مقاصد الشريعة الإسلامية 17
التحيل على إظهار العمل فى صورة مشروعة
مع سلبه الحكمة المقصودة للشريعة
اسم التحيل يفيد معنى إبراز عمل
ممنوع شرعا فى صور عمل جائز .
أما السعى إلى عمل مأذون بصورة غير صورته
أو بإيجاد وسائله فليس تحيلا .
يحكى أن بعض أهل السنة كان فى المجلس من
غلاة الشيعة فسئل فيه عن أفضل الناس بعد رسول الله (صل الله عليه وسلم) , فقال :
الذى كانت ابنته تحته , أراد أبا بكر .
تحيل فى أعمال ليست مشتملة على معان عظيمة
مقصودة للشارع ، وفى التحيل فيها تحقيق لمماثل مقصد الشارع من تلك الأعمال مثل
التحيل فى الإيمان التى لا يتعلق بها حق الغير ، كمن حلف أن لا يدخل الدار أو لا
يلبس الثوب فإن البر فى يمينه هو الحكم الشرعى، والمقصد المشتمل عليه البر هو
تعظيم اسم الله تعالى الذى جعله شاهدا عليه ليعمل ذلك العمل .
فإذا ثقل عليه البر فتحيل للتفصى من يمينه بوجه
يشبه البر فقد حصل مقصود الشارع من تهيب اسم الله تعالى .
قال القاضى أبو بكر بن العربى فى آخر كتاب
العواصم : ( كنت أشاهد الإمام أبا بكر فخر الإسلام الشاشى فى مجلسه بباب العامة من
دار الخلافة يأتيه السائل فيقول له : حلفت أن لا ألبس هذا الثوب ، فيأخذ من هدبته
مقدار الأصبع ثم يقوله له : البسه لا حنث عليك ) .
الشاشى شافعى المذهب ولعله يفتى بما ذكره
ابن العربى لمن يعلم منه أنه إن حنث لم يكفر ، أو لمن يعلم منه أنه لا يجد إطعاما
ولا إعتاقا وأنه يعجز عن الصوم أو يشق عليه مثل أهل الأعمال البدنية فيفتيه بما
ذكر إبقاء على حرمة اليمين فى نفسه
سد الذرائع
هذا المركب لقب فى اصطلاح الفقهاء لإبطال
الأعمال التى تؤول إلى فساد معتبر وهى فى ذاتها لا مفسدة فيها .
سد الذريعة منع
ما يجوز لئلا يتطرق به إلى ما لا يجوز .
الذرائع جمع ذريعة وهى فى الأصل دابة تشد
فى موضع ليأوى إليها البعير الشارد ؛ لأنه كان يألفها قبل شروده فإذا رآها اقترب
منها فأمسكوه .
قسم شهاب الدين القرافى ذريعة الفساد الى
ثلاثة اقسام :
ـ مجمع على سده : مثل زراعة
العنب خشية ما يعتصر منه من الخمر، ومثل التجاور فى البيوت خشية الزنا .
ـ مجمع على سده : كحفر الآبار فى طريق
المارة دون سياج .
ـ مختلف فيه : مثل بيوع الآجال .
قد درجنا على أن اصطلاحهم فى سد الذرائع
أنه لقب خاص بذرائع الفساد فلا يفوتنا التنبيه على أن الشريعة قد عمدت إلى ذرائع
المصالح ففتحتها بأن جعلت لها حكم الوجوب ، وإن كانت صورتها مقتضية المنع أو
الإباحة وهذه المسألة هى الملقبة فى أصول الفقه بأن : ما لا يتم الواجب إلا به
هو واجب ، وهى الملقبة فى الفقه بالاحتياط .
ألا ترى أن
الجهاد فى صورته مفسدة إتلاف النفوس والأموال ، وهو آيل إلى حماية البيضة وحفظ
سلامة الأمة وبقائها فى أمن ، فكان من أعظم الواجبات ، إذ لو تركوه لأعقبهم تركه
تلفا أعظم بكثير مما يتلفهم الجهاد .
0 التعليقات:
إرسال تعليق