20‏/08‏/2015

مطارحات مكيافيلي 38

مطارحات مكيافيلي 38


مزايا الحكومة الشعبية

      تسبق الكوارث العظيمة التى تحل بالمدن و الامارات نذر من التطير أو نبوءات على لسان بعض الناس .

     العامة أقوياء فى وحدتهم وضعفاء فى حقيقتهم .

     الجماهير تكون عادة جريئة فى نقد القرارات التى يصدرها حكامها , ولكنها عندما ترى بأم اعينها العقوبات الملحقة بهذه القرارات , يأخذ الفرد منها بالشك فى الفرد الآخر , ويسارعون جميعا الى الطاعة .

     ليس هناك ما هو اشد مراسا وقوة من ناحية واحدة من حشد لا فائدة له , أو عزل عن قائده , إلا ان هذا الحشد من الناحية الاخرى , يكون اضعف ما فى الوجود ايضا . اذ ان من السهل اعادة هذا الحشد الى النظام , حتى ولو كان السلاح متوافرا فى يديه , شريطة ان يكون لدى من يحاول ذلك حصن منيع يستطيع اللجوء اليه للوقاية من هجومه الأول .

      إذا اراد حشد متحمس تجنب هذه الاخطار , فان عليه ان يجعل من احد افراده قائدا له , يتمكن من اصلاح هذا الخطأ أو العيب ويحفظ على الحشد وحدته , ويهتم بأمر الدفاع عنه .

      تكون الجماهير أكثر معرفة وثباتا من الأمير .

      ليس ثمة من شئ اكثر تفاهة او تقلبا من الجماهير .

      من طبيعة الجماهير اما ان تطيع عن استكانة او إذعان او ان تجور بغطرسة واستكبار .
       الرأى العام يكون دقيقا الى حد كبير فى دلالاته و اشاراته , مما يرمز الى ان قوة خفية توحى الى الشعب مقدما بما سيصيبه من شر أو خير .

 أما بالنسبة الى احكامه , فعندما يستمع الشعب الى خطيبين يتكافآن فى البراعة الخطابية , يدافعان عن وجهتى نظر متعارضين فان من النادر كل الندورة , ان يجد المرء الشعب وقد فشل فى تبنى الرأى الصحيح منهما أو عجز عن تمييز الحقيقة فى ما يستمع اليه من اقوال .

 أما اذا كان يبدو مخطئا فى بعض الأعمال التى تنطوى على الجرأة , كما سبق ان قلت , فان الامير يخطئ ايضا , عندما تكون عواطفه داخلة فى العمل الذى ينتوى القيام به , وهذه العواطف تكون على الغالب اكثر قوة من عواطف العامة .

       دللت الوقائع ايضا على ان العامة أحسن قدرة على التمييز من الامير فى موضوع اختيار الحكام اذ لا يمكن اقناع الشعب مطلقا , بأن من الخير ان يختار الى احد هذه المناصب رجلا عرفت عنه الخلاعة والعادات الفاسدة , بينما قد يقتنع الأمير , وغالبا ما يقتنع , بإجراء مثل هذا التعيين .

ومن المعروف أيضا ان العوام اذا ما بدأوا بالفزع من شئ , فان هذه الحالة تظل مسيطرة على عقولهم عدة قرون , وهو أمر لا يلاحظ مطلقا فى الحالات المتعلقة بالأمراء .

       العامى كانت تكره لقب (الملك) الى حد كبير , حتى انها لم تكن لتتسامح مطلقا فى ايقاع العقوبة بكل من يطمح الى هذا اللقب من ابنائها , مهما كانت الخدمات التى قدمها الى وطنه متناهية فى العظمة .
        لا يهمنى اذا ما عارض مؤرخنا فيما قاله من فقرات سبق لى ان نقلتها , وغيره من المؤرخين رأيى هذا , وذلك لأننا اذا اجرينا احصاء بعدد الفتن التى كان العوام مسببيها , وتلك التى احدثها الامراء , و احصاء آخر بعدد الامجاد التى كسبها العوام وتلك التى نالها الامراء , لوجدنا ان العامة تتفوق على الامراء فى اعمال الخير وفى الامجاد على حد سواء .

         تتجه اعمال الجماهير الوحشية الى اولئك الذين تشك فى تآمرهم على المصلحة العامة , أما فظائع الامراء فتتجه الى اولئك الذين يشك فى انهم يتآمرون على مصلحته الخاصة . والسبب فى تحيز الناس ضد العامة , هو ان الفرد يستطيع الحديث عنهم بالسوء , دون خوف وبصراحة , حتى عندما يكونون هم الحاكمين , أما عن الامراء فلا يتحدث الناس إلا فى منتهى الخوف والتحفظ .

       أى الائتلافات أو الاحلاف يمكن الوثوق بها أكثر : تلك التى تعقدها الجمهوريات أو التى يعقدها الامراء .

       الجمهوريات تستغرق من الوقت فى نقض اية معاهدة اكثر مما يستغرقه الأمير . وتنحل الائتلافات سعيا وراء بعض المنافع , وتكون الجمهوريات فى هذا الصدد اكثر تمسكا باتفاقاتها من الامراء .

        العامة اقل اقترافا لمثل هذه الاخطاء من الامير , وانه تبعا لذلك , تكون العامة اكثر جدارة بالثقة من الامراء .

        كانت القنصليات وجميع المناصب الأخرى فى رومة تعطى لمستحقيها دون أى أشتراط يتعلق بالسن .

      اختير فالبريووس كورفينوس قنصلا وهو فى الثالثة والعشرين من عمره , وذلك لأنه قال فى خطاب ألقاه فى جنوده , ان القنصلية هى (جائزة الفضيلة لا جائزة طيب المنبت) .

      ليس فى مكنة المرء , ان يقذف بالناس فى مواطن الازعاج , دون ان يكافئهم كما لا يمكن ان يحرموا من الأمل فى الحصول على المكافأة دون ان يتعرضوا الى الخطر .


       اصبح حق الانتخاب ملكا للجماهير فإنها لا تختار للمنصب إلا رجلا حقق بعض الأعمال العظيمة والضخمة . وعندما يتميز شاب بالفضيلة (الشجاعة) التى رافقت عملا عظيما من اعماله , يغدو موضع حديث الجميع , فان من العار كل العار ان لا تنتفع الدولة من خدماته , وان يضطر هذا الشاب الى الانتظار حتى يكبر سنه , ويكون فى غضون ذلك قد فقد ما يميزه من نشاط عقلى ومن سرعة فى العمل , كان فى وسع بلاده ان تستغلهما فى الوقت المناسب استغلالا نافعا .

0 التعليقات: