مطارحات مكيافيلي 28
أهمية المقاضاة العلنية فى الحفاظ على الحرية
فى الجمهورية
مثل هذا التنظيم فائدتان نافعتان كل النفع
فى حياة الجمهوريات . اما الفائدة الاولى , فهى ان هذا التنظيم , يحمل المواطنين ,
خوفا من القضاء والاتهام , على تجنب القيام بأى عمل يضر بمصلحة الدولة . والفائدة
الثانية , فهى ان يؤمن المتنفس للمشاعر السيئة التى قد يحس بها الأهلون فى بعض
المدن تجاه مواطن معين , لسبب او لآخر , وقد تنمو مع الزمن , واذا تعذر وجود هذا
المتنفس , تفاقمت المشاعر الى الحد الذى يدفعها الى القيام بأعمال غير طبيعية ,
وبأساليب شاذة قد تطيح بالجمهورية كلها فى مهاوى التهلكة , والكارثة .
لجوء الجمهوريات الى خلق متنفس مشروع
لغضب الجماهير.
عندما تستدعى فئة من الناس تقيم فى مدينة
من المدن القوى الاجنبية لمساندتها , فان من المسلم به ان هذا الاستدعاء ناجم عن
النقس الموجود فى دستور تلك المدينة , من حيث عدم توفيره المنظمة التى تؤمن
المتنفس لأحاسيس الشر التى يتعرض لها جميع الناس , والذى يغنيهم عن اللجوء ال
الاعمال غير الدستورية .
التشهير ضار بالجمهوريات
بقدر
ما فى الاتهام العلنى من
فائدة
ان الكنز الذى جمع ليقدم الغاليين , لم
يعط لهم حقا , و انما اغتصبه بعض المواطنين العاديين , فإذا ما استعيد هذا الكنز ,
امكن استخدامه فى المصلحة العامة , اما
بتخفيف عبء الضرائب عن كواهل العامة , او فى اداء بعض الديون الخاصة المعينة . وقد
أثر هذا القول تأثيرا كليا على العامة الذين شرعوا يعقدون الاجتماعات ويثيرون
الكثير من الفتن فى المدينة وفقا لأهوائهم .
وقد اغضبت هذه الحالة مجلس الشيوخ ,
الذى رأى فيها قضية خطرة وبالغة الأهمية , فعين ديكتاتورا عهد اليه بمعالجة الوضع
, ووضع حد لحماقة مانليوس . ودعا الديكتاتور تبعا لذلك مانليوس للظهور علنا امام
الجميع , وتقابل الرجلان , الديكتاتور يحيط به النبلاء , و مانليوس وقد التف من
حوله ابناء العامة . وطلب الديكتاتور الى مانليوس , ان يعلن اسم من يضعون ايديهم
على الكنز كما قال , وذلك لأن مجلس الشيوخ كان لا يقل رغبة عن العامة فى معرفة ذلك
. ورد مانليوس فلم يدل بأية تفاصيل , وحاول التملص من الموضوع , قائلا انه لا يشعر
بضرورة ابلاغ النبلاء بشئ لا يجهلونه . وامر الديكتاتور , بعد ذلك بزجه فى غياهب
السجن .
ليس ثمة من سبيل أفضل لمنع التشهير , من
ايجاد منظمة تؤمن التسهيلات اللازمة لتقديم الاتهامات العلنية , وذلك لأن
الاتهامات نافعة للجمهوريات بقدر ما هو التشهير ضار ومؤذ .
يجب على كل من يتولى اقامة جمهورية , ان
يخطط لها بطريقة تسمح بتوجيه الاتهام العلنى الى اى مواطن , دون خشية , ودون
احترام لشخصه .
وعندما توفر الامكانات لمثل هذا الاجراء , ويسمح بتطبيقه بصورة
صحيحة , فأن من الضرورى جدا عقاب المشهرين .
من الضرورى ان يكون كل من يرغب فى اقامة
حكومة جديدة أو يود اصلاح حكومة قائمة اصلاحا كليا يتجاهل منظماتها القديمة أن
يكون صاحب السلطة المطلقة .
0 التعليقات:
إرسال تعليق