29‏/03‏/2010

الأمة المسلمة 1

الأمة المسلمة

مؤسسات التربية الاسلامية في العصور التي تلت عصر النبوة والخلافة الراشدة تركت – أو أُجبرت علي ترك – فقه إخراج الأمة المسلمة ، وما يتطلبه هذا الاخراج من نظم وتشريعات ومؤسسات تقي الأمة من التسلط وتحميها من عوامل المرض وأخطار الوفاة . ثم نسيت هذا الهدف ، ثم انحصرت لتقتصر علي تربية الفرد الصالح غير المصلح الذي يُهيأ منذ الطفولة للانتقال إلي الآخرة دون التدرب علي عبور محطة الدنيا ، وهذا النوذج في التربية هو الذي ورثته مؤسسات التربية الاسلامية في العصور الحديثة حيث مازالت هذه المؤسسات تعمل علي أساس أنه : " إذا صل الفرد صلحت الأمة " وما زالت مؤسسات التربية الاسلامية التقليدية والحركات العاملة في ميدان العمل الاسلامي تتقبل تلك المقولة وتتعامل معها وكأنها آية من آيات الكتاب ، وليس كفرضية من الفرضيات البشرية التي قد تثبت أولا تثبت بالاختبار والتجريب في مختبر الأفاق والأنفس


فكانت النتيجة العملية لهذه الممارسات التربوية الخاطئة هي تكدس الأفراد المسلمين في أكوام بشرية ليس لديها علوم محددة عن " فقه " بناء الأمم وتنسيق المقدرات البشرية والمادية ، ولذلك أصبحت لعبة سهلة في أيدي قوي الاحتلال الخارجي التي مازالت تصنع من شظايا الأمة المسلمة المتوفاة مزقاً من الكيانات المهيضة التي تطلق عليها اسم – الأمم الاسلامية – وتحدد لها " جنسايتها " و "ثقافاتها " ومحاور " الولاء" فيها طبقاً لنظريات عصبية متخلفة وتصمم لها تطبيقاتها الخاوية الضعيفة في شؤون السياسة والإدارة والاجتماع

والمحصلة النهائية لجهل المؤسسات التربوية الاسلامية بإخراج الأمة المسلمة هي أن هذه المؤسسات مازالت تعمل علي إعداد أفراد صالحين غير مصلحين لتقذف بهم إلي بيئات غير صالحة حيث تدخل فضائلهم الفردية في صراع مع علاقات اجتماعية غير فاضلة إلي أن ينتهي بهم الأمر إلي الازدواجة في السلوك وإلي التلاوم ، والتآكل ثم الوقوع ضحية الانفعالات والانفجارات التلقائية والجهاد المرتجل أو المصطنع الذي كثيراً ما ينتهي بهم إلي الانتحار الاجتماعي ( حيث ينسحب الفرد من الحياة وتتعطل فاعليته الاجتماعية بانتظظار الموت والعدل الأخروي ، ثم يكون من ثمرات هذا الانتحار أن تتوقف الأمة عن مقاومة الطغيان الداخلي والعدوان الخارجي وتتحول إلي غثاء ينخر به الوهن والعجز وكراهية التضحية )


أو السحق تحت ضغط الإحباطات والنكسات دون أن ينتبه أحد إلي أن المطلوب هو " فقه " جديد أو علم جديد يتكامل فيه علم إخراج المة الاسلامية وعوامل صحتها ومرضها وموتها وبعثها إلي آخر ما يتعلق به .

0 التعليقات: