05‏/12‏/2010

سيكولوجية الجماهير 13

سيكولوجية الجماهير 13

وسائل العمل التي يستخدمها المحركون أو القادة :
التأكيد ، التكرارا ، العدوي

التأكيد المجرد والعاري من كل محاجة عقلانية أو برهانية يشكل الوسيلة الموثوقة لإدخال فكرة ما في روح الجماهير

الإعلان لا يكتسب تأثيرا فعالا إلأا بشرط تكراره باستمرار وبنفس الكلمات والصياغات ما أمكن ذلك ، كان نابليون يقول بأنه لا يوجد إلا شكل واحد جاد من أشكال البلاغة هو : التكرار ، فالشئ المؤكد يتوصل عن طريق التكرار إلي الرسوخ في النفوس إلي درجة أنه يقبل كحقيقة برهانية

العدوي لا تتطلب الحضور المتزامن للأفراد في نقطة واحدة بل يمكن أن تنتشر علي البعد بتأثير من بعض الأحداث التي توجه النفوس في نفس الاتجاه وتخلع علي الجماهير ميزاتها الخاصة
إن الإنسان يشبه الحيوانات فيما يخص ظاهرة التقليد ، فالتقليد يشكل حاجة بالنسبة له بشرط أن يكون هذا التقليد سهلا بالطبع ، ومن هذه الحاجة بالذات يتولد تأثير الموضة وسواء كان الأمر يتعلق بالآراء أم الأفكار أم بالتظاهرات الأدبية أم بالأزياء بكل بساطة فكم هو عدد الذين يستطيعون التخلص من تأثيره ؟


فنحن نستطيع قيادة الجماهير بواسطة النماذج والموديلات وليس بواسطة المحاجات العقلية


وفي كل فترة نلاحظ أن عددا قليلا من الشخصيات هي التي تطبعها بطابعها وتؤثر عليها ، ثم تقلدهم الجماهير اللاوعية ، ولكن لا ينبغي علي هذه الشخصيات أن تنحرف كثيرا عن الأفكار الشائعة أو السائدة في عصرها ، ذلك أن تقليدها عندئذ يصبح صعبا جدا ، وتأثيرها معدوما ، ولهذا السبب بالذات فإن الأشخاص المتفوقين جدا في عصرهم ليس لهم أي تأثير عليه ، ذلك أن المسافة بينهم وبين معاصريهم ضخمة أكثر مما يجب

الأفكار الحالية للعمال وتصوراتهم تتبلور في الحانات التي يلتقون فيها ، وعقائد الجماهير في كل العصور تتبلور دائما بهذه الطريقة

العدوي بعد أن تكون قد انتشرت في الطبقات الشعبية تنتقل إلي الطبقات العليا من المجتمع ، ولهذا السبب فإن كل فكرة أتيح لها أن تصبح شعبية تفرض نفسها علي الطبقات الاجتماعية العليا حتي ولو كانت عبثية هذه الفكرة المنتصرة واضحة للعيان ، وهذا التأثير الذي تمارسه الطبقات الاجتماعية الدنيا علي الطبقات العليا غريب فعلا ، نقول ذلك خصوصا أن عقائد الجمهور متفرعة قليلا أو كثيرا وبشكل دائم عن فكرة عليا معينة ظلت غالبا دون أي تأثير علي الوسط الذي ولدت فيه لأول مرة ، وهذه الفكرة العليا يستولي عليها القادة المسحورون بها ثم ينشرونها بشكل مشوه أكثر فأكثر في أوساط الجماهير ، وبعد أن تصبح فكرة شعبية فإنها تعود بشكل من الأشكال إلي منبعها الأول ثم تؤثر من جديد علي الطبقات العليا في أمة من الأمم ، وفي نهاية المطاف يمكن القول بأن الذكاء هو الذي يقود العالم ، ولكنه يقوده من بعيد فعلا ، أي بعد وقت طويل فالفلاسفة الخلاقون للأفكار لا تنتصر أفكارهم إلا بعد موتهم وتحول أجسادهم إلي غبار منذ زمن طويل

0 التعليقات: