مطارحات مكيافيلي 40
الاستيطانية والحرب
: أسبابها وتكاليفها
الطريقة التى شن بها الرومان حروبهم وفى
دراسة ذلك يظهر لنا على ضوء جميع الأعمال التى قاموا بها , ما كانوا يتمتعون به من
حكمة , فى مخالفة الاساليب المعروفة والمعهودة ليمهدوا لأنفسهم الطريق فى تحقيق
امجاد من الدرجة الاولى .
جعل الحروب قصيرة وساحقة .
عندما كان النصر يتحقق لهم , فأن العدو ,
رغبة منه فى منعهم من تدمير المنطقة المجاورة وتخريبها , وقطع الزرع والضرع فيها ,
كان يسارع الى صلحهم , فكان الرومان يصادرون جزءا من أراضيه التى يسلمونها , اما
الى افراد منهم لاستغلالها او الى جماعة مستوطنة (مستعمرة) يقيمونها على حدود
العدو لحماية الحدود الرومانية , مما يفيد كلا من المستوطنين الذين يملكون الارض .
والشعب الرومانى , الذى اقام له حامية هناك دون ان يتكلف شيئا للانفاق عليها ,
وليس ثمة من طريقة اكثر امنا , ولا اقوى تاثيرا ,
ولا اجزل نفعا من هذه الطريقة .
اذ طالما ان العدو يظل بعيدا عن الميدان , فأن هذه الحامية تكون كافية , اما اذا
مضى بقوات ضخمة لمهاجمة المستعمرة , فأن الرومان يزحفون بسرعة وبقوات كبيرة
ويشتبكون معه فى معركة ضارية , وعندما ينتهون من امره ويتقرر مصير المعركة بالفوز
لهم , يعودون الى رومة بعد ان يفرضوا عليه شروطا اكثر قسوة وشدة . وهكذا أخو
وبصورة متدرجة , يكتسبون سمعة أعظم من سمعة العدو , فى الوقت الذى واصلوا فيه
زيادة قوتهم فى الوطن .
مساحة الاراضى التى كان الرومان يمنحونها
الى مستعمراتهم .
الأسباب التى تدفع الشعوب إلى الهجرة من
بلادها وإلى اغراق أراضى غيرها , بالهجرات الكاسحة .
ليست الحقيقة فى ان المال هو عصب الحرب ,
لما كان من المتيسر لكل من يملك السلطة اللازمة , أن يبدأ أية حرب يشاؤها , دون ان
يتيسر له انهاؤه , فان على الحاكم قبل ان يلتزم بمثل هذه المغامرة , ان يحسب حسابا
دقيقا , ما يتوافر لديه من قوات وان يتخذ قراره على ضوء هذا الحساب .
وعلبه
بالإضافة الى هذا ان يكون حريصا فى عدم ارتكاب اية هفوة من ناحية حساب قواته , كما
قد يخطئ دائما عندما يقيم حساباته على اساس المال , أو على اساس طبيعة الارض , أو
حسن نوايا الناس , مع افتقاره من الناحية الاخرى لقواته الخاصة .
وعلى الرغم من ان
هذه العوامل تكسبك مزيدا من القوة , الا انها لا تؤمن لك بأى حال من الأحوال القوة
التى تنشدها , وقد لا تكون مجدية مطلقا أو ذات نفع اذا لم تعتمد على قواتك الامينة
. ومهما كان لديك من المال , فلا قيمة له , اذا لم تكن لديك قواتك , ولن تجديك
طبيعة البلاد شيئا , كما لن يقدر لحسن نوايا الناس ان يدوم , اذ لا يمكن لهؤلاء ان
يظلوا على ولائهم لك اذا عجزت عن الدفاع عنهم . وعندما تفتقر البلاد الى الحماة
الاقوياء , فكل جبل فيها وكل بحيرة ,
وكل معقل منيع ينقلب الى سهل منبسط ومكشوف .
ولا يقتصر اثر المال ايضا , على عدم تأمين الحماية لك , و انما يعرضك للوقوع فريسة
فى أقصى سرعة ممكنة ايضا . وليس ثمة من رأى اكثر خطأ من ذلك الذى يؤكد بأن المال
هو عصب الحروب .
الذهب لا يستطيع ان يخلق الجنود الصالحين ,
ولكن الجنود الصالحين يستطيعون العثور على الذهب .
المال لا يكون عصب الحرب , بل ان الجنود
الصالحين هم عصبها .
والذهب ضرورى , ولكن قيمته ثانوية , وفى وسع خيرة الجنود
الحصول عليه , اذ يستحيل على الجنود البواسل الفشل فى العثور على الذهب , بينما
يستحيل على الذهب العثور على الجنود البواسل .
ثلاثة امور على جانب كبير من الضرورة
للحرب , وهى وفرة الجنود البواسل , وحكمة القادة , وحسن الطالع .
من الخطأ أن تعقد حلفا مع حاكم شهرته
أعظم من قوته .
هل من الخير عندما يهددك عدو بالهجوم ان
تبدأ أنت بمهاجمته أو تنتظر نشوب الحرب ؟
يرتقى الناس من المراتب الخفيضة إلى
المراتب العالية عن طريق الحيلة لا عن طريق القوة .
0 التعليقات:
إرسال تعليق