17‏/08‏/2015

مطارحات مكيافيلي 25

مطارحات مكيافيلي 25

                    الحفاظ على الحرية فى الجمهورية

       على الجمهورية التى تطمع فى الحفاظ على حريتها ان تتخذ اجراءات احتياطية جديدة كل يوم لتحقيق هذه الغاية وما فعله كوينتوس فابيوس لاكتساب لقب مكسيوس .

       لم تكن رومة تتردد فى اصدار عقوبة قضائية بالموت على فرقة عسكرية كاملة فى وقت واحد , أو على مدينة بكاملها , ولا فى اصدار عقوبة الابعاد على ثمانية آلاف أو عشرة آلاف شخص , وان تفرض عليهم اوضاعا استثنائية , لم تكن تطبق من شخص واحد فقط , و انما من مجموعة بكاملها .

       لعل افظع الاعمال الادارية التى جرت على تطبيقها , الاقتراع عشريا على جنودها , اى ان تختار العاشر بطريق القرعة ليعدم , فليس ثمة من عقوبة اكثر ارهابا من هذه العقوبة اذ ابتكرت بقصد عقاب الجماهير . فعندما ترتكب مجموعة ضخمة من الناس اساءة او هفوة , ولا يعرف من هو مرتكبها او المسؤول عن ارتكابها , يغدو من المستحيل عقاب الجميع , اذ ان العدد كبير للغاية , ولم يكن من العدل فى شئ ان يعاقب البعض ويترك البعض الآخر , اذ ان هذا اجحاف بالمعاقبين , وتشجيع على من نجوا من العقوبة , لارتكاب الخطأ مره ثانية . اما قتل الرجل العاشر بطريقة الاقتراع عندما يكون الجميع من المذنبين , فأن من يعاقب يندب حظه , اما من ينجو من العقوبة هذه المرة , فأنه يخشى ان يتعرض لها مرة ثانية اذا اساء وشاء له الحظ ان يكون من المعاقبين .


       عندما لاحظ كوينتيوس فابيوس , فى المدة التى عمل فيها رقيبا هذا الوضع , قسم هذه المجموعة المتعددة الاجناس من الوافدين حديثا , والتى عزا اليها الاضطراب فى المدينة الى اربع (قبائل) , وبعد ان حدد بهذا الاسلوب مجال نشاطهم , حال بينهم وبين افساد رومة بكاملها . وهكذا تمكن فابيوس بعد ان ادرك ادراكا صحيحا مصدر المشكلة و اساسها , من تطبيق علاج صحيح , دون ان يبدل دستور رومة , وقد غدا هذا العلاج مقبولا لدى الاهلين بحيث أطلقوا عليه الاسم الذى يستحقه وهو مكسيموس .

انتهي الكتاب الثالث وسيبد أ الأول من التدوينة الادمة ان شاء الله
(قسم ميكافيلي كتابه ثلاث أجزاء وآثرت أن أبدا بالثالث )

0 التعليقات: