم العامة .
كانت اسبارطة تعيش كما قلت فى ظل ملك
يحكمها ويقوم الى جانبه مجلس صغير للشيوخ . وقد تمكنت من الحفاظ على نفسها بهذه
الطريقة مدة طويلة .
يعزى السبب فى هذا ان قوانين ليكيرجوس ضمنت
المساواة فى الملكية دون ان تصر كثيرا على المساواة فى المراتب .
ملوك اسبارطة رأوا ان الطريقة المثلى
للحفاظ على مراكزهم هى حماية العامة من الاجحاف والظلم . وهكذا لم تخش العامة قط
من السلطان كما لم ترغب فيه .
كان من الضرورى , بالنسبة لمشرعى رومة ,
اذا أرادوا لمدينتهم البقاء فى هدوء ودعة , كالدول التى سبق ذكرها , ان تتبع احدى
طريقتين , اما تقليد البنادقة , وعدم استخدام العامة فى الحروب , أو احتذاء حذو
الاسبارطيين .
وعدم السماح للاجانب بالوفود الى مدينتهم . وآثرت رومة أن تتبع
الطريقتين فى وقت واحد .
ولا تشن الحروب فى العادة على الدول
الا لسببين اولهما , الرغبة فى إخضاعها , وثانيهما الخشية منها .
0 التعليقات:
إرسال تعليق