22‏/12‏/2010

علم نفسك التفكير 8

علم نفسك التفكير 8

4- عملية التمييز والمطابقة :


يشكل الدماغ من خلال تجاربه نماذج يرجع إليها لدي تعامله مع ما يشابهها أو يعتمد عليها ، وهذا يساعدنا مثلا علي ارتداء ملابسنا بسهولة كل صباح وإلا كنا سنضطر لمراجعة مجموعة من الأساليب التي يمكننا اتباعها لارتداء 11 قطعة من الملابس ، من دون هذه النماذج لن نتمكن من قطع الشارع ، ولا قيادة السيارة ، ولا القراءة ولا الكتابة ولا القيام بأي شئ مفيد في مكان العمل

الحق أن الدماغ نظام رائع لصناعة النماذج واستخدامها ، وهذا ما يجعله غير بارع في الإبداع ، ويفسر لنا لماذا ينحصر الإبداع في قلة قليلة من البشر

غاية التفكير هي تحديد نماذج آلية أو تلقائية نري العالم من خلالها ، وتخبرنا فيما بعد عما يجب علينا فعله في كل موقف ، عندها لن نحتاج إلي المزيد من عناء التفكير

إستخدام الأفكار المسبقة عن الأشخاص أو الأعراق هو شكل من أشكال التمييز ، ولكنه شكل مؤذ أكثر مما هو مفيد .

5- عملية الانتقال ودراسة الخيارات :


الانتقال أو الحركة هو كيفية التقدم إلي الأمام انطلاقا من موقف أو حالة ما


عندما تكون لدينا طريقة مرضية للقيام بأمر ما لماذا يكون علينا البحث عن خيارات ؟


إن أهمية البحث عن خيارات أمر واضح ، فالأسلوب الذي نصل إليه أولا ليس هو الخيار الأفضل بالضرورة ، كما أن وجود عدد من الخيارات يمنحنا فرصة المقارنة بينها وتقويمها واختيار الأفضل منها

علم نفسك التفكير 7

علم نفسك التفكير 7

2 – عملية التخيل أو التصور:


التصور هو أن تستعرض المخيلة مايمكن أن يكون أو يرتجي أن يكون ، أو يحدث ويعني التصور أيضا أن تنظر داخل ذهنك وتري ما فيه ، إلي جانب قدرتك علي رؤية الأشياء المحيطة بنا في هذا العالم .

التصور جزء أساسي جدا من عملية التفكير ، ولأننا لا نستطيع تفحص كل شئ في الواقع ، علينا أن نستخدم المخيلة لنري ما الذي سيحدث ونتفحص الأشياء من خلال التصور

ومخيلتنا محدودة بما نملكه من معارف وخبرات ،


وعليك ألا تكون مغرورا وألا تقطع الحكم فيما لست متيقنا منه ، كن مستعدا لقبول احتمال أن تكون هذه التصورات خاطئة أو ضيقة

3- عملية توجيه الانتباه :


كم الساعة ؟ ما عمرك ؟ ما سعر الصرف ؟ ....


جميع الأسئلة هي أدوات لتوجيه الانتباه ويمكننا الطلب المباشر إلي الآخرين أن يوجههوا انتباههم علي أمور محددة كأن نقول وجه انتباهك علي الوقت .. أو أخبرني كم الساعة الآن ؟


يسير انتباهنا في العادة ضمن طرق ثلاثة :


الأولي : ما يثير اهتمامنا أو مشاعرنا في اللحظة الراهنة


الثانية : عاداتنا الخاصة بالانتباه التي اكتسبناها خلال تجاربنا وممارستنا


الثالثة : الانتقال كيفما اتفق من أمر إلي آخر

كثير من عمليات التفكير تتطلب توجيها محددا للانتباه ، ومن هذا القبيل كانت تساؤلات سقراط محض أدوات لتوجيه الانتباه ، وليس هناك من شئ سحري يحيط بتلك التساؤلات .

علي الرغم من أن معظم البشر يدعون القيام بتوجيه انتباههم ذاتيا فإنهم عمليا لا يفعلون ذلك

علم نفسك التفكير 6

علم نفسك التفكير 6


قبل الدخول في تفاصيل كل مرحلة من المراحل الخمسة للتفكير من المفيد أن نقوم بمراجعة أهم العمليات الأساسية في التفكير، والعمليات الأساسية التي سننظر إليها هنا :


1- ثنائية العام والمحدد
2- عملية التخيل أو التصور
3- عملية توجيه الإنتباه
4- عملية التمييز والمطابقة
5- عملية دراسة الخيارات والانتقال

1- ثنائية العام والمحدد :


تخيل صقرين أحدهما يتمتع بقدرة بصرية فائقة والآخر يعاني حسر نظر وكلاهما يعيش علي غذاء مكون من الضفادع والزواحف


الصقر الحاد البصر يتمكن من رؤية ضفدعه من ارتفاع شاهق فينقض عليها ويأكلها ، ولأنه يتمتع ببصرحاد فإنه يعتمد في غذائه علي الضفادع ويتجاهل أمر الفئران والزواحف . أما الصقر حسير البصر فإنه لا يستطيع فعل ذلك ، ولذلك عليه أن يكون مفهوما عاما عن جميع الأشياء الصغيرة التي تتحرك ، وعندما يري هذا الصقر شيئاً متحركا يقوم بالانقضاض عليه ، فيحصل أحيانا علي ضفدع وأحيانا أخري علي فأر أو ضب ، وقد يحصل علي دمية طفل متحركة


إذا سألنا الناس عن رأيهم قالوا أن الصقر الحاد البصر هو المتفوق ، ولكن هذا خطأ من بعض الجوانب ، ذلك أنه إذا نفقت الضفادع نفق معها الصقر الأول علي الفور ، أما الصقر ذو النظر الحسير فإنه يتمتع بمرونة أكبر ، وتأتي هذه المرونة من المفهوم الواسع غير المحدد عن الأشياء الصغيرة التي تتحرك

مثال آخر : أُعطيت دارات كهربائية يسيرة لبعض طلاب الإلكترونيات وكلب منهم إكمالها ، وفي أثناء العمل احتج 97% منهم علي عدم وجود ما يكفي من الأسلاك المعدنية لإكمال الدارة ، فيما تمكن 3% منهم فقط من إكمال الدارة ، ما الذي حدث هنا ؟


3% كان لديهم مفهوم عام واسع غير محدد عن الحاجة إلي سلك واصل ما ، ولأن الاسلاك لم تكن متوافرة بدؤوا بالبحث عن نوع آخر من أدوات الوصل ، فاستخدموا مفك البراغي ذاته في إكمال الدارة


لاحظ الفرق بين المطلبين التاليين :


1- أريد بعض الغراء لوصل هاتين القطعتين الخشبيتين
2- أريد طريقة ما لوصل هاتين القطعتين الخشبيتين


المطلب الأول محدد جدا ، وإذا لم يتوافر الغراء لن نتمكن من إنجاز العمل .. وقد لا يكون الغراء هو الأداة الفضلي لوصل القطعتين الخشبيتين في هذه الحالة


أما المطلب الثاني فيتضمن الكثير من الطرق البديلة لوصل هاتين القطعتين معا مثل الغراء أو المسامير أو البراغي أو الحبال أو غير ذلك مما يسمح بالمرونة ويتيح فرص التفكير بخيارات أخري إن لم يكن الغراء متوافرا

يتميز المفكرون البارعون بقدرة عظيمة علي الانتقال من التفاصيل إلي ما هو شامل ، أي من المحدد إلي العام وبالعكس

المفهوم العام غير المحدد يسمح لنا بالبحث بمرونة أكثر وشمولية أكبر ، كما يسمح بتقويم جميع الخيارات المتوافرة لدينا ، هذه القدرة علي الانتقال من التفاصيل المحددة إلي المفهوم الشامل تسمي اصطلاحيا بالتجريد

عندما نفكر نشجع علي التفكير بدقة ولكني أشجعك هنا علي أن تكون شاملا ، ولكن عليك بالضرورة اتخاذ الاتجاه الصحيح ولو علي نحو ضبابي

علم نفسك التفكير 5

علم نفسك التفكير 5

مراحل التفكير الخمسة


المرحلة الأولي ------ تشير إلي الوجهة التي نقصدها والنتيجة التي نريد أن نخلص إليها .

المرحلة الثانية ----- تشير إلي المعلومات المتوافرة لدينا ، والمعلومات التي نحتاج إليها وإلي ما هو الموقف بالتحديد .. ترتبط هذه المرحلة أكثر ما ترتبط بالإدراك .

المرحلة الثالثة ---- هي مرحلة الاحتمال وهي مرحلة توليدية .. في هذه المرحلة نبدع حلولا وأساليب حل ممكنة

المرحلة الرابعة ----- هي مرحلة البحث بين الاحتمالات واختيار المناسب منها إنها مرحلة الاختيار ، مرحلة الاستنتاج واقرار إنها مرحلة النتائج

المرحلة الخامسة ---- (ثم) وهي تشير إلي اتخاذ الخطوات العملية مثل : ماذا سنفعل حيال المسألة ؟ ما الذي سينتج عن تفكيرنا ؟
وهذه الخطوات باختصار :


1- الغرض من التفكير
2- المعلومات المتاحة والمطلوبة
3- الاحتمالات
4- الخيار بين الاحتمالات والبحث بينها
5- الخطوات العملية

علم نفسك التفكير 4

علم نفسك التفكير 4



الجدل أسلوب عقيم في استكشاف موضوع ما ، لأن اهتمام كل طرف من الأطراف يتركز علي كسب النقاش والفوز به بدلا من استكشاف الموضوع ، وبدلا من المناقشة والجدل يمكننا اللجوء إلي التفكير المتزامن ، إذ يسعي كل طرف من الأطراف إلي استكشاف الموضوع من خلال أحد أنظمة التفكير


إذن نظام التفكير التقليدي غير كاف للأسباب التالي :


1- لأنه لا يتعامل مع الإدراك الذي يعد إلي حد بعيد الجزء الأكثر أهمية في التفكير الذي نقوم به في العلاقات المعتادة والأحداث اليومية .


2- لأن النقاش طريقة عقيمة لاستكشاف موضوع ما ، ويؤدي إلي حالات خلافية لا حاجة لنا بها .


3- لأن التصنيفات المستقاة من الماضي قد لا تكون كافية للتعامل مع هذا العالم المتغير الذي يختلف كثيرا عما كان عليه في الماضي


4- لأن هذا الأسلوب لا ينطوي علي الاهتمام الكافي بجوانب التفكير التوليدية والمنتجة والبناءة والمبدعة
......


أظن أن حضارتنا كانت ستحقق تقدما يزيد علي ثلاثمئة سنة عما هي عليه الآن لو لم نكن حبيسي هذا الأسلوب غير البناء في التفكير

علم نفسك التفكير 3

علم نفسك التفكير 3


لم يبد سقراط اهتماما في أن يكون مفكرا استدلاليا أو صاحب مذهب فلسفي ، فقد كان هدفه أن يزيل الهراء والسخافات ، ولذلك لم يكن يعني في مناظراته وحواراته أن يصل إلي نتيجة محددة .. لقد كان يعمد إلي دحض الأخطاء التي يقع فيها الآخرون من دون أن يطرح بديلا محددا ، إيمانا منه بأن دحض الأفكار الخاطئة يعني بالمحصلة الإبقاء علي الصواب وحده إلي جانب إيمانه بضرورة أن يصل كل إنسان بذاته إلي هذا الصواب ، ولعل هذا السلوك هو الذي قادنا إلي الولع بالنقد ، فنحن نؤمن بأن الإشارة إلي ماهو خاطئ أكثر أهمية من إنشاء ما هو مفيد

أفلاطون عرف سقراط وتتلمذ عليه نحو عشرين سنة


و سقراط وأرسطو وأفلاطون خلفوا لنا نظام تفكير قائم علي :


1- التحليل
2- المحاكمة العقلية
3- التصنيف
4- المناقشة
5- النقد

وفي إطار هذه النقاط نتحسس مسارنا بتصنيف تجاربنا السابقة ضمن مجموعات خاصة بكل منها ، أو بالاعتماد علي مبادئ مستقاة من الماضي . ويعد هذا كافيا وافيا في عالم مستقر ومتوازن يبدو مستقبله شبيها بماضيه . ولكنه ليس كافياً في عالم متغير لا تنطبق عليه الأطر والتصنيفات القديمة ، وهذا يعني أننا نحتاج في مثل هذا العالم إلي تخطيط طريق تقدمنا أكثر من إعتمادنا علي المحاكمة العقلية


فنظام التفكير التقليدي يفتقر إلي الطاقة البناءة والطاقة الإبداعية والطاقة التخطيطية


علم نفسك التفكير 2

علم نفسك التفكير 2


الإدراك هو البوابة التي يطل منها العقل علي الواقع ، فهو الطريقة التي ننظر بها إلي العالم ، وهو الطريقة التي نقسم بها العالم إلي أجزاء يمكننا التعامل معها


بلفظ آخر : الإدراك هو مجموعة الخيارات التي ينبغي أن نأخذها بعين النظر في أي لحظة ، وعلي سبيل المثال هو الذي يجعلنا نختار أن نري النصف الفارغ من الكأس أو النصف المليئ منه

من المرجح هو أن يصبح الإدراك هو الأكثر أهمية في المستقبل


وإذا ما استثنينا الألغاز والأحاجي فإن الاخطاء التي يقع فيها التفكير ليست أخطاء في المنطق أو التفكير المنطقي وإنما هي أخطاء في الإدراك

المنطق نظام مغلق محدد يستطيع التعامل مع ما هو موجود ضمنه وحسب ، أما الإدراك فهو نظام منتج متفتح علي ما هو خارجه أو غير موجود فيه

السبب الرئيسي الذي يكمن وراء عدم اهتمامنا بالإدراك كثيرا هو أننا لم نكن نعرف كيفية عمل الإدراك إلا منذ نحو 25سنة تقريبا



الآن نحن نعتقد أن الادراك يحدث في نظام معلوماتي ينظم نفسه بنفسه وتشغله الشبكة العصبية في الدماغ


علم نفسك التفكير

علم نفسك التفكير







اسم الكتاب : علم نفسك التفكير


اسم المؤلف : إداورد دو بونو


عدد الصفحات : 267


نسخة إلكترونية بصيغة pdf


حجم النسخة : 2.27 mb


رابط تحميل علم نفسك التفكير



http://www.4shared.com/document/jHSUWM6Q/___-___.html

13‏/12‏/2010

الروحانية في الفن 4

الروحانية في الفن 4



النظرية هي المصباح الذي يضيئ أفكار الأمس المتحجرة والماضي البعيد

ومن ثم يستحيل وضع نظرية لمبدأ يسري علي اشياء تكون في المستقبل ، وما من شئ ينتمي إلي روح المستقبل إلا وكان تحققه في الإحساس ، والطريق الوحيد لهذا الإحساس هو موهبة الفنان


إن الإيقاع الناشئ عن تكرار لفظة بعينها عبر مسافات زمنية محددة ليس مجرد تنظيم شكلي محض ، بل ينفلت منه ما يمكن وصفه بالروحانية ، قد تستمع بالمصادفة إلي نغمة مرحة أو حزينة فإذا بها تكشف لنا عن لحظة عاطفية قديمة ، ولا تري كيف تم هذا الإيقاظ ، ولا كيف أتيح للروح أن تشرق .


إن الفنان هنا لابد له من رعشة الروح تلك . إن كل ما يستطيعه ليس أيقاظ شئ في ذاكرة المتلقي ، بل في خلق نظام إيقاعي ، وإيحائي يتجاوز به حدود المعني المباشر ، إلي منطقة يمكن أن نطلق عليها منطقة مخاطبة الأرواح

عند (شونبرج ) حرية الإبداع ليست مطلقة وأن كل عنصر ينجز قدراً محدوداً من الحرية ، ولكن .. ما من عبقري ، مهما بلغت عبقريته يستطيع أن يتعدي حدود حريته ، ولكن مقدار حرية كل عصر يجب أن يزيد باستمرار

هنري ماتيس أحد أعظم شباب فرنسا ، فهو يرسم صورا ولكنه يتجاوز المرئي إلي الإيحاء بما هو روحي

أوصي سقراط بمعرفة النفس فقال أعرف نفسك ولكن يحتاج الوصول إلي هذه الغاية مكابدة طويلة

الاستعارات المنهجية بين الفنون المختلفة تثري بعضها بعضا ، علي شرط ألأا تكون الاستعارة متعسفة

لا يستطيع الرسام إلا أن يقدم لنا رسالته في لحظة واحدة من الزمن
بينما بعض الفنون الأخري تمتلك الإيقاع الزمني

الروحانية في الفن 3

الروحانية في الفن 3


يقارن (زينكيفتشي) في إحدي رواياته بين الحياة الروحية والسباحة ، فالإنسان الذي لايسعي جاهدا بلا وهن ، ولا يقاوم الحواجز بلا توقف ، لا مفر أمامه من الغرق في عتمة اليأس ، عندئذ تمسي موهبة الفنان نقمة عليه وعلي المتلقين ففي ذات الوقت ، ويتحول هو إلي دور الحاوي الذي يعرض فعلا ظاهره الفن وباطنه الشر ، ولا يكتفي بأن يخون الناس بل إن يعينهم علي خيانة أنفسهم ، ويقنعهم باحتياجات زائفة ، مثل هذا الفن لا يساعد علي الحركة إلي الأمام ، ولكنه يعوقها ، ويدفع الساعين إلي التقدم إلي الارتداد للخلف ، إن خيانة الفن تخق مناخا يُسيد (بتشديد الياء الثانية مع فتحها )القحط الروحي ويهبط بالروح إلي الحدود الدنيا من مثلثنا الرمزي

الروحانية في الفن 2

الروحانية في الفن 2


كل عمل فني هو وليد عصره والعصر – في معظم الأحوال- هو المنبع الأصيل لعواطفنا الفردية ، ومن ثم فإن كل مرحلة ثقافية تنتج الفن الذي ينتمي إليها والذي يستحيل أن يتكرر وما من محاولة أو جهد لإحياء مبادئ فن زمن مضي إلا وكان المنتج مسخاً شائهاً

علينا أن نفرق بين نوعين من المشابهات :
1- المشابهات الخارجية وهذه لا مستقبل لها
2- المشابهات الداخلية فهذه باطنية روحانية تحتفظ ببذرة المستقبل والتحدي للفلسفة المادية التي أفقرت روح الإنسان ، وحاصرته بالشك ، وبددت مثله العليا ، وأقامت حاجزا بين أرواحنا وأرواح أجدادنا البدائيين


في كل لوحة عمرً سجين ، وحياة بطول ذلك العمر ، من المخاوف والشكوك والآمال والأفراح


ففي كل لوحة رسالة يريد أن يبلغنا إياها هذا الفنان ولكن أي رسالة ؟


يجيب شومان : أن يفيض النور في الظلام الذي يغرق قلوب البشر وهذه هي مسؤولية الفنان وواجبه
ويجيب تولستوي : إن الفنان إنسان قادر علي أن يرسم ويلون أي شئ

المشاهدين ينظرون إلي العمل الفني بعيون باردة ، وعقول لا تبالي أما الهواة فإنهم يتوقفون عند حدود المهارة ( إعجاب مبهور بمن يمشي علي حبل ممدود ) ويستمتعون بطريقة الرسم والتلوين (استمتاع آكل الجاتوه) أما الأرواح الجائعة فإنها تنصرف وهي جائعة

المعني الحقيقي الباطني للفن هو حياة الألوان وما عدا ذلك فهو إهدار للفن والطاقة الفنية


النتيجة الطبيعية للفن المادي غير الهادف هي الشللية والمؤامرات والتباغض والتحزب والمشايعة ، فإذا كانت المادية قد أنتجت هذا اللون من الفنانين فقد انتجت فنا لا يصلح أن يكون أبا للمستقبل


إن الحياة الروحية التي يشكل الفن عنصرا من أهم عناصرها تمثل حركة مركبة ورغم ذلك فمن الممكن تعريفها بيسر وسهولة : إنها حركة تمضي إلي الأمام وإلي أعلي إن هاتين الحركتين اللتين تشيران إلي التقدم تنشأ من حبات العرق ، من الآلام والمخاوف ، من مقاومة الحواجز ، والعوائق ، وأشواك الشر المتجدد ، وعتمة الطريق ، في العتمة يولد (المنقذ) الذي يتميز عنا ببصيرة ثاقبة تكشف الطريق إلي المستقبل وتهدي التائهين إلي الأمام وإلي الاعلي


الروحانية في الفن

الروحانية في الفن

اسم الكتاب : الروحانية في الفن
اسم المؤلف : فاسيلي كاندنسكي
ترجمة : فهمي بدوي
دار النشر : القراءة للجميع عام 2008
عدد الصفحات : 150 صفحة (قطع صغير)
................
فهرس الكتاب :
الفصل الأول : في الجماليات
1- حركة المثلث
2- ثورة الروح
3- الهرم
الفصل الثاني : حول فن التلوين
1- سيكولوجية اللون
2- لغة الشكل واللون
3- النظرية
4- الفن والفنانون
الخاتمة


12‏/12‏/2010

إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي 11

إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي 11

فترة التلكؤ عندما تطول

المقصود بفترة التلكؤ هي تلك المسافة الزمنية الفاصلة بين ظهور الشئ وتطبيقه ، والانتفاع به والاستفادة منه في الحياة العملية ، وهو انعكاس لديناميكية وكفاءة المنظومة الحياتية ، وهذه المسافة تطول جدا في المجتمعات المتخلفة
وتكاد تنعدم في المجتمعات المتقدمة حيث الإبداع أعلي ما يمكن ، وعندما تطول هذه المسافة الزمنية ( فترة التلكؤ) فإن سلسلة من الأضرار تتوالي في الحدوث ، وإذا كانت هذه الأضرار بوجه عام من مجرد الإحباط علي المستوي الفردي وتصل إلي حد التهميش المزمن للإبداع المجتمعي العام فإن المهم الانتباه إلي أن هذه الأَضرار تنقسم إلي قسمين :
1- أضرار مباشرة ومحسوسة مثل تأخر علاج مريض أو تأخر تنفيذ فكرة
2- وهو الأخطر عدم حدوث شئ كان يمكن أن يكون لحدوثه نتائج إيجابية جدا

لمجابهة التلكؤ ثلاث أبعاد :


1- البعد المعرفي :وهو أكثر الأشياء تسارعا وتعاظما في النمو عبر الزمن وهي الآلية الرئيسية للتنافسية والكوكبية ، ففي المعرفة تكمن وسائل تشخيص التلكؤ وعلاجه حيث يلزم للقضاء علي التلكؤ معرفة موضوعية بنماذجه وأبعاده وتشابكاته وانعكاسات ، فضلا عن أن في المعرفة تكمن تقنية البناء التراكمي للمعلومات والأفكار الخاصة بتقدم الوطن كبديل لتشتت وفناء هذه المعلومات والألإكار


2- البعد المنظومي : الوطن منظومة كبيرة تتضمن منظومات أصغر فأصغر ، وإن لكل منظومة من هذه المنظومات بنيتها ووظائفها العامة ، ومجابهة التلكؤ تحتاج إلي إدارة تهدف إلي متابعة وتقليص تداخلات التلكؤ مع الوظائف العامة للمنظومات ومع بنياتها


3- البعد الوطني : مجابهة التلكؤ لا تأتي بثمارها إلا من خلال توجه وطني عام يترجم الحرب علي التلكؤ إلي قيم ومعايير وممارسات تكون واضحة ومعلنة وتجري متابعتها علنا في كل المجالات

من شأن تقليص فترة التلكؤ تحقيق إنجازات وطنية مثل:


1- تقليل المفقود من الأفكار ومن الزمن


2- زيادة فعالية الفكر


3- حماية عمليات تحول مخزون الميزات النسبية ( حضارة وبشر و ...إلخ) إلي ميزات تنافسية


4- توسيع وزيادة كفاءة المشاركة الشعبية والروح الديقراطية في مجابهة المشكلات الحياتية ( مثل المرور والإسكان والصحة و...) وفي إنجاز التطويرات الاجتماعية والسياسية


5- رعاية وتقوية الشعور بالانتماء

نحن مقبلون علي زمن تتلاشي فيه تماما فواصل المكان والزمان بين العلم والتكنولوجيا والإنتاج والخدمات زمن تئول فيه فترة التلكؤ إلأي الصفر لذا هناك حاجة ماسة لأن نكون جميعا ضد التلكؤ عملا وفكرا

إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي 10

إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي 10

نقد الفكر المتعصب وتجزئة الواقع المتكامل

نسيج الحياة في مجتمعات العالم الثالث ومنها بلداننا العربية ، الغالبية يشدون بعضهم لتحت مع سبق الإصرار والترصد وهنا لابد من التوقف عند الحقائق التالية :


1- أي شئ في هذه الحياة هو جزء من كل وهذا الكل هو جزء من كل آخر علي مستوي أعلي .. وهكذا الدنيا بدءا من الإلكترون والذرة ومرورا بالجزئ .. والدم .. والإنسان والشارع والبرلمان والدولة وحتي الكرة الأرضية


2- إن السلوك القائم علي التعصب للجزء دون إدراك نقاط التلامس والتفاعل والحركة مع بقية أجزاء الكل يفصل الإنسان عن طبيعة الدنيا ، وبالتالي فالإنسان هنا ينفصل عن إنسانيته ويبحث عن الاختلاف مع الآخرين حيث يقوده التعصب إلي تفاعلات متسلسلة من التطاحن والهدم وتتشتت الجهود ويضيع الإحساس بالزمن


3- حتي إذا ما حدث تفوق ما نتيجة سلوك تجزيئي فهو تفوق مؤقت يؤدي إلي زيادة حدة الاختلاف والتدهور علي المدي الطويل


4- إن إدراك طبيعة (كلية) الأشياء بمعني ارتباط الجزء ببقية الأجزاء في إطال الكل هو تصاعد لتكامل الأفكار والأقوال والأفعال عند نهج السلوك التكاملي وليس التجزيئي


5- إن السلوك التكاملي لا يعني عدم الاختلاف ، بل يعني إدراك وجاهة الاختلاف مع الآخرين بمعني أن التحدي لا يكون بين الفرد والفرد ، أو بين الفئة والأخري ، أو بين الحزب والحزب الآخر ، أو بين دولة وأخري .. وإنما يكون التحدي مع الذات ، مع الطبيعة مع متطلبات التنمية والتطور ففي كل من الذات والطبيعة و التنمية والتطور نقاط ضعف وتحد وهناك حاجة لأن تتعاون كل الفئات أو الأجزاء أو المجتمعات مهما اختلفت علي عبور التحدي ، هذا هو التناغم الإنساني الذي يؤدي إلي جماعية الإبداع سواء في التنمية أو في العلم والتكنولوجيا أو في الأدب والفن

إن التجزيئية في مجتمعاتنا العربية عيب متغلغل في مختلف المستويات ( الإقليمية والوطنية ) ويظهر ذلك في انفصال الفكر عن الفعل
ومما ساعد علي هذه التجزيئية اختفاء التفكير العلمي السليم في الممارسة اليومية لحياة الإنسان العربي

إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي 9

إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي 9



دواء القرن الواحد والعشرين
في تقديرنا أن تغييرات دوائية هائلة ستحدث وبعضها قد بدأ فعلا في البزوغ ، إن التغييرات المتوقعة تعتمد علي انتقال الإنسان من مرحلة طويلة ( بطول تاريخ التقدم البشري) تعتمد علي استعياب الطبيعة إلي مرحلة جديدة تعتمد علي استيعاب الإنسان لإمكاناته الذهنية العظيمة ولتطويع وترشيد وتحفيز هذه الإمكانات


أهم مايمكن توقعه في هذا الصدد :
1- بدء العلاج قبل ظهور أعراض المرض
2- العلاج بضمان كفاءة الدواء
3- خفض كميات الأدوية المستخدمة

التكنولوجيا هي الوجه التنفيذي للمعرفة


سلطة المعرفة هي الدافع والمهيمن في كل المتغيرات العالمية ، أو أن المتغيرات العالمية تمثل إجراءات ونتائج تتعلق بإعادة ترتيب التوازنات تبعا لمتغيرات سلطة المعرفة

الالتزام الأخلاقي ( أو الموضوعي ) بالمعرفة يساعد دوما الانتقال الآمن والرشيق من الفكر إلي الفعل وكذلك حسن استخلاص العبر والدروس من الفعل من أجل تصحيح الفكر وهكذا دواليك هذا هو عنق الزجاجة أو المعيار الحرج للمشروع القومي



التقدم الأسي (Exponential Progress):

نعني به الاستخدام الأمثل للزمن والجهد في تركيب وتفعيل القدرات البشرية والموارد والمعارف والعلاقات المتاحة مع بعضها البعض بطريقة تجعل الإنجاز يتحقق كما وكيفا بسرعة أسية

يرتكز التقدم الأسي علي معطيات الفكر العلمي والإداري الحديث ، بل ويعتبر الخلاصة البراجماتية الناتجة عن تفاعلهما

يكاد التقدم الأسي أن يكون المنهاج الرئيسي لاجتياز التخلف ومنافسة المتقدمين

المنظومات هي مجال عمل التقدم الأسي سواء كانت الدول أو الشركات العابرة للقارات أو الوزارات أو المحافظات أو الجامعات أو المستشفيات أو النوادي

توجد أساليب وشروط محددة يمكن باستيفائها إحداث التقدم الأسي والمحافظة علي استمرار تواصله

إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي 8

إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي 8

إدارة التغيير التكنولوجي:


التغييرات البسيطة المتصاعدة .. سر التقدم التكنولوجي الياباني في الستينات والسبعينات


التغيير التكنولوجي عمل منظومي لا يحدث إلا من خلال سياسات واستراتيجيات تستهدف حدوثه

أخطر ما يمكن أن يلحق الضرر بفهمنا للتكنولوجيا وممارستنا لها ونحن علي أعتاب القرن الحادي والعشرين هو أن نتعامل معها كما لو كانت شيئا مستقرا ، فالتكنولوجيا تكاد تكون علي العكس تمام ، هي التغيير نفسه أو هي التطور المستمر

التغيير يدفع إلي تغيير وبالتالي يكون الاستقرار الحقيقي في امتلاك القدرة المستمرة علي التغيير ، بينما يكون الثبات هو الموت


القدرة علي إحداث تغييرات بسيطة متصاعدة تؤدي إلي نتيجتين في غاية الخطورة وهما :
1- التزايد التدريجي في القدرة علي المنافسة وكسب السوق
2- الخبرة التراكمية الناتجة عن التغييرات البسيطة المتصاعدة تقود إلي الارتقاء بالقدرات الإبداعية والمنظومية إلي الحد الذي يمكن من إحداث تغييرات جذرية

الطريق إلي التغيير الناجح :

يتوقف نجاح التغيير التكنولوجي علي النجاح في استيعاب وإدارة هذه العوامل :
1- نوع وطبيعة الصناعة نفسها
2- رصد متطلبات السوق واستيعاب العوامل المؤثرة في هذه المتطلبات
3- استعاب الجديد في المعرفة المحضة والقدرة علي التنبؤ الاستكشافي بخصوص انعكاس المعرفة العلمية الجديدة علي اتجاهات التغيير التكنولوجي في المنتجات والعمليات الإنتاجية والخدمات النتعلقة بصناعة ما .
4- القدرة علي التمتع بنظرة شاملة لسلاسل تحولات ة


التغيير كمنظومة : يحدث من خلال العمليات الرئيسية التالية :


1- التوصل إلي تصور ذهني عن الخريطة المنطقية للتغيير المطلوب
- التوصل إلي تصور عن المتطلبات الفيزيائية لتنفيذ الخريطة المنطقية
3- يستمر التغيير التكنولوجي والذي يهدف إلي زيادة الكفاءة وتحسين الشكل وخفض الثمن
4- وضع تصور ذهني عن خريطة منطقية جديدة ( هندسة ذهنية جديدة ) لمستحضر أكثر أو أعمق تغييرا ثم تجري المواءمة الفيزيائية من أجل تجسيم التصور الذهني في منتج جديد .. وهكذا
5- بعد حد معين من التراكم في التغيير التكنولوجي البسيط المتصاعد تحدث قفزة تكنولوجية بتغيير جذري

09‏/12‏/2010

إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي 7

إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي 7


إذا كانت الاتفاقية الدولية لحقوق الملكية الفكرية مؤشرا رئيسيا علي التحول إلي مرحلة إدارة المعرفة ، فإن هناك مؤشرا رئيسيا آخر وهو التحكم في تمويل المعرفة
إن أهمية وخطورة التحول الذي نشير إليه ( التحول من الإدارة بالمعرفة إلي إدارة المعرفة ذاتها ) تكمن في أن الاتجاه الآخذ التأصل الآن هو القيام بالبحوث العلمية والتقانية والإنسانية طبقا لمجال اهتمام وأهداف الجهة الممولة ، وإذا كان هذا الاتجاه مفيدا جدا في تطوير السوق ، فمن المهم أن ننتبه إلي أن له انعكاسات جديدة علي طبيعة واتجاهات التطور المعرفي


إن أهم هذه الانعكاسات تحويل العلماء والمهندسين إلي بروليتاريا جديدة وتحديد مجالات التقدم العلمي طبقا لمتطلبات السوق والتي تتحرك علي أساس معايير الكسب والخسارة بالنسبة لرؤي الإدارة الممولة وليس بالضرورة المصلحة الذاتية للمستهلكين كأفراد أو جماعات أو شعوب
إنعكاسات التحول الجديد:
1- زيادة الممنوعات : ويكفي أن نشير باختصار إلي أنه طبقا لاتفاقية حقوق الملكية الفكرية فإنه ممنوع التوصل إلي إنتاج منتجات يكون الأكثر تقدما قد توصل إليها حتي لو كان التوصل إلي هذه المنتجات أمرا محتوما من الناحية التقنية ، بالإضافة إلي ذلك فإنه يحدث عند اتجاه البلدان الأقل نمو لشراء مواد كيميائية أو بيولوجية معينة للاستخدام التنموي أن تفجأ بامتناع البلدان المتقدمة عن البيع بحجة إمكانية الاستخدام لأهداف غير سلمية .


2- زيادة المستحيلات : عن طريق زيادة الممنوعات يزداد العالم المتقدم غنا وتتعاظم أرباحه ويتسارع نموه بالنسبة للدول النامية ، وتتطور وسائل البحث والتطوير فيه إلي مدي يجعل من المستحيل شراؤها واستخدامها بواسطة الدول الأقل نموا ، ومع الوقت تزداد قائمة اختراعات العالم المتقدم وتزداد قائمة المستحيلات في الدول النامية


3- زيادة التبعية : ومن أمثلة وآليات ذلك زيادة أعداد وأحجام أعمال الوكالة للشركات الأجنبية وتعاظم نفوذ الوكلاء في إدارة الشئون اليومية للوطن ، فضلا عن دخول الشركات الأجنبية في عمليات شراء الشركات الوطنية ،
تحول القوة البحثية إلي قوة تابعة ، وذلك من خلال التبعية للتمويل وأيضا من خلال السعي لمحاكاة مجالات اهتمام القوة البحثية في الدول المتقدمة
تحول الصناعة والقوة البحثية إلي سد احتياجات السوق طبقا للنموذج العالمي وليس طبقا لنموذج وطني أو قيم محلية
ازدياد تكلفة الحياة نظرا للضعف النسبي للتكنولوجيا الوطنية بالمقارنة بالأجنبية ، وأيضا نتيجة تبعية السوق لمنتجات العالم المتقدم

ماذا نفعل ؟
الاستقرار الحقيقي في عالم اليوم يكون بامتلاك القدرة علي التغيير والتقدم


المطلوب هو أن نقبل التفاعل الإيجابي النشيط مع المتغيرات العالمية وذلك يتطلب :


1- الإسراع في الإدارة بالمعرفة


2- إعادة هيكلة قوي العلم والانتاج والخدمات وعلاقاتها البينية وإيجاد نموذج وطني في هذا الصدد


3- حماية الخصخصة كأسلوب ومنهج من خلال دور إرشادي للدول


4- الانتباه إلي ضرورة تغيير طريقة حياتنا إذ رغم الوفرة النسبية في الامكانيات البشرية والموارد المادية ، إلا أن هذه الموارد والإمكانيات لا تدار بريقة تعظم من كفاءاتها


5- إحلال الانتماء إلي منظومة العمل محل الانصياع التقليدي إلي توجيهات مدير وحدة العمل


6- دفع منظومة العمل إلي حل مشكلات الأفراد والجماعات دون الانتظار إلي مصادفة أن ينجح أصحاب المشكلات في توصيلها إلي الإعلام أو إلي أعلي قيادات الدولة


7- ثورة وطنية من أجل تدعيم ونشر الثقافة العلمية والتفكير العلمي


8- وضع سياسات قومية للعلم والتكنولوجيا تتمكن من خلالها الدولة من ترشيد وتعظيم عائد الإنفاق الحكومي وإنفاق القطاعين العام والخاص ، وكذلك التعاون الدولي علي تنمية المعارف الوطنية ( العلمية والتكنولوجية والإنسانية )


9- الالتفاف الإيجابي حول اتفاقية حقوق الملكية الفكرية وذلك باللجوء إلي إحداث تطويرات تكنولوجية بسيطة متصاعدة وكذلك بالاختيار الدقيق للمحالات التي تعبأ فيها القدرات الوطنية من أجل إحداث تغييرات تكنولوجية جذرية

إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي 6

إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي 6

المعرفة علي أعتاب القرنين

في زمن قريب قادم ، سوف تصبح شهادة إتمام الدراسة الجامعية بدرجة البكالريوس مثل شهادة محو الأمية في الزمن الحالي ، كما أن امتلاك أدوات المعرفة وآليات تطورها سيصبح جواز مرور الأمم وإنقاذها من ( العبودية الجديدة )
في سياق هذا التطور سيصبح العلماء هم عمال الزمن القادم


المكون الجوهري في حياة الإنسان هو المعرفة من حيث التوصل إليها وتطبيقها


إن العالم يشهد الآن متغيرات وظواهر خطيرة بخصوص أنشطة العلم والبحث والتطوير ومنها :


1- تحول العمل العلمي من الجهود والإبداعات الفردية إلي الجهد الجماعي المنظم لفريق يتساوي أفراده في مستوي الأهمية وتخضع إنجازاته للتقييم الكمي والكيفي من خلال مؤشرات موضوعية


2- بدء تلاحم البحث العلمي والإنتاج الصناعي في الزمان والمكان ( مثلما يحدث في مجال إنتاج الأدوية بوسائل الهندسة الوراثية ) كنتيجة حتمية للعجلة المتسارعة في معدل تقلص الفاصل الزمني بين البحث العلمي من ناحية والتطبيق التكنولوجي من ناحية أخري


3- نشوء تحالفات مؤقتة أو دائمة بين الشركات الكبري أو الدول المتقدمة في مجالات البحث العلمي والتطوير نتيجة الازدياد المطرد في التكلفة الهائلة للأنشطة البحثية


4- خضوع العمل البحثي لأهداف تكون أحيانا غير منظورة للعلماء القائمين عليه بحيث قد تتعدي مجال اهتمامهم وحدود استيعابهم


5- التحول من ارتكاز الاستثمار علي فائض القيمة المتاح نتيجة استخدام رأس المال وقوة العمل التقليدي إلي ارتكازه علي القيمة المضافة بواسطة البحث العلمي والتطوير التكنولوجي وحدوث تغيرات كمية وكيفية هائلة نتيجة ذلك في توليد المعرفة وفي معايير الجودة

الطبقة العاملة الجديدة :


إن العلماء والمهندسين ( أي القائمين علي البحث والتطوير والتطبيق التكنولوجي ) هم الطبقة العاملة الجديدة ( البروليتاريا الجديدة ) في الزمن القادم بمعني أنهم يحلون محل الطبقة العاملة من حيث مكانتهم في العملية الإنتاجية حيث هم الركيزة الأساسية للقيمة المضافة والتي يحققونها بالاستخدام المنظم لعقولهم وليس لسواعدهم


ونستطيع أن نتوقع أن الفئة المتميزة ( العمالة المهرة ) في الطبقة العاملة الجديدة تتكون من المتخصصين في علوم وتكنولوجيا الكمبيوتر والمعلومات

ضرورات استراتيجية :


إن التوجهات التالية تعتبر في تصورنا ضرورات حياة :


1- إذا كان الاهتمام بالتعليم الفني وتكوين عمالة ماهرة هدفا مطلوبا في الوقت الحاضر فإن هناك حاجة إلي استراتيجية مختلفة للايتعداد لمواجهة متطلبات الزمن القادم بعد 15 – 30 عاما حيث يتوقع أن تندمج عمليات البحث التطبيقي والتطوير والإنتاج وأن تتشكل قوة العمل أساسا من العلماء والمهندسين


2- إذا كان العالم المتقدم يأخذ الآن منحي تقليص الفرص والإمكانات المتاحة لتقدم العالم الثالث حيث يشه علي ذلك الاتجاه إلي الاحتكار المطلق للمنتجات والعمليات الابتكارية (وقائع اجتماع أورجواي -1992) وإذا كان العالم المتقدم يفرض بحكم ريادته علي دول العالم الثالث مناخه ومتطلباته هو بحيث تجد هذه الدول نفسها منساقة إلي العمل رغم إرادتها من خلال الآليات المتاحة طبقا لأوليات الدول المتقدمة وليس أولوياتها هي ، فإن القبول المطلق لهذا الوضع ( دون فطنة استراتيجية وذكاء دبلوماسي ومنظور مستقبلي) يحمل خطر استحكام التخلف لعصور قادمة وليس لعشرين أو ثلاثين سنة فقط

ما هو المطلوب إذن ؟

أولا : بذل جهود عقلية عميقة ومكثفة بالدراسات العلمية من أجل فهم ما يجري الآن في العالم من تطور المعرفة وسياسات العلم والتكنولوجيا والمتغيرات الهيكلية والسوسيولوجية في الانتاج الصناعي واقتصادياته ، بحيث يوفر ذلك الفهم استيعابا لما يجري وقدرة علي توقع المستقبل وآلياته وكذلك حصرالركائز المعرفية المتاحة حاليا لهذه الآليات


ثانيا : إدراك أن الأمن القومي في المستقبل يتوقف علي ما ينبغي أن نحصل عليه من الآن من ركائز معرفية وتقانية زبالتالي وجوب التخطيط المحكم من أجل التوصل إلي الركائز الأساسية للمعارف والتقنيات اللازمة قبل أن يأتي الزمن الذي يحرم فيه من لا يفهم من الحصول علي أدوات الفهم والمعرفة والتقنية حيث سيجري تجريم أي تصرفات لأفراد أو حكومات تهدف إلي الحصول علي العديد من أنواع المعارف العلمية والتكنولوجية وذلك بفعل شرعية احتكارية دوليةجديدة آخذة في الظهور والتشكل في غفلة من إنسان العالم الثالث.


ثالثا: التجهيز العلمي والتعليمي والتربوي من الآن لمرحلة ستكون فيها المعرفة هي الإنتاج والإنتاج هو المعرفة وستشكل فيها قوة العمل من العلماء

وهكذا نجد الفاصل بين الزمن الحالي والزمن القادم يكمن في السيطرة علي أدوات المعرفة وآليات تطورها كما نجد أن امتلاك هذه الأدوات والآليات هو الجواز الوحيد للمرور من مصيدة العبودية الجديدة في زمن قادم في الطريق ولن يتأخر كثيراً

08‏/12‏/2010

إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي 5

إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي 5

الأبعاد الفسيولوجية للنظرية النسبية
( أو إزدياد ثراء حوار الإنسان مع الوجود)

كانت النظرية النسبية إحدي البدايات المهمة ليتخلي إنسان عصر الصناعة عن اليقين المغرور في الدقة الهندسية التي راح ينظر بها إلي الوجود ، ومع فتح باب الاحتمالات المتعددة غاصت المعرفة الإنسانية أعمق ، واكتشفت أكثر وأغزر

لم يفكر العلماء قط قبل النظرية النسبية في قياس زمن الأحداث الفسيولوجية بغير الزمن الكرونولوجي ( الساعات والدقائق ..الخ) أما بعد النظرية النسبية فإن البحث في الإطار المرجعي الذاتي للزمن الفسيولوجي قد تأخر كثيرا حتي سنوات قليلة مضت ،


أهم الأحداث الفسيولوجية في الحيوانات هي نبضات القلب ، إن نبضة واحدة من قلب فأر تستغرق 0.111 ثانية بينما مثيلتها في قلب الإنسان تستغرق 0.973 ثانية ، فهل يمكن أن يعني أن 0.973 ثانية من قلب الإنسان تكافئ من الناحية الفسيولوجية 0.111 ثانية في قلب الفأر

الإنسان والفأر :
إن زمن دورة تنفسية واحدة في الفأر يساوي 0.438 ثانية بينما يساوي في الإنسان 3.41 لقد لاحظ العلماء أن ناتج قسمة زمن دورة تنفسية واحدة علي زمن نبضة قلب واحدة في كل من الإنسان والفأر يكون (تقريبا) أربعة ، معني ذلك أن كل أربع نبضات في القلب في كل من الإنسان والفأر يقابلها دورة تنفسية واحدة أو بمعني آخر فإن زمن دورة تنفسية واحدة يستغرق أربعة أضعاف زمن ضربة القلب ، وكانت المفاجئة الجميلة للعلماء أن هذه العلاقة البسيطة موجودة بوضوح في كل الثدييات .. الإنسان و الفيل والفأر والأرنب والكلب والقط والقرد والضفدع و...

لقد ذكر آينشتين أن لكل جسم مرجعي زمنه الخاص به وبدون معرفة النظام المرجعي للجسم وبالتالي الإطار المرجعي للزمن الخاص به فليس هناك أي معني في ذكر الوقت الخاص بحدث ما يتعلق بالجسم امشار إليه

لقد قام العلماء في كل من الولايات المتحدة واليابان باختبار زمن كمون الدواء في أجسام الحيوانات وكانت المفاجأة أنه بينما اختلفت فترة نصف عمر الدواء في كل من الإنسان والكلب والقرد والجرذ والفأر عند القياس بالزمن الكرونولوجي اختلافا بينا فإن هذه الفترة كانت ثابتة وعددها 7253 نبضة قلب عند القياس بالزمن الفسيولوجي هذه هي النسبية الفسيولوجية ، والتي تعني قياس العمليات الفسيولوجية باستخدام تكرار وظيفة فسيولوجية معينة كإطار مرجعي

نتوقع إذن ونتيجة لاستعمال مفهوم النسبية الفسيولوجية قدوم ثورة نظرية وعلمية في العلوم القائمة علي علم البيولوجيا


إن هناك علاقة خطية تربط بين الحيوانات وبعضها بعضا ، إن هذا الاكتشاف يعني أنه طبقا لهذه العلاقة الخطية فإنه يمكن توقع ضربات القلب ( أو أي خاصية بيولوجية أخري ) لأي حيوان بمعلومية وزنه ، ذلك معناه أنه يمكن بسهولة استخدام معادلات رياضية بسيطة لوصف وتوقع الأداء البيولوجي للإنسان أو أي حيوان آخر

تأمل لقياس جديد :
من الدراسات السابقة توصل العلماء لنتيجة مهمة وهي أن خواص حركية الدواء في الحيوانات المختلفة تتبع تماما مفهوم النسبية البيولوجية وأكثر من ذلك إنه قد يحدث حيود بسيط عن هذه العلاقة الخطية بالنسبة للإنسان فقط ، وأن هذا الحيود يمكن تصحيحه وتوقعه إذا أخذنا في الاعتبار العلاقة بين وزن الحيوانات من جهة ومعدل الأداء البيولوجي مقسوما علي وزن المخ أو المتوسط العمر المتوقع للحيوان وبهذه الطريقة فقط تم تصحيح العلاقة الخطية ، أما السر في ذلك فهو أن الله سبحانه وتعالي حبا الإنسان باختلاف جوهري وحاد عن سائر الحيوانات وهو عبارة عن زيادة نسبية في كل من وزن المخ ومتوسط العمر المتوقع وهكذا فإن النسبية البيولوجية أو ضحت قيمة الزمن الفسيولوجي وليس الزمن الكرونولوجي بالنسبة للعمليات البيولوجية مما يعني أن هناك قوانين عامة تربط بين الأداء البيولوجي لكل الثدييات

فالنسبية تقول إن مايبدو علي السطح من تعقيد داخله بساطة عميقة سبحان الله جل شأنه






إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي 4

إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي 4

الأبعاد النفسية للنظرية النسبية


تعددية وجود الزمن
قال آينشتين : " لكل جسم مرجعي زمنه الخاص به وبدون معرفة النظام ( النسق) المرجعي للجسم وبالتالي الإطار المرجعي للزمن الخاص به فليس هناك أي معني في ذكر الوقت الخاص بحدث ما يتعلق بالجسم امشار إليه "

النسبية السيكولوجية:
كشفت الهزة الأرضية المعروفة بزلزال مسنا ( 1908) في الولايات المتحدة عن ثلاثة أشقاء ظلوا محجوزين علي قيد الحياة لمدة ثمانية عشر يوما تحت الأنقاض مرت عليهم ، كما ذكروا بعد ذكل كأربعة أيام فقط ، اختلف الإطار المرجعي للزمن لديهم عن الإنسان العادي

العاطفة والزمن:
نلاحظ أثر العاطفة في إدراك الزمن في مثل كلمات الشاعر نزار القباني عندما تحدث عن المرأة ( هي التي إذا لمست يدي يتكهرب الكون وتزداد سرعة الكرة الأرضية ، ويتحول تراب الأرض إلي ذهب .. المرأة ....ولكنها إذا جاءت قلبت قوانين الطبيعة )


إن كلمات نزار ليست مجرد تعبير شعوري أو رأي مطلق

البيئة الاجتماعية والزمن :
قال لي شان في بحث مهم عن علم النفس الاجتماعي : " أن أعضاء الطبقات الدنيا في المجتمع يرتكزون في تصرفاتهم علي الزمن الحاضر ( المضارع) ويظهر ذلك مثلا عند التحدث إلي الطفل هكذا : توقف عن ذلك التصرف الآن وإلا ضربتك ،


أما الطبقات المتوسطة فإن أعضائها ينطلقون في سلوكهم من مفهوم أن الوضع الحالي يؤثر في الأحداث المستقبلية كأن يقال : توقف عن ذلك وإلا فلن تحصل علي وظيفة مناسبة أو لن تلتحق بكلية محترمة .. ألخ


أما أعضاء الطبقات العليا في المجتمع فإنهم يبنون سلوكياتهم علي أساس أن الماضي يوجه ويهيمن علي الكيفية التي تتم بها الأمور في الحاضر والمستقبل كأن يقال للطفل : توقف عن ذلك فدك لم يكن ليحب أن تتصرف هكذا


وقد لاحظ الباحث أن الطبقات الدنيا تأكل عندما تجوع وأن الطبقات المتوسطة تأكل طبقا لتوقيت زمني محدد .. وأما الطبقات العليا فإن مواعيد تناول أفرادها لطعامهم تكون طبقا لما يتناسب مع التقاليد

الزمن واللا شعور :
في أطار النسبية السيكولوجية يهمنا أن نشير إلي أنه في لحظات معينة في بعض الحالات المرضية أو نتيجة الانهماك الشديد بعمل إبداعي ( فني أو علمي ..) تخصع السيطرة في العلاقة بالزمن للاشعور ، وللاشعور طبيعة خاصة وإدراك مختلف تماما بالنسبة للزمن ، حيث يتوقف تتابعه وتدفقه علي الطريقة التي يعرضها العقل الواعي ، فيري الشخص الأشياء والأحداث في غير الترتيب الزماني التقليدي لها ، ومع تلاشي الزمن التقليدي في اللاشعور تري الأشياء بطريقة مختلفة وبترتيب مختلف عن الإدراك العادي والمنطقي ، فتحدث هلوسة في الحالة المرضية أو ومضة إبداعية في الانهماك الشديد في العمل


التقدم والتخلف .. والزمن
عند المتقدمين يكون الزمن أداة من الأدوات أو بعدا مكملا للعقل البشري ، أما عند المتخلفين فإن الإنسان نفسه يكون أداة لدي الزمن ( إن صح التعبير)


أو أن هناك زمنين ، زمنا للإنسان المتقدم وآخر للإنسان المتخلف ، وبقدر التباعد الحضاري والعلمي والتكنولوجي بين النوعين من الإنسان يكون هناك تباعد بين الزمن الخاص لكل منهما ، وإذا كان العصر الحالي يشهد قدرا من التداخل بين الزمنين بمعني إمكان تصور كل من الإنسان المتقدم والإنسان المتخلف للزمن عند بعضهما البعض فقد يأتي عصر يستحيل فيه هذا الإمكان وينفصل الزمنان عن بعضهما كليا ويهمش الإنسان المتخلف تماما ويتحول إلي شئ آخر ؟!






إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي 3

إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي 3


لقد قادت الشبكة العصبية علماء الهندسة والبيولوجيا إلي ضرورة العمل الذهني المشترك حيث أدي ذلك إلي بزوغ السيبرناطقيا ( علم التحكم والاتصال في الكائن الحي والآلة ) كما قادت اكتشافات جزئ (DNA) إلي ازدهار البيولوجيا الجزئية ونمو الهندسة الوراثية ، هذين الحدثين البيولوجيين قد طبعا القرن العشرين بحسا جديدا لم يكن موجودا من قبل بنفس الوضوح وهو البرمجة


بمعني أنه قد تحولت البيولوجيا ( علم الحياة) من النشاط الوصفي إلي التأثير الفعال علي كل من تطور المعرفة المحض وتطور تكنولوجيا الاختراعات


وهكذا ينتقل الانسان من المادية الفيزيائية إلي الأمثلية البيولوجية ، وربما يكون من الطريف هنا أن نشير إلي أن اتخاذ الحدث البيولوجي ( مثل نبضة القلب) كإطار مرجعي للمقارنة بين أعمار الثدييات المختلفة كالفأر والكلب والقرد والإنسان والفيل ( بمعني أن نحسب العمر ليس بعدد السنوات ولكن بعدد نبضات القلب ) قد أدي إلي اكتشاف مهم وهو أن متوسط عمر جميع الثدييات ثابت ويساوي حوالي 800 إلي 900 مليون نبضة قلب


والآن نحن نتوقع ونترقب المزيد من التعمق الفلسفي والأخلاقي في ( الأمثلية البيولوجية) سيحدث ذلك ليس فقط في ظل اكتاشافات الجينوم وما سينتج عنه من تطبيقات تكنولوجية وتطورات علمية ولكن أيضا في ظل العديد من المستجدات المتوقعة والتي نستشرف منها ما يلي :


1- قدر من الفوضي المرحلية في الممارسات الإنسانية نتيجة امتلاك الإنسان لتقنيات جديدة في مجالات التكاثر البيلوجي والهندسة والعلاج الجيني


2- استنارة دينية أعمق تتناسب مع المعارف البيولوجية وتقود الإنسان إلي طفرة في استيعاب وفهم سنة الله في خلقه


3- تقسيم جديد للبشر إلي درجات ليس حسب موقعهم الجغرافي في دول متقدمة وأخري نامية ، أو شمال وجنوب ، ولكن حسب فهمهم للثورة البيولوجية الجارية وتعاملهم معها حسب قدرتهم المادية كأفراد علي استيعاب هذه الثورة والاستفادة من منجزاتها

وإذا كانت تباشير ( الأمثلية البيولوجية ) تنبه متخذ القرار إلي ضرورة الإسراع في تنظيم القدرة الوطنية علي الامتلاك الواعي لمفاتيح ثورة البيولوجيا ، فإنها أيضا تحفز أصحاب الفكر من المتخصصين في العلوم الطبيعية وكذلك في الاجتماع والفلسفة والاقتصاد والسياسة والتنمية البشرية علي رفع قدراتهم بشأن استيعاب جوهر وشكل زمن ( الأمثلية البيولوجية ) والتوصل إلي قدر من الفهم لما يمكن أن تكون عليه الآليات والعلاقات الأمثل في مجتمعنا في ظل هذا التقدم .







إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي 2

إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي 2


ربما لا يكون للزمن في حد ذاته بعد أو شكل خاص به ، لكن أفكارنا وتصوراتنا وأفعالنا هي التي تعطي للزمن أبعاده وأشكاله المختلفة ، وتعطينا نحن إحساسنا بالزمن


يمكننا إجمالا وصف الحس البيولوجي في فترة زمنية ما بأنه " جوهر المعرفة البيولوجية المؤثر في أفكارنا عن الأشياء وفي تفاعلاتنا معها "

البرمجة (Programming ) هي الحس البيولوجي للقرن العشرين

البرمجة من الأحياء إلي الكمبيوتر والعكس :


كانت البرمجة هي الأساس المعرفي الذي قاد إلي ظهور الإنسان الآلي والأقمار الصناعية والأٍلحة العسكرية المتطورة واستخدام إشعاع الفوتون والبوزيترون في عمل خريطة للأجسام الحية ، واستحداث أدوية بطرق الهندسة الوراثية والعديد من وسائل الحرب البيولوجية وإذا كانت البرمجة هي الحس البيولوجي للقرن العشرين فما هو الحس البيولوجي المتوقع في القرن القادم ؟


هناك ظاهرتين مهمتين في إطار التحولات علي الحدود بين القرنين 20 و 21


الأولي: أن تقدم علوم الكمبيوتر قد أعطي العلوم البيولوجية وسائل تقنية جديدة للبحث العلمي ، وقد قادت هذه الوسائل إلي اكتشافات علمية بيولوجية عظيمة أدت بدورها إلي تغذية مرتدة لعلوم وتقنيات الحاسب الآلي ، وهذه بالتالي تطورت كثر وأكثر وأعطت العلوم البيولوجية من جديد تقنيات أكثر تقدما ..


يمكننا وصف هذه الظاهرة باختصار ب :" التغذية المرتدة الثنائية بين العلوم البيولوجية وعلوم الكمبيوتر "

الثانية : بينما يوجد دائما فاصل زمني ومكاني بين البحث العلمي من ناحية ، وعمليات الانتاج من ناحية أخري ، فإننا نجد أن أحد أهم وأحدث فروع البيولوجي يتميز بوجود كلا النشاطين في زمن ومكان واحد ، إذ يحدث ذلك في مجال إنتاج الأدوية بواسطة وسائل الهندسة الوراثية


ثنائيات جديدة :


يتوقع أيضا أن يحدث الشئ نفسه مستقبلا بخصوص الأدوية المحتواة في كبسولات دقيقة تمكن الدواء من الوصول والتأثير فقط في المكان المقصود داخل الجسم ( العضو المصاب)


هذه الظاهرة " تلاحم البحث العلمي مع الإنتاج التجاري في مكان وزمن واحد " هذه الظاهرة تعد ظاهرة جديدة وخطيرة يتوقع أن تمتد إي مجالات أخري في الزمن القادم


إذن أهم ظاهرتين هما :


1- التغذية المرتدة الثنائية بين العلوم البيولوجية وعلوم الكمبيوتر


2- تلاحم أنشطة البحث العلمي والإنتاج التجاري في الزمان والمكان


( إيهاب : الكاتب مصري أستاذ في علم الأدوية مشهور ، وعلينا أن ننتبه إلي أن كلامه سيقتصر علي التمثيل بالأدوية في حين أنه يمكننا التعميم بل يجب علينا التعميم وهنا يكمن سر الاستفادة القصوي من الكتاب  )

التلاؤم مع الجديد .. أو التهميش :


بين الطريقين أو الزمن الحالي والحس البيولوجي للقرن 21 توجد مسافة كبيرة سيقطعها كل كائن بشري في كل مكان من هذا العالم بسرعة تتناسب تناسبا طرديا مع الوعي المعرفي الحالي له ، فقد يقطعها شخص في وحدة زمنية واحدة بينما يقطعها آخر في وحدات زمنية تكاد تكون لا نهائية ( قد تتعدي القرن 21) وهكذا علي كل كائن بشري جماعي ( مؤسسة – مجتمعا – أمة ) أن يتعرف علي ( ويحدد) عجلة النمو المعرفي الخاص به ومدي تلاؤمها مع النسق العلمي الكلي للعالم ، ذلك مع اعتبار أن الاستيعاب العملي للبيوسيانتيزم القادمة سيكون له مدلولاته وانعكاساته التي يصعب توقعا من الآن علي شكل العلاقات البشرية في القرن القادم فمثلا من سيتخلف عن الاستيعاب والتفاعل الإيجابي مع مفاهيم الزمن القادم هل سيظل بالنسبة للآخرين كائنا بشرياً حرا ؟ أم أنه سيهمش ؟ وما هي أبعاد التهميش الممكن ؟؟ هذا سيعتمد إلي حد كبير علي فلسفة البيوسيانتيزم القادمة كما سيتفهمها الإنسان المتقدم في القرن 21


06‏/12‏/2010

إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي

إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي


اسم الكتاب : إدارة المعرفة والإبداع المجتمعي
اسم المؤلف : دكتور محمد رءوف حامد
دار النشر : الهيئة المصرية العامة للكتاب (مكتبة الأسرة 2006)- دار عين للنشر
عدد الصفحات : 182


...........


فهرس الكتاب :


الباب الأول : تغيير الحس المعرفي:
1- الحس البيولوجي : رؤية مستقبلية
2- سنة الله في خلقه والقرن الواحد والعشرون
3- الأبعاد النفسية للنظرة النسبية
 4- الأبعاد الفسيولوجية


الباب الثاني: المعرفة علي أعتاب القرنين
1- العلماء العمال .. ومستقبل الأمن القومي
2- إدارة المعرفة .. ومستقبل الوطن
3- مستقبل التفكير العلمي
4- إدارة التغيير التكنولوجي
5- دواء القرن الواحد والعشرين


الباب الثالث: اللحاق بالتقدم:
1- من سلطة المعرفة إلي المشروع القومي
2- نقد الفكر المتعصب .. وتجزئة الواقع المتكامل
3- فترة التلكؤ عندما تطول
4- الإدارة .. أيديولوجية القرن ال21
5- نحو ميزان للتكنولوجيا
6- الطريق إلي عبور التخلف ومنافسة المتقدمين


الباب الرابع : إدارة الإبداع المجتمعي:
كلمة لابد أن تقال

05‏/12‏/2010

سيكولوجية الجماهير 17

سيكولوجية الجماهير 17


إن القادة المحركين يتحركون قليلا جدا بواسطة العقل والمحاكمة العقلية ، وكثيرا جدا بواسطة هيبتهم الشخصية ، وإذا ما عرتهم منها حالة ظرفية ما فإنهم يفقدون كل تأثير ونفوذ


إن المجالس النيابية السياسية هي آخر محل في الأرض يمكن للعبقرية أن تشع فيه ،


فلا أهمية فيه إلا للفصاحة الخطابية المتناسبة مع الزمان والمكان ، وللخدمات المقدمة للأحزاب السياسية لا للوطن

إن محرك الجماهير المزود بهيبة كافية يمتلك سلطة مطلقة تقريبا


إن محرك الجماهير نادرا ما يسبق الرأي العام ، بل هو يجهد في الغالب الأعم في تبني أخطائه

المجالس النيابية المستثارة بما فيه الكفاية والمنومة مغناطيسيا تبرز نفس الخصائص كبقية الجماهير ، فهي تصبح عبارة عن قطيع غنم متحرك يخضع لكل الدوافع الغريزية

وعلي الرغم من كل صعوبات تسيير المجالس النيابية ، فإنها تمثل أفضل طريقة وجدتها الشعوب حتي الآن من جل حكم ذاتها ، ثم بشكل أخص من أجل التخلص إلي أبعد حد ممكن من نير الإستبداد والطغيان الشخصي


ولا يهددها إلا خطران جديان هما : التبذير الاجباري للميزانية ، والتقييد التدريجي علي الحريات الفردية

كان هيربرت سبنسر قد بين في كتاب قديم أن زيادة الحرية الظاهرية يعني التنقيص من الحرية الحقيقية

إن التقليص التدريجي لكل الحريات لدي بعض الشعوب يبدو أنه ناتج عن شيخوختها بقدر ما هو ناتج عن النظام السياسي ، نقول ذلك علي الرغم من مظاهر التحلل والإباحية التي قد توهم هذه الشعوب بامتلاك الحرية

بعد أن تصل الحضارة إلي مستوي معين من القوة والتعقيد فإنها تتوقف عن النمو والكبر ، وما أن تتوقف عن الكبر حتي تصبح مدانة بالانحطاط السريع وعندئذ تدق ساعة الشيخوخة دون إبطاء


ومن صفات هذه الساعة المحتومة وهن يصيب المثال الأعلي الذي كان يدعم روح العرق البشري الصانع لهذه الحضارة

هذه هي دورة الحياة الخاصة بشعب ما : أي الانتقال من حالة البربرية إلي حالة الحضارة عن طريق ملاحقة حلم ما ثم الدخول في مرحلة الإنحطاط والموت ما أن يفقد هذا الحلم قوته .

سيكولوجية الجماهير 16

سيكولوجية الجماهير 16


الخصائص العامة للجماهير هي :
قابلية التحريض ، السذاجة أو سرعة التصديق ، الحركية والخفة ، المبالغة في العواطف سواء كانت طيبة أم سيئة

العرق ودوامة الحاجيات اليومية هما السيدان السريان اللذان يتحكمان بمصائرنا


المجالس النيابية:


إن النظام البرلماني يلخص في الواقع المثال الأعلي لكل الشعوب المتحضرة الحديثة ، إنه يجسد تلك الفكرة الخاطئة من الناحية النفسية ولكن المقبولة بشكل عام وشامل ، تقول هذه الفكرة بأن تجمع العدد الكبير من الناس يكون أكثر قدرة من العدد الصغير علي اتخاذ قرار حكيم ومستقل بخصوص موضوع محدد


إننا نعثر في المجالس النيابية علي الخصائص العامة للجماهير ، كالتبسيطية في الأفكار والنزق وسرعة الغضب والقابلية للتحريض والمبالغة في العواطف والتأثير الكاسح للمحركين والقادة

إن الجماهير البرلمانية شديدة القابلية للتحريض والعدوي وكما هي العادة دائما فإن التحريض يصدر عن محركين أو قادة محاطين بهالة الهيبة الشخصية ، ولكن قابلية التحريض والعدوي تظل محدودة في المجالس النيابية وذلك للأسباب التالية :


فيما يخص كل المسائل ذات الأهمية المحلية نجد أن كل نائب يمتلك آراء ثابتة وراسخة لا يمكن لأي مناقشة عقلانية أن تزعزها ، ولهذا السبب نجد في كل دورة برلمانية أو نيابية أن البرلمان يبدي آراء ثبوتية جدا وأخري ملتبسة جدا ، وفي نهاية المطاف لما كانت المسائل العامة هي الأكثر عددا فإن الالتباس هو الذي يتغلب ، وهذا الالتباس يغذيه الخوف المستمر من الناخب ، والاقتراح التحريضي المضمر لهذا الخوف يتوصل دائما إلي موازنة تأثير القادة المحركين


وهؤلاء الأخيرون هم في نهاية المطاف الأسياد الحقيقيون للمناقشات التي لا يكون للنواب آراء مسبقة أو ثابتة تجاهها.

سيكولوجية الجماهير 15

سيكولوجية الجماهير 15
محدودية تغير كل من عقائد الجماهير وآرائها

عقائد الجماهير وآراءها تشكل طبقتين متمايزتين تماما فمن جهة نجد العقائد الإيمانية الكبري والدائمة التي تدوم قرونا عديدة والتي ترتكز عليها حضارة بأكملها ، وهناك من جهة أخري الآراء العابرة والمتغيرة التي تتفرع غالبا عن مفاهيم عامة يشهد ظهورها وموتها كل عصر


العقائد الكبري العامة فذات عدد محصور جدا ، وتشكلها وتلاشيها يمثلان بالنسبة لكل عرق تاريخي نقاط الذروة في تاريخه ، إنها تشكل الهيكل العظمي للحضارات


أما الرأي العابر فينفذ بسهولة إلي روح الجماهير ، ولكن من الصعب جدا أن ترسخ فيه عقيدة دائمة ، كما أنه من الصعب تدمير هذه العقيدة بعد تشكيلها ، لا يمكن تغييرها إلا بعد ثورات عنيفة ، وفقط بعد أن تكون العقيدة قد فقدت تقريبا كل هيمنتها علي النفوس ، إن الثورات تساعد عندئذ علي التدمير الكلي للعقائد التي أصبحت مهجورة ولكنها لا تزال رازحة بسبب نير الأعراف والتقاليد والثورات التي تبتدئ تعني بالضرورة عقائد إيمانية تحتضر

وبدءا من اللحظة التي يأخذ فيها الناس بمناقشة عقيدة كبري ونقدها فإن زمن احتضارها يكون قد ابتدأ، ولكن حتي عندما تتزعزع أسس عقيدة راسخة ما فإن المؤسسات المتفرعة عنها تبقي محافظة علي قوتها ولا تتلاشي إلا ببطء ، وعندما تفقد أخيرا كل سلطة فإن كل ما كانت تدعمه يتهار.


ولم يحصل سابقا في التاريخ أن غير شعب ما عقائده دون أن يضطر فورا إلي تغيير عناصر حضارته


وما أن تنزرع عقيدة جديدة في روح الجماهير حتي تصبح ملهمة لمؤسساته وفنونه وسلوكه ، وتكون هيمنتها علي النفوس مطلقة عندئذ ، ويحلم رجال الممارسة والإنخراط بإنجازها علي أرض الواقع ، ويحلم المشرعون بتطبيقها ، ويهتم الفلاسفة والفنانون والأدباء بترجمتها بأشكال شتي

الغياب الكامل لتوجيه الرأي العام ثم انحلال العقائد العامة في نفس الوقت أديا في نهاية المطاف إلي التفتيت الكامل لكل القناعات واليقينيات ثم إلي شيوع اللامبالاة المتزايدة لدي الجماهير والأفراد في آن معا ، وذلك في كل ما يخص مصالحها المباشرة


الإنسان الحديث مصاب باللامبالاة أكثر فأكثر

إذا كان هناك شئ ما يمكنه أن يؤخر من ساعة الانهيار فإن ذلك سيكون بالضبط الحركية الهائلة للآراء واللامبالاة المتزايدة للجماهير تجاه كل العقائد العامة

سيكولوجية الجماهير 14

سيكولوجية الجماهير 14

الهيبة الشخصية

الهيبة هي عبارة عن نوع من الجاذبية التي يمارسها فرد ما علي روحنا ، أو يمارسها عمل أدبي ما أو عقيدة ما ، وهذه الجاذبية الساحرة تشل كل ملكاتنا النقدية وتملأ روحنا بالدهشة والاحترام
كان بسكال قد لاحظ بحق مدي حاجة القضاة للرداء والشعر المستعار فبدونهما يفقدون جزءا كبيرا من هيبتهم


فالآلهة والأبطال والعقائد تفرض نفسها فرضا ولا تناقش ، بل إنها تتلاشي مباشرة ما أن نناقشها

من بين جنرالات الفرقة العسكرية كان يوجد جنرال اسمه أوغيرو ، وهو رجل مرتزق بشكل بطولي ومبتذل ، وكان فخورا بقامته العالية وشجاعته ، وقد وصل الجنرالات إلي المقر العام للقيادة بنفسية غير راضية عن هذا الانتهازي الصغير الذي أ{سل لهم من باريس ( أي نابليون) وبحسب الوصف الذي كان قد وصلهم عنه فإن أوغيرو كان شتاما ومحبا للعصيان بشكل مسبق ، كانوا يقولون بأنه الأثير لدي باراس ، وأنه أحد الجنرالات الذين خاضوا معارك منطقة الفاندي غرب فرنسا ، وأنه جنرال شوارع ، وينظر إليه كالدب لأنه يفكر دائما في وحدته ، وأنه ذو هيئة صغيرة ، وأنه مشهور بعقل رياضي وحالم في آن .
ثم أدخلوهم عليه وتركهم نابليون ينتظرون فترة طويلة قبل أن يستقبلهم ، ثم ظهر أخيرا وهو مزنر بسيفع ، ثم لبس رداءه ، وشرح مواقفه ، وأعطاهم الأوامر وصرفهم ، وقد دهش أغيرو إلي حد أنه بقي صامتا لا ينبس ببنت شفة ، ولم يصح من صدمته إلا بعد أن خرج حيث عاد إلي طببيعته

وهذه القدرة الجبارة للجاذبية الشخصية تفسر لنا سر تلك العودة الرائعة لنابليون من جزيرةإيلب


كتب الجنرال الانجليزي ولسلي يقول : لقد نزل نابليون علي شواطئ فرنسا وحيدا تقريبا ، وكان قادما كالهارب من جزيرة إيلب الصغيرة التي كانت تشكل مملكته ، ونجح في بضعة أسابيع في قلب كل جهاز السلطة في فرنسا الواقع تحت حكم ملكها الشرعي وذلك دون أن يسفك قطرة دم واحدة

الهيبة الشخصية تختفي دائما مع الفشل ، فالبطل الذي صفقت له الجماهير بالأمس قد تحتقره علنا في الغد إذا ما أدرا الحظ له ظهره ، بل إن رد فعلها ضده يكون عنيفا بقدر ماكان احترامها له كبيرا ، وعندئذ تنظر الكثرة للبطل الذي سقط كنظير لها وتنتقم منه لأنها كات قد انحنت أمامه وأمام تفوقه المزعوم الذي لم تعد تعترف به

سيكولوجية الجماهير 13

سيكولوجية الجماهير 13

وسائل العمل التي يستخدمها المحركون أو القادة :
التأكيد ، التكرارا ، العدوي

التأكيد المجرد والعاري من كل محاجة عقلانية أو برهانية يشكل الوسيلة الموثوقة لإدخال فكرة ما في روح الجماهير

الإعلان لا يكتسب تأثيرا فعالا إلأا بشرط تكراره باستمرار وبنفس الكلمات والصياغات ما أمكن ذلك ، كان نابليون يقول بأنه لا يوجد إلا شكل واحد جاد من أشكال البلاغة هو : التكرار ، فالشئ المؤكد يتوصل عن طريق التكرار إلي الرسوخ في النفوس إلي درجة أنه يقبل كحقيقة برهانية

العدوي لا تتطلب الحضور المتزامن للأفراد في نقطة واحدة بل يمكن أن تنتشر علي البعد بتأثير من بعض الأحداث التي توجه النفوس في نفس الاتجاه وتخلع علي الجماهير ميزاتها الخاصة
إن الإنسان يشبه الحيوانات فيما يخص ظاهرة التقليد ، فالتقليد يشكل حاجة بالنسبة له بشرط أن يكون هذا التقليد سهلا بالطبع ، ومن هذه الحاجة بالذات يتولد تأثير الموضة وسواء كان الأمر يتعلق بالآراء أم الأفكار أم بالتظاهرات الأدبية أم بالأزياء بكل بساطة فكم هو عدد الذين يستطيعون التخلص من تأثيره ؟


فنحن نستطيع قيادة الجماهير بواسطة النماذج والموديلات وليس بواسطة المحاجات العقلية


وفي كل فترة نلاحظ أن عددا قليلا من الشخصيات هي التي تطبعها بطابعها وتؤثر عليها ، ثم تقلدهم الجماهير اللاوعية ، ولكن لا ينبغي علي هذه الشخصيات أن تنحرف كثيرا عن الأفكار الشائعة أو السائدة في عصرها ، ذلك أن تقليدها عندئذ يصبح صعبا جدا ، وتأثيرها معدوما ، ولهذا السبب بالذات فإن الأشخاص المتفوقين جدا في عصرهم ليس لهم أي تأثير عليه ، ذلك أن المسافة بينهم وبين معاصريهم ضخمة أكثر مما يجب

الأفكار الحالية للعمال وتصوراتهم تتبلور في الحانات التي يلتقون فيها ، وعقائد الجماهير في كل العصور تتبلور دائما بهذه الطريقة

العدوي بعد أن تكون قد انتشرت في الطبقات الشعبية تنتقل إلي الطبقات العليا من المجتمع ، ولهذا السبب فإن كل فكرة أتيح لها أن تصبح شعبية تفرض نفسها علي الطبقات الاجتماعية العليا حتي ولو كانت عبثية هذه الفكرة المنتصرة واضحة للعيان ، وهذا التأثير الذي تمارسه الطبقات الاجتماعية الدنيا علي الطبقات العليا غريب فعلا ، نقول ذلك خصوصا أن عقائد الجمهور متفرعة قليلا أو كثيرا وبشكل دائم عن فكرة عليا معينة ظلت غالبا دون أي تأثير علي الوسط الذي ولدت فيه لأول مرة ، وهذه الفكرة العليا يستولي عليها القادة المسحورون بها ثم ينشرونها بشكل مشوه أكثر فأكثر في أوساط الجماهير ، وبعد أن تصبح فكرة شعبية فإنها تعود بشكل من الأشكال إلي منبعها الأول ثم تؤثر من جديد علي الطبقات العليا في أمة من الأمم ، وفي نهاية المطاف يمكن القول بأن الذكاء هو الذي يقود العالم ، ولكنه يقوده من بعيد فعلا ، أي بعد وقت طويل فالفلاسفة الخلاقون للأفكار لا تنتصر أفكارهم إلا بعد موتهم وتحول أجسادهم إلي غبار منذ زمن طويل

سيكولوجية الجماهير 12

سيكولوجية الجماهير 12

محركوا الجماهير

محركوا الجماهير: ما أن يتجمع عدد ما من الكائنات الحية ، سواء أكان الأمر يتعلق بقطيع من الحيوانات أو بجمهور من البشر ، حتي يضعوا أنفسهم بشكل غريزي تحت سلطة زعيم ما ، أي محرك للجماهير أو قائد


ونلاحظ أن القائد يلعب دورا ضخما بالنسبة للجماهير البشرية فإرادته تمثل النواة التي تتحلق حولها الآراء وتنصهر فيها والجمهور عبارة عن قطيع لا يستطيع الإستغناء عن سيد


إن القادة ليسوا في الغالب رجال فكر ، ولا يمكنهم أن يكونوا ، وإنما رجال ممارسة وإنخراط وهم قليلو الفطنة وغير بعيدي النظر


الكثرة تصغي دائما للإنسان المزود بإرادة قوية


الشعوب لم ينقصها أبدا قادة في التاريخ ، ولكنهم لا يمتلكون جميعا تلك القناعات القوية التي تصنع القادة الكبار والرسل ، فهؤلاء القادة هم غالبا عبارة عن خطباء ماهرين لايفكرون إلأا بمصالحهم الشخصية ، وهم يحاولون إقناع الجماهير عن طريق دغدغة الغرائز الوضيعة ، وبالتالي فإن النفوذ الذي يمارسونه علي الناس يظل دائما مؤقتا وعابرا

إن دور القادة الكبار يكمن في بث الإيمان سواء أكان هذا الإيمان دينيا أم سياسيا أم إجتماعيا

إن سلطة القادة استبدادية جدا ، ولا تتمكن من فرض نفسها إلا بواسطة هذه الإستبدادية

الشئ الذي يهيمن علي روح الجماهير ليس الحاجة إلي الحرية وإنما إلي العبودية ، ذلك أن ظمأها للطاعة يجعلها تخضع غرائزيا لمن يعلن بأنه زعيمها



ويمكننا تصنيف محركي الجماهير وقادتها إلي فئات متمايزة بما فيه الكفاية ،
 فبعضهم: رجال نشطون ذوو إرادة قوية ولكن آنية ومؤقتة وبعضهم الآخر أكثر ندرة بكثير وهم يمتلكون إرادة قوية ودائمة في آن معا ، والأولون يبدون عنيفين شجعانا جريئين ، وهم يصلحون بشكل خاص لتوجيه ضربة خاطفة ، وجر الجماهير إلي ما يريدونه علي الرغم من وجود خطر ، ثم تحويل منهكي الأمس إلي أبطال ، ولكن إذا كانت طاقة قادة كهؤلاء ضخمة وجبارة فإنها تبقي آنية ومؤقتة ولا يمكن أن تعيش طويلا بعد المحرض الذي ولدها أو أثارها ، فبعد أن يعودوا إلي الحياة العادية نجد الأبطال الذين كانوا مشحونين بهذه الطاقة يبدون عاجزين عن التفكير والتصرف الناجح في الظروف الأكثر بساطة بعد أن كانوا قد عرفوا كيف يقودون الآخرين بكل ذكاء ، وهؤلاء القادة لا يستطيعون ممارسة وظيفتهم إلا بشرط أن يكونوا مقودين أنفسهم ومستشارين بدون توقف ، وبشرط أن يشعروا بوجود رجل فوق رأسهم باستمرار أو وجود فكرة ، وبشرط أن يتبعوا خطاً في السلوك محددا تماما

أما الفئة الثانية : من القادة والمتمثلة بالرجال ذوي الإرادة الدائمة فإنهم يمارسون تأثيرا أككب بكثير علي الرغم من استخدامهم لأساليب أقل بهاء وإشراقا ، وفي صفوفهم نجد المؤسسين الحقيقيين للأديان أو المنجزات الكبري


فالإرادة الدائمة التي يمتلكونها تمثل ملكة نادرة جداً جداً وجبارة إلي أبعد حد ، وقادرة علي أن تخضع كل شئ ، ومهما فعلنا فلن نعرف بما فيه الكفاية مدي طاقة وإمكانيات الإرادة القوية والمستمرة ، فلا شئ يستطيع مقاومتها أو الوقوف في وجهها

سيكولوجية الجماهير 11

سيكولوجية الجماهير 11

العوامل المباشرة التي تساهم في تشكيل آراء الجماهير

2- الأوهام:


الأوهام تمثل ظلالا عبثية ، فلو أننا دمرنا كل الاعمال الفنية والنصب التذكارية المستلهمة من قبل الدين والموجودة في المتاحف والمكتبات وجعلناها تتساقط علي بلاط الرصيف ، فما الذي سيتبقي بعدئذ من الاحلام البشرية الكبري ؟
إن سبب وجود الآلهة والأبطال والشعراء أو مبرر هذا الوجود هو خلع بعض الأمل والوهم علي حياة البشر الذين لا يمكنهم أن يعيشو بدونهما ، وقد بدا لبعض الوقت أن العلم يضطلع بهذه المهمة ، ولكن الشئ الذي حط مكانته في نظر القلوب الجائعة للمثال الأعلي ، هو أنه لم يعد يجرؤ علي توزيع الوعود هنا وهناك ، كما أنه لا يعرف يكذب بما فيه الكفاية

( إيهاب : اعترض علي إدراج الدين ضمن الاوهام ولكني أتفهم قول الكاتب أنه يعني الأديان المحرفة أو الفهم المغلوط باسم الدين فهذا لم تسلم منه أمة حتي نحن معاشر المسلمين فلدينا آلاف من المشائخ والعمم التي تسوغ لنا حياة التسول والذل باسم الصبر وانتظار العدل الأخروي وتحرفنا عن الواقع وتبعدنا عن صراعه بدعاوي وتأويلات ما أنزل الله بها من سلطان حتي صار الدين وفهمه كالاوهام التي يغذي بها المنتسبين إلي الدين أتباعهم حتي يبقي الوضع علي ما هو عليه بل أسوأ )

فالجماهير لم تكن في حياتها أبدا ظمأي للحقيقة وأما الحقائق التي تزعجهم فإنهم يحولون أنظارهم باتجاه آخر ويفضلون تأليه الخطأ ، إذا ما جذبهم الخطأ ، فمن يعرف إيهامهم يصبح سيداً لهم ، ومن يحاول قشع الأوهام عن أعينهم يصبح ضحية


3- التجربة:


تشكل التجربة تقريبا المنهجية الوحيدة الفعالة من أجل زرع حقيقة ما في روح الجماهير بشكل راسخ ، وعموما فإن التجارب التي عاشها جيل ما غير ذات جدوي بالنسبة للجيل اللاحق ، ولهذا السبب فإن الأحداث التاريخية التي تضرب عادة كمثل علي العظة والبرهنة لا تفيد شيئا ، ففائدتها الوحيدة تكمن فقط في البرهنة علي مدي ضرورة تكرار التجارب من عصر إلي عصر من أجل أن تمارس بعض التأثير وتنجح في زعزعة خطأ راسخ بالقوة

4- العقل :


يمكن أن نعفي انفسنا من ذكر العقل إذا ما عددنا العوامل القادرة علي التأثير علي روح الجماهير ، ولكننا سنتحدث عنه كعامل سلبي لا كعامل إيجابي في التأثير فقوانين المنطق العقلاني ليس لها أي تأثير علي الجماهير فلكي نقنع الجماهير ينبغي أولا أن نفهم العواطف الجياشة في صدورها ، وأن نتظاهر بأننا نشاطرها إياها ثم نحاول بعدئذ أن نغيرها عن طريق إثارة بعض الصور المحرضة بواسطة الربط غير المنطقي أو البدائي بين الأشياء وينبغي أن نعرف في كل لحظة كيف نتراجع ، ثم ينبغي بشكل خاص أن نخمن في كل لحظة العواطف التي نولدها

سيكولوجية الجماهير 10

سيكولوجية الجماهير 10

العوامل المباشرة التي تساهم في تشكيل آراء الجماهير

1- الصور ، والكلمات ، والعبارات (أو الشعارات):


إذا لم نكن نمتلك الصور فإنه من الممكن أن نثيرها في مخيلة الجماهير عن طريق الإستخدام الذكي والصائب للكلمات والعبارات المناسبة ، فإذا ما استخدمناها بشكل فني لبق فإنها تستطيع عندئذ أن تمتلك القوة السرية التي كان اتباع السحر يعزونها إليها في الماضي

الكلمات التي يصعب تحديد معانيها بشكل دقيق هي التي تمتلك أحيانا أكبر قدرة علي التأثير والفعل مثل: ديمقراطية ، اشتراكية ، مساواة ، حرية ، إلخ ..


الكلمة ليست إلا الزر الذي نكبسه لكي تخرج الصور فوراً

مع المخزون من الصياغات التعبيرية والأشياء المبتذلة المتعلمة في الطفولة فإننا نمتلك كل ما يلزمنا من أجل عبور الحياة بدون الحاجة المتعبة والمضنية لأن نفكر


ما هي أوجه التشابه التي يمكن أن توجد بين مؤسسات الإغريق والمؤسسات التي نعرفها حالياً وتحمل نفس الأسماء ؟


فماذا كانت تعني الجمهورية آنذاك ، اللهم إلا مؤسسة أرستقراطية مشكلة من اتحاد مستبدين صغار يهيمنون علي جمهور من العبيد الخاضعين للإستعباد المطلق ؟ وهذه الارستقراطيات القروية المرتكزة علي نظام العبودية ماكان بإمكانها أن توجد لحظة واحدة لولاه ، وإذن فما العلاقة بين جمهوريتهم وجمهوريتنا؟


نستنتج من ذلك أن الكلمات ليس لها إلا معان متحركة ومؤقتة ومتغيرة من عصر إلي عصر ، ومن شعب إلي شعب ، وعندما نريد أن نؤثر علي الجمهور بواسطتها ، فإنه ينبغي علينا أولاً أن نعرف ما هو معناها بالنسبة له في لحظة معينة ، وليس معناها في الماضي أو معناها بالنسبة لأفراد ذوي تكوين عقلي مختلف ، فالكلمات تعيش كالأفكار

وعندما تشعر الجماهير بنفور عميق من الصور التي تثيرها بعض بعض الكلمات وذلك علي أثر الإنقلابات السياسية والمتغيرات التي أصابت العقائد ، فإن الواجب الأول لرجل الدولة الحقيقي هو تغيير هذه الكلمات دون أن يمس الأشياء ذاتها بالطبع.

فكلمة ديمقراطية تعني لدي اللاتين بشكل خاص إمحاء الإرادة وحس المبادرة لدي الفرد لكي تصبحا تابعتين للدولة


فهذه الأيرة تصبح مسؤولة أكثر فأكثر عن القيادة وتطبيق المركزية واحتكار تسيير الأمور والتصنيع ، وإليها تلجأ كل الأحزاب بدون استثناء من راديكالية واشتراكية وملكية ، وذلك بشكل مستمر ، وأما لدي الأنغلوساكسون وخصوصا في أمريكا فإن كلمة ديمقراطية ذاتها تعني علي العكس التنمية المكثفة للإرادة وللفرد ، كما وتعني إمحاء الدولة وضعف دورها في تسيير الأمور ، ففيما عدا قطاعات البوليس والجيش والعلاقات الديبلوماسية لا تقود الدولة أي شئ بما في ذلك قطاع التعليم ، وبالتالي فإن نفس الكلمة تعني لدي هذين الشعبين معني مختلفا كليا

سيكولوجية الجماهير 9

سيكولوجية الجماهير 9
العوامل البعيدة المشكلة لعقائد الجماهير وآرائها



3- الزمن :

الزمن هو الذي يطبخ آراء وعقائد الجماهير علي ناره البطيئة وهو أحد العوامل الأكثر تأثيرا ونشاطا فهو يمثل المولد الحقيقي والمدمر الكبير ، فهو الذي بني الجبال من حبات الرمل ، والشخص الذي يمتلك القوة السحرية للتحكم بالزمن والتلاعب به ، سوف يمكتلك الجبروت

( إيهاب : مفهوم الزمن نفسه تغير في هذا العصر فلينتبه إلي ذلك ، فتسارع الإيقاع أحد أهم خصائص عصرنا ومع ذلك فالوقت كما قال المؤلف مهم جدا )

4- المؤسسات السياسية والاجتماعية:


المؤسسات السياسية هي بنت الأفكار والعواطف والأخلاق والطبائع ، فالمؤسسات والحكومات تمثل منتوج العرق وبدلا من أن تكون خلاقة العصر فهي مخلوقته


إذن فإنها مهمة تافهة وتمرينا بلاغيا لا جدوي منه أن نضيع وقتنا في صناعة الدساتير أو تأليفها ، فالضرورة والزمن كفيلان ببلورتهما عندما نترك هذين العاملين يفعلان فعلهما


نستنتج مما سبق أن البحث عن وسيلة للتأثير علي روح الجماهير لا ينبغي أن يكون في المؤسسات فالشعوب تبقي محكومة بخصائصها وطباعها

5- التعليم والتربية :
كان هيربيرت سبنسر كان يستيطع البرهنة بسهولة علي أن التعليم لا يجعل الإنسان لا أكثر أخلاقية ولا أكثر سعادة ، وإنه لا يغير غرائزه وأهوائه الوراثية ، ولكن بالطبع لا أحد يقول بأن التعليم الجيد لا يؤدي إلي نتائج مفيدة جداً ، وإّا كان لا يرفع مستوي الأخلاقية لدي الشخص ، فإنه علي الأقل يتيح له تطوير قدراته المهنية وكنت أنا شخصيا قد بينت في كتب عديدة أن تعليمنا الحالي يحول عددا كبيرا من أولئك الذين يتلقونه إلي أعداء للمجتمع ، فالخطر الأول لهذه التربية المدعوة حقا باللاتينية هو ارتكازها علي خطأ نفسي أساسي مفاده أن استذكار الكتب المدرسية يطور الذكاء أو يجعله يتفتح


يقول السيد جول سيمون الزير السابق للتعليم بهذا الصدد ما يلي : " إن تعلم الدروس وحفظ القواعد أو المحاضرات عن ظهر قلب ، ثم تدادها وتقليدها جيدا يشكل ثقافة مسلية ، وفيها نجد أن كل جهد هو عبارة عن إيمان واعتقاد بمعصومية الأستاذ وهي لا تؤدي في النهاية إلا إلي خفض مستوانا وجعلنا عاجزين "

بدلا من تحضير رجال المستقبل لمواجهة الحياة ، فإن المدرسة لا تحضرهم إلا للوظائف العامة حيث لا يتطلب النجاح أي جهد شخصي أو مبادرة ذاتية من طرف الطالب فهو يخلق في أسفل السلم الاجتماعي جيوشا من البروليتاريين الناقمين علي وضعهم والمستعدين دائما للتمرد ، ويخلق في أعلي السلم الاجتماعي بورجوازيتنا الطائشة ، المتشككة والساذجة في آن معاً ، هذه البورجوازية التي تثق ثقة خرافية بالدولة وكأنها قادرة علي صنع المعجزات ، وعلي الرغم من ذلك فهي تلومها باستمرار وتتهم الحكومات باقتراف أخطائها الخاصة بالذات ، وهي عاجزة عن القيام بأي مبادرة أو مشروع بدون تدخل السلطة

فاكتساب المعارف التي لا يمكن استخدامها هو الوسيلة المؤكدة لتحويل الإنسان إلي متمرد

وحدها التجربة هي المربية الأولي والأخيرة للشعوب ، قادرة علي الكشف عن خطئنا ووحدها قادرة علي إقناعنا بضرورة تغيير كتبنا المدرسية الغبية ، ومسابقاتنا المحزنة واستبدال التعليم المهني والتخصصي بها . فهو وحده القادر علي إعادة الشبيبة إلي الحقول والمصانع والشركات


إن الأفكار لا تتشكل إلا في وسطها الطبيعي والعادي والشئ الذي ينبت براعمها هو الإنطباعات الحسية العديدة جدا والتي يتلقاها الصبي كل يوم في المشغل أو في المنجم أو في المحكمة أو في المدرسة أو في الورشة أو في المستشفي أو في مجموعة الآلات

التعليم لا يجئ من الكتب وإنما من الأشياء ذاتها