مطارحات مكيافيلي 37
قيادة الشعب
يجب ان لا يكون فى وسع أية دائرة أو أى موظف
وقف الاجراءات .
علينا ان نلاحظ , الفائدة من تعيين الحماة ,
فقد كان تعيينهم لا يقتصر فى فائدته على كبح مطامع الاقوياء التى تستهدف العامة ,
و انما يتعداه الى كبح مطامع الاقوياء ضد بعضهم البعض .
على الجمهورية أو الامارة ان تفعلا فى
الظاهر بدافع الكرم ما تحتم الضرورة عليهما فعله بدافع الحاجة .
تكون الطريقة الاكثر ضمانة و الاقل فضيحة
فى اخماد غطرسة انسان ارتفع إلى السلطان فى جمهورية برده بنفس الاساليب التى
استعملها هو سلما لسلطانه .
كثيرا ما تخدع المظاهر البراقة للمنافع ,
الشعب فيسعى إلى حتفه بظلفه , وكثيرا ما يسهل التأثير عليه بالآمال الكاذبة
والوعود المتسرعة .
الشعب دائما يهتف بالحياة لموته والموت
لحياته .
عندما تكون الاقتراحات المعروضة على الشعب
من النوع الذى يبدو مضمونا حتى ولو انطوى على الكوارث مختفية فيه , أو من النوع
الذى يبدو مضمونا حتى ولو انطوى على الكوارث مختفية فيه ,
أو من النوع الذى يحمل
طابع الجرأة حتى ولو كان خراب الجمهورية كامنا فيه , يكون من السهل دائما اقناع
الشعب بها ويكون من الصعب دائما وبنفس الطريقة اقناع الجماهير بإتباع سبيل يبدو
لها منطويا على الجبن أو اليأس , حتى ولو كانت السلامة و الامن قائمين فيه .
كان هانيبال قد قضى ثمانى سنوات او عشرا
فى ايطاليا , وكان قد أعمل فى الرومان تقتيلا وذبحا ذات اليمين وذات الشمال , فى
طول البلاد وعرضها , عندما جاء ماركوس سنيتونيوس بنيولا وهو انسان وغد على الرغم
من انه سبق له ان اشغل منصبا فى القوات المسلحة الى مجلس الشيوخ , وعرض عليه , اذا
سمح له المجلس بتأليف جيش من المتطوعين بجمعه من اى مكان فى ايطاليا ,
ان يقدم له
هانيبال فى وقت قصير , حيا او ميتا .
وبدا طلب هذا الوغد فى عينى اعضاء مجلس
الشيوخ شيئا ينطوى على الحمق والجنون , ولكن لما كانت الحقيقة تشير الى انهم اذا
وفضوا على الحمق والجنون , ولكن لما كانت الحقيقة تشير الى انهم اذا رفضوا العرض ,
وعرف الشعب برفضهم , فستنشب فى المدينة اضطرابات ,وستحل الكراهية على اولئك الذين
ينتمون الى عضوية المجلس , ولذا فقد اجابوه الى طلبه مؤثرين سخطا جديدا عليهم بين
جماهير الشعب , وذلك ادراكا منهم لما يلقاه مثل هذا العرض من ترحيب عند العامة ,
ولما سيجدونه من صعوبة فى اقناعهم لو حاولوا ذلك . وهكذا مضى الوغد على رأس جماعة
من الدهماء يفتقرون الى النظام والانضباط باحثا عن هانيبال , فهزمه هذا وقتله مع
كل من كان يسير تحت قيادته فى أول معركة التقى بها معهم .
عندما يعتبر الشعب ان النصر أصبح مضمونا
, ثم تفاجئه الهزيمة , لا يلقى بالملامة على الحظ او على عجز الشخص الذى يتولى
القيادة ,
وإنما يلقيها على سوء نواياه أو جهله على الأقل . وهكذا يكون نصيب هذا
الرجل القتل او السجن او الابعاد , كما حدث للكثيرين من قادة القرطاجنيين
والأثينيين . ولا يجدى هذا الرجل , ما يكون قد سجله من انتصارات فى الماضى , إذ ان
الكارثة الراهنة تزيلها من الوجود جميعا .
لا شئ ادعى إلى كبح جماع حشد ثائر , من
الاحترام الذى يحمله هذا الحشد لرجل معروف بالوقار والمكانة البارزة , يتقدم شخصيا
لمواجهة هذا الحشد .
من السهل ادارة الأمور فى دولة لم تفسد
جماهيرها , وعندما تكون المساواة قائمة , يستحيل اقامة امارة أما عندما تنعدم هذه
المساواة فمن المستحيل اقامة جمهورية .
فى الامارات الألمانية , فمن الواضح كل
الوضوح , ان الطيبة واحترام الدين , ما زالا قائمين عند شعوبها مما يؤدى الى وجود
عدد من الجمهوريات فيها تنعم بالحرية , وتحترم قوانينها بطريقة لا تمكن الغرباء
عنها أو مواطنيها من التجرؤ على اغتصاب السلطان فيها .
جرت العادة عندما تحتاج الجمهوريات
لإنفاق مبلغ من المال لحساب المصلحة العامة ان يقوم حكامها وأعضاء مجالسها بالنسبة
الى الصلاحيات المخولة اليهم لمعالجة مثل هذه القضايا , بفرض ضريبة على جميع سكان
المدينة لا تتجاوز نسبة واحد أو اثنين فى المائة من قيمة ما فى حوزتهم من ممتلكات
.
وبعد ان يتخذ القرار , يتقدم كل انسان الى جباة الضرائب طبقا للإجراء الدستورى
المعمول به فى المدينة .
وبعد ان يؤدى القسم على انه سيدفع المبلغ الصحيح , يلقى
فى صندوق اعد خصيصا لهذه الغاية , بالمبلغ الذى يعتقد وهو مرتاح الضمير وحده .
ولا
ريب فى ان هذا الوضع يشير الى ما يتميز به هؤلاء الناس من طيبة ومن احترام للدين .
السبب الاول فى ابقاء الحياة السياسية
فى هذه المدن الالمانية دون افساد : عدم اختلاط المدن الألمانية اختلاطا كبيرا
بجاراتها التى لا يذهب اهلها إلا نادرا لزيارتها , ولا يقبلون الزيارات منها ,
وذلك لأنهم راضون بما لديهم من سلع , ويعيشون على ما ينتجونه من غذاء , ويلبسون ما
يصنعونه من كساء , فى ارضهم لا فى ارض غيرهم .
وهكذا تنعدم الحاجة إلى الاختلاط ,
وتنعدم معها الخطوة الاولى فى طريق الفساد , لا سيما وان الفرصة ليست متاحة لديهم
, لاقتباس عادات الفرنسيين او الاسبان او الايطاليين , وهى شعوب , إذا جمعت إلى
بعضها , اعتبرت مصدر ما فى العالم كله من فساد .
السبب الثانى فى ابقاء الحياة السياسية
فى هذه المدن الالمانية دون افساد : هو ان اهلها لا يسمحون لأى من مواطنيهم ,
بالعيش على غرار النبلاء . وهم يحافظون فيها على النقيض من ذلك على المساواة
المطلقة , ويظهرون العداء الشديد للسادة الاقطاعيين والنبلاء الذين يعيشون فى
المقاطعة .
لإيضاح ما اعنيه بكلمة (النبلاء) فأننى
اود الاشارة الى ان هذا التعبير يطلق عادة على اولئك الذين يعيشون فى بطالة , وعلى
ما تغدقه عليهم اقطاعياتهم من دخل غزير , دون ان يقوموا بأى عمل يتعلق بزراعاتهم ,
أو بأى شكل آخر من اشكال العمل اللازم للحياة . ومثل هؤلاء الناس , وباء فى كل
جمهورية وكل امارة .
لا يستطيع اى انسان يفكر فى اقامة
جمهورية فى الاماكن التى يكثر فيها النبلاء النجاح فى تحقيق غرضه إلا إذا تخلص
رأسا من اكثرهم .
0 التعليقات:
إرسال تعليق