مقاصد الشريعة الإسلامية 8
ابتناء مقاصد الشريعة على وصف الشريعة الاسلامية الأعظم وهو الفطرة
قال
الله تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ
الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا
تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ
)
الفطرة : الخلقة , أى النظام الذى أوجده الله فى كل مخلوق
الإسلام عقائد وتشريعات وكلها أمور عقلية
أو جارية على وفق ما يدركه العقل ويشهد به .
معنى وصف الاسلام بأنه ( فطرت الله ) أن الأصول التى جاء بها الإسلام هى من
الفطرة , ثم تتبعها أصول وفروع هى من الفضائل الذائعة المقبولة فجاء بها الإسلام
وحرض عليها ؛ إذ هى من العادات الصالحة المتأصلة فى البشر , والناشئة عن مقاصد من
الخير سالمة من الضرر فهى راجعة إلى أصول الفطرة .
يتفرع لنا من هذا أن الشريعة الإسلامية داعية الى تقويم الفطرة والحفاظ على
أعمالها , وإحياء ما اندرس منها أو اختلط بها , فالزواج والإرضاع من الفطرة
وشواهده ظاهرة فى الخلقة , و التعاوض وآداب المعاشرة من الفطرة ؛ لأنهما اقتضاهما
التعاون على البقاء , وحفظ الأنفس والأنساب من الفطرة .
والحضارة الحق من الفطرة ؛ لأنها من آثار
حركة العقل الذى هو من الفطرة , وأنواع المعارف الصالحة من الفطرة ؛ لأنها نشأت عن
تلاقح العقول وتفاوضها .
والمخترعات من الفطرة ؛ لأنها متولدة عن
التفكير وفى الفطرة حب ظهور ما تولد عن الخلقة .
نحن إذا أجدنا النظر فى المقصد العام من التشريع الذى سيأتى بحثه نجده لا
يعدو أن يساير حفظ الفطرة والحذر من خرقها واختلالها .
0 التعليقات:
إرسال تعليق