مطارحات مكيافيلي 21
هل المناوشات ضرورية
قبل المعركة ولماذا ؟
وعند تقرير الاستغناء عنها يجب
الكشف
عن وجود قوات معادية جديدة
على الذين وجدوا انفسهم فى القتال مع
عدو جديد اكتسب شهرة حربية سابقة , ان يعملوا قبل الاشتباك معه فى معركة حاسمة على
السماح لجنودهم بمناوشته فى قتال جزئى لاختبار مدى قوته , حتى اذا ما اكتسب هؤلاء
الجنود بعض المعرفة عنه , وعن طريقة مقاتلته , زالت المخاوف الناجمة عن شهرته
ومكانته . ولا ريب فى ان القيام بهذا العمل فى منتهى الأهمية بالنسبة الى القائد ,
اذ ان فى هذا السبيل شيئا يشبه الضرورة , يدفعك الى اتباعه وسلوكه , اذ لا تعجز عن الادراك بأنك تعرض نفسك بوضوح
للكارثة اذا اشتبكت مع العدو , دون ان تؤمن لرجالك بعض الخبرة المسبقة التى تحررهم
من ذلك الخوف الذى أثارته شهرة العدو فى أفئدتهم .
هناك خطر عظيم فى حالة إصابة جنودك
بالهزيمة فى هذه المناوشات من زيادة مخاوفهم وجبنهم , وهكذا تحصل على عكس التأثير
الذى ترغب فيه .
عندما ساءت احوال الرومان بعد هزيمة
كانيه , امتنعوا عن مساعدة الكثيرين من رعاياهم ومن تابعيهم , طالبين اليهم ان
يدافعوا عن انفسهم , ما امكنهم سبي الى ذلك الدفاع . ولا ريب فى ان هذا المسلك خير
من تولى الدفاع عن الحلفاء , ومن ثم التخلى عنهم , لأن من يتبع الطريق الثانى يفقد
حلفاءه وقواته على حد سواء , بينما لا يفقد متبع المسلك الأول الا الحلفاء .
من الضرورى القيام بعمل قبل خوض
المعركة ينتزع من قلوب رجاله الفزع الذى سيطر عليها خوفا من العدو , فوضع جيشه
كقائد حكيم عاقل , اكثر من مرة فى مواقع قريبة من الطرق التى يتحتم على جيش العدو
المرور منها , وكان قصده من ذلك تمكين رجاله , وهم وراء حصون معسكرهم , ومن رؤية
مظهر العدو بعيونهم , فلما رأوا ما عليه العدو من اضطراب وافتقار الى النظام , وما
يثقل رجاله من متاع , وما فى سلاحهم من نقص , حتى ان بعضهم كان بلا سلاح , اطمأنت
نفوسهم , و اصبحوا تواقين الى مقاتلته بعد ان زالت هيبته من نفوسهم .
وعلى القادة
الآخرين , ان يقلدوا هذا المسلك الحكيم الذى اتبعه ماريوس فيوفروا مغبة التعرض
للاخطار التى شرحتها سابقا .
0 التعليقات:
إرسال تعليق