29‏/03‏/2010

كتب وكتاب - 16

جورج برناردشو

أندريه مورا

هذه الدراسة فصل من كتاب يعتبر من أمتع ما كتب أندريه موروا ، وإن كان من أقل مؤلفاته شهره عندنا ، الكتاب عنوانه ساحرون ومنطقيون

قليلون من الفرنسيين فهموا الانجليز كما فهمهم موروا ، الفرنسي الذي يفهم الانجليز أو يحبهم نادر ، معظم الفرنسيين يعجبون بالانجليز ولكنهم يجدون فيهم غرابة أو شذوذاً أو بروداً أو أنانية ، وأشياء أخري

ماكتبه موروا عن ديكنز في كتابه المسمي دراسات إنجليزية يعد من أحسن ما كتب عن أمير القصصيين الانجليز لذا يندر أن تقرأ بحثا عن ديكنز دون إشارة إلي مقال موروا

الفقرتان الأولي والثانية تعرضان حياة من يترجم له هذه ناحية هامة ينساها الكثيرون ممن ينشئون مثل هذه الدراسات


فلا يمكن أن نتصور إنسانا دون إطار من زمنه وميدان حياته

في بداية حياة برناردشو الأدبية سأله صحفي أن يعرف نفسه فقال : " برنارد شو رجل أعزب ، أيرلندي ، نباتي ، كذاب ، دجال ، وهو اشتراكي ومحاضر مولع بالمويسقي ، ينكر إنكاراً شديدا المركز الذي تحتله المرأة في حضارتنا ويؤمن بالفن إيماناً جاداً "


يقول موروا طريقة برنارد شو كما في تلك العبارة السابقة هي طريقة تتلخص في إحداث وقع مفاجئ فكه في نفس القارئ عن طريق إيراد الحقائق في بساطة وتهكم ، فكل مافي هذه العبارة صحيح .
من أقوال شو  :


" لا تعمل للناس ما تحب أن يعملوه لك ، فإن ميولهم قد تختلف عن ميولك "
"لا تقاوم الإغراء أبداً ، بل جرب كل شئ واستمسك بكل ما تجده طيباً لك .. والقاعدة الذهبية هي أنه لا توجد قاعدة ذهبية "

التزم شو في حياته طريقا هو أقرب إلي الزهد والتقشف ، فقد عاش عزبا لا يقرب النساء نباتيا لا يأكل اللحم ، ولم يشرب الخمر ولا عرف التدخين ، حتي القهوة والشاي حرمهما علي نفسه ، لأنه كان يعتقد أن كل ستثارة للذهن جريمة اعتداء علي النفس الإنسانية


لوم يكن شو يضيق بالفقر أو يتململ منه ، فقد قال يصف أوائل سنوات سعيه أيام كان لا يظفر بما يسد ضروراته : " لا أستطيع القول بأنني ذقت الفقر حقا ، فقبل أن أستطيع كسب شئ بقلمي كنت أملك مكتبة عظيمة في المتحف البريطاني ، وكان لدي أجمل معرض للوحات الفنية قرب ميدان ترافالجار . وماذا كنت أستطيع أن أعمل بالمال ؟ أدخن السيجار ؟ إنني لا أدخن .. أشرب الشمبانيا ؟ إنني لا أشرب .. اشتري ثلاثين بذلة من آخر طراز ؟ إذن لأسرع بدعوتي للعشاء في قصورهم أولئك الذين أتحاشي رؤيتهم قدر ما أستطيع .. اشتري خيلا ؟ إن الخيل خطرة .. سيارات ؟ إنها تضايقني .. والآن لدي خيالا خصباً وعلي قدر ما تعي ذاكرتي من الماضي ، لا أذكر أنني احتجت شيئاً أكثر من أن استلقي وأغلق عيني لأتصور نفسي كما أحب وفعل في الخيال ما أريد ..وإذن ففيم كان ينفعني الترف التعيس الذي يزخر به شارع بوند ؟ ..

كان شو يقرأ في نهم بالغ من الصباح إلي المساء ، وعندما يتعب من القراءة والكتابة كان يمضي إلي متاحف الفن


كان يقول : " لكي يسمع الناس ما أقول اضطررت إلي أن اتكلم علي نحو يجعل الناس يتصورون أنني مجنون ، مجنون يسمح له الناس بالحقوق والحريات التي يتمتع بها مضحك البلاط "
وكان يقول إنه علي استعداد لأن يطوف شوراع لندن حاملاً علي ظهره آلة موسيقية تدار باليد ومتنكراً في هيئة بهلوان إذا كان هذا ضرورياً ليسمع الناس ما يقول
حصل سنة 1925 علي جائزة نوبل في الدب
كان شو حريصا دائما علي أن يوجه نقدا قاسيا للأمريكيين والانجليز
................................
ثلاثية العدم
صمويل بيكيت

صور من اليأس وأصداء ضياع وحطام أذهان غرقي ، فإننا مهما تساهلنا في مفهوم الفن لا نستطيع التسليم بجواز استخدامه أداة لتشويه صور الحياة وبث اليأس في النفوس وهدم ما بنته الاجيال من ذوق قويم ينفع الطبع السليم ويزكو عليه الحس الانساني الكريم ..

مهما تقرأ لصمويل بيكيت أو برتولتبريخت أو جوتفريد بن وأضرابهم فإنك دائما في عالم حزين عقيم متشائم لا يعرف نظاما أو قيمة خلقية أو معنوية


ومع صكوييل بيكيت بالذات أنت دائما في شبه صحراء بباب يضرب في فيافيها مجانين وحمقي ويائسون من كل شئ وتحوم فوقها أشباح الموتي وأرواح المنكوبين ، ومثل هذا الجو تشعر به في التصوير عند بابلو بيكاسو وسلفادور دالي وأمثالهما ممن يقوم فنهم علي تحطيم القواعد والاصول وتخريب الذوق الجمالي عند الناس ، زاعمين أنهم ينشئون بهذا فنا جديدا لعالم جديد


وكذلك في موسيقي الضوضاء والصخب والخبط وقذف أحجار علي زجاج أمثال أرتور هونجر وأيجور اسسترافينسكي

مع بيكيت تجد أنك كنت قبل القراءة أحسن حالاً بكثير مما صرت إليه بعدها ..

0 التعليقات: