مطارحات مكيافيلي 39
الكتاب الثانى
نمو الإمبراطورية
الرومانية
يعالج الكتاب الثانى الوسائل التى
اعتمدتها رومة فى توسيع امبراطوريتها . ويستند هذا الكتاب على الوصف الذى جاء به
تيتوس ليفى , للحروب التى خاضتها رومة .
هل كانت الفضيلة أو كان الحظ السبب
الرئيسى فى حصول رومة على إمبراطوريتها .
كانت شجاعة جيوشها هى التى حملت رومة على
الحصول على إمبراطوريتها , وكانت اجراءاتها الدستورية وعاداتها الغريبة التى تدين
بوجودها الى مشروعها الأول , هى التى مكنتها من الحفاظ على ما حصلت عليه .
رومة لم تشتبك قط فى حربين كبيرتين فى
وقت واحد .
كان الرومان جد حريصين دائما على ان يكون
لهم أحد الاصدقاء فى المقاطعات الجديدة ليعمل لهم بمثابة سلم يتسلقون عليه , أو
باب ينفذون منه , أو وسيلة تمكنهم من الحفاظ عليها .
الشعوب التى تحتم على الرومان قتالها
ومدى الاصرار الذى اظهرته هذه الشعوب فى الدفاع عن حريتها .
ليس ثمة من شك فى ان المصلحة العامة لا
تراعى مرعاة صحيحة إلا فى الجمهوريات , من حيث تنفيذ كل ما يعمل على دعمها وخيرها
, ومهما خسر هذا الشخص العادى او ذلك من جراء هذه المصلحة , فإن عدد الذين ينتفعون
منها يكون كبيرا للغاية , مما يدعو الى تحقيق المصلحة العامة على الرغم من تلك
الفئة القليلة التى قد تعانى من نتائجها .
عندما يحل نظام الطغاة محل الحكم
الذاتى , فإن أقل ما يفعله هذا الطغيان من شرور هو التوقف عن التقدم وعن النمو فى
مضمارى السلطان والثراء , مع العلم ان ما يحدث على الغالب ,
بل اكثر من المعتاد ,
هو ان يبدأ عهد التدهور والانحطاط . و اذا شاء القدر ان يظهر طاغية ذو كفاية ,
يمتاز بالحيوية و الفراهة فى الحرب , ويقوم هذا الطاغية بتوسيع ممتلكاته , فأن الفوائد
التى تجنى من هذا التوسع لن تعود الى الدولة و انما له هو , اذ انه لا يستطيع
اضفاء اوسمة الشرف على المواطنين الشجعان والاختيار من الذين يتحكم فى مصائرهم
بطغيانه ,
لإنه لا يريد ان يجد مبررا لديه للشك فى امرهم . وهو لا يستطيع ايضا ان
يسمح للمدن التى يستولى عليها , بأن تبدى خضوعها او تصبح تابعة للمدينة التى
يحكمها هو بطغيانه , لان تقوية هذه المدينة ليس من مصلحته فى شئ . فمصلحته تقضى
بالإبقاء على الدولة مجزأة بحيث لا تقر كل مدينة او مقاطعة إلا بوجوده هو كحاكمه
الأوحد . وبهذه الطريقة وحدها يستطيع الانتفاع هو بشخصه لا ببلاده من ممتلكاته
الجديدة . و اذا أراد انسان ان يتأكد من هذا الرأى بمجموعة من الحجج الأخرى , فان
عليه ان يقرأ اكزونوفون فى رسالته عن قتل الطغاة .
الأمير الذى يجعل منك فردا من رعاياه ,
فلا يقدم على هذا إلا اذا كان متوحشا يخرب البلاد , ويدمر كل ما قام به الانسان من
عمل للحضارة , كما يفعل امراء المشرق تماما .
غدت رومة مدينة عظيمة عن طريق تحطيمها
المدن التى كانت حولها , وسماحها للأجانب بالوصول بسهولة إلى أوسمة الشرف عندها .
على اولئك الذين يخططون لتحويل مدينة الى
امبراطورية عظيمة ان يلجأوا إلى كل وسيلة متوافرة لهم , ليحشروا فى مدينتهم اكبر
عدد من السكان , اذ ما لم تكن المدينة تضم عددا ضخما من السكان .
ما يحدث فى الدين واللغة من تبدلات مع
الكوارث التى تحل من فيضانات واوبئة تعفى على آثار الماضى وسجلاته .
0 التعليقات:
إرسال تعليق