30‏/03‏/2010

الأمة المسلمة 5

أثر الثقافة العصبية العربية في تشويه مفهوم الأمة بعد العصر الراشدي

البيئة العربية كان لها أثر إيجابي وآخر سلبي علي في إنطلاقة النبي محمد صلي الله عليه وسلم


الجانب الإيجابي : البيئة العربية سهلت نجاح الرسول صلي الله عليه وسلم في تربية المسلم علي تعشق المثل الأعلي والتضحية في سبيله
ذلك أنها خلت من كثير مما كان في البيئة المصرية من ركام العقائد والثقافة والقيم التي كبلت أفهام أتباع موسي عليه السلام ولم يكن في الجزيرة العربية استقرار زراعي وازدهار اقتصادي مما يفرز حياة الترف والتثاقل إلي الأرض ، وإنما فرضت البيئة الصحراوية القاسية نوعاً من حياة الطوارئ والاستعداد الدائم للتضحية أمام الصعوبات والأخطار الطبيعية والبشرية القائمة

الجانب السلبي : قيمة العصبية العربية ومحاور الولاء التي تفرزها لم تكن تصلح بحال للانتقال مع المسلم الجديد إلي المجتمع العالمي الجديد

ولذلك كان التحدي الأكبر الذي واجهه الرسول صلي الله عليه وسلم بعد هجرته إلي المدينة وشروعه في بناء أمة عالمية يتعايش فيها مختلف الأجناس والأعراق هو قيم العصبية القبلية ولقد جابه ذلك التحدي ب:


1- تزكية أعضاء الأمة المسلمة الجديدة من قيم العصبية القبلية باعتبارها قيماً نتنة بالية لا تصلح لهم بحال
2- التحذير من الردة إلي قيم العصبية القبلية وإدراج هذه الردة في قائمة الكبائر المخلدة في النار
3- التنبيه إلي دور قيم العصبية في فتن المستقبل وما ستجره علي الأمة المسلمة من كوارث ومذابح ودمار

لكن ثقافة العصبية وقيمها عادت للإمساك بدفة المجتمع بعد الخلافة الراشدة وكان لهذه الردة العصبية آثارها في الشكل الذي اتخذته مؤسسات التربية الاسلامية إذ انحرفت هذه المؤسسات عن هدف إخراج الأمة المسلمة وتطويرها وحل محل ذلك ظاهرتين :


الأولي : إن مؤسسات التربية الرسمية لم تتوجه لتوليد العلوم والمعارف اللازمة لتنظيم شبكة العلاقات الاجتماعية وتطوير مؤسساتها بما يتفق مع الأصول الاسلامية في القرآن والسنة ، وإنما زاغت بتأثير قيم العصبيات القبلية لتركز في مناهجها علي ثقافة القبلية التي توجه الدوران في فلك الاشخاص الأقوياء ولتبرير ممارساتهم والإشادة بالمنجزات المنسوبة إليهم .

الثانية : تركيز المؤسسات التربوية التي تدور في فلك الدولة علي تربية فرد معطل الفاعلية ينسحب من تيار الحياة الجارية ويجسد صورة الدرويش الذي يقف موقفاً سلبياً من تيار الاجتماع البشري ويظل طوال عمره يعاني من الظلم والفاقة منتظراً الرحيل إلي العدل والنعيم الأخرويين!!

وكانت محصلة لذلك كله هي حصر المؤسسات التربوية والعلمية في فقه العبادات وتكرار نسخه واستظهاره جيلا بعد جيل مما أفرز آلاف المجلدات في فقه الطهارة والحيض والنفاس والطلاق والعدة بينما لم يزد الفقه المتعلق بالعلوم السياسية وفقه الاجتماع البشري والنظم الإدارية والتشريعية وصلات الحاكم بالمحكوم وتوزيع الثروات العامة والعمل الجماعي عن أصابع اليدين ومن أمثلتها الاحكام السلطانية للماوردي مع ما فيه من المآخذ والانتقادات المتعلقة بمحتوياتها التي تبرر إطلاق أيدي أصحاب السلطان ، وتعدد القيادات ، والاستيلاء علي القيادة والمراكز بالقوة وغير القوة.

0 التعليقات: