05‏/12‏/2010

سيكولوجية الجماهير 12

سيكولوجية الجماهير 12

محركوا الجماهير

محركوا الجماهير: ما أن يتجمع عدد ما من الكائنات الحية ، سواء أكان الأمر يتعلق بقطيع من الحيوانات أو بجمهور من البشر ، حتي يضعوا أنفسهم بشكل غريزي تحت سلطة زعيم ما ، أي محرك للجماهير أو قائد


ونلاحظ أن القائد يلعب دورا ضخما بالنسبة للجماهير البشرية فإرادته تمثل النواة التي تتحلق حولها الآراء وتنصهر فيها والجمهور عبارة عن قطيع لا يستطيع الإستغناء عن سيد


إن القادة ليسوا في الغالب رجال فكر ، ولا يمكنهم أن يكونوا ، وإنما رجال ممارسة وإنخراط وهم قليلو الفطنة وغير بعيدي النظر


الكثرة تصغي دائما للإنسان المزود بإرادة قوية


الشعوب لم ينقصها أبدا قادة في التاريخ ، ولكنهم لا يمتلكون جميعا تلك القناعات القوية التي تصنع القادة الكبار والرسل ، فهؤلاء القادة هم غالبا عبارة عن خطباء ماهرين لايفكرون إلأا بمصالحهم الشخصية ، وهم يحاولون إقناع الجماهير عن طريق دغدغة الغرائز الوضيعة ، وبالتالي فإن النفوذ الذي يمارسونه علي الناس يظل دائما مؤقتا وعابرا

إن دور القادة الكبار يكمن في بث الإيمان سواء أكان هذا الإيمان دينيا أم سياسيا أم إجتماعيا

إن سلطة القادة استبدادية جدا ، ولا تتمكن من فرض نفسها إلا بواسطة هذه الإستبدادية

الشئ الذي يهيمن علي روح الجماهير ليس الحاجة إلي الحرية وإنما إلي العبودية ، ذلك أن ظمأها للطاعة يجعلها تخضع غرائزيا لمن يعلن بأنه زعيمها



ويمكننا تصنيف محركي الجماهير وقادتها إلي فئات متمايزة بما فيه الكفاية ،
 فبعضهم: رجال نشطون ذوو إرادة قوية ولكن آنية ومؤقتة وبعضهم الآخر أكثر ندرة بكثير وهم يمتلكون إرادة قوية ودائمة في آن معا ، والأولون يبدون عنيفين شجعانا جريئين ، وهم يصلحون بشكل خاص لتوجيه ضربة خاطفة ، وجر الجماهير إلي ما يريدونه علي الرغم من وجود خطر ، ثم تحويل منهكي الأمس إلي أبطال ، ولكن إذا كانت طاقة قادة كهؤلاء ضخمة وجبارة فإنها تبقي آنية ومؤقتة ولا يمكن أن تعيش طويلا بعد المحرض الذي ولدها أو أثارها ، فبعد أن يعودوا إلي الحياة العادية نجد الأبطال الذين كانوا مشحونين بهذه الطاقة يبدون عاجزين عن التفكير والتصرف الناجح في الظروف الأكثر بساطة بعد أن كانوا قد عرفوا كيف يقودون الآخرين بكل ذكاء ، وهؤلاء القادة لا يستطيعون ممارسة وظيفتهم إلا بشرط أن يكونوا مقودين أنفسهم ومستشارين بدون توقف ، وبشرط أن يشعروا بوجود رجل فوق رأسهم باستمرار أو وجود فكرة ، وبشرط أن يتبعوا خطاً في السلوك محددا تماما

أما الفئة الثانية : من القادة والمتمثلة بالرجال ذوي الإرادة الدائمة فإنهم يمارسون تأثيرا أككب بكثير علي الرغم من استخدامهم لأساليب أقل بهاء وإشراقا ، وفي صفوفهم نجد المؤسسين الحقيقيين للأديان أو المنجزات الكبري


فالإرادة الدائمة التي يمتلكونها تمثل ملكة نادرة جداً جداً وجبارة إلي أبعد حد ، وقادرة علي أن تخضع كل شئ ، ومهما فعلنا فلن نعرف بما فيه الكفاية مدي طاقة وإمكانيات الإرادة القوية والمستمرة ، فلا شئ يستطيع مقاومتها أو الوقوف في وجهها

0 التعليقات: