09‏/04‏/2015

مقاصد الشريعة الإسلامية 24

مقاصد الشريعة الإسلامية 24


مقاصد التصرفات المالية

       ما يظن بشريعة جاءت لحفظ نظام الأمة وتقوية شوكتها وعزتها إلا أن يكون لثروة الأمة فى نظرها المكان السامى من الاعتبار والاهتمام .

       أدلة كثيرة تفيدنا كثرتها يقينا بأن للمال فى نظر الشريعة حظا لا يستهان به .

       ما عد زكاة الأموال ثالثة لقواعد الإسلام وجعلها شعار المسلمين وجعل انتفائها شعار المشركين فى نحو قوله تعالى : (الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة) ونحو قوله : (وويل للمشركين ، الذين لا يؤتون الزكاة)  .

 إلا تنبيه على ما للمال من القيام بمصالح الأمة اكتسابا وإنفاقا .

       قد أجمع الصحابة فى عهد عثمان بن عفان على مخالفة أبى ذر فى دعوته الناس إلى الانكفاف عن جمع المال , وإنبائه إياهم بأن ما جمعوه يكون وبالا عليهم فى الآخرة إذ كان يجهر بذلك فى دمشق , ويقول : بشر الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاو من نار تكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم , ويقرأ قوله تعالى : (والذين يكنزون الذهب والفضة) . فقال له معاوية بن أبى سفيان أمير الشام : ذلك نازل فى أهل الكتاب لا فينا وما أدى زكاته فليس بكنز , فيأبى أبو ذر أن ينكف عن مقالته حتى شكاه معاوية إلى عثمان , فكتب إليه عثمان أن يرجع إلى المدينة ثم تكاثر الناس عليه فاختار العزلة فى الربذة .

 هذا وقد تقرر عند علمائنا أن حفظ الأموال من قواعد كليات الشريعة الراجعة إلى قسم الضرورى .

        المال الذى يدال بين الأمة ينظر إليه على وجه الجملة وعلى وجه التفصيل .

 فهو على وجه الجملة حق للأمة عائد عليها بالغنى عن الغير . فمن شأن الشريعة أن تضبط نظام إدارته بأسلوب يحفظه موزعا بين الأمة بقدر المستطاع . وتعين على نمائه فى نفسه أو بأعواضه بقطع النظر عن كون المنتفع به مباشرة أفرادا خاصة أو طوائف أو جماعات صغرى أو كبرى .

        لقصد تحصيل الاستبصار فى هذا الغرض الجليل ولندرة خوض علماء التشريع فيه خوضا يقسمه ويبينه رأيت حقيقا على أن أشبع القول فيه وفى أساسه .

 إن مال الأمة هو ثروتها , والثروة هى ما ينتفع به الناس آحادا أو جماعات فى جلب نافع أو دفع ضار فى مختلف الأحوال والأزمان والدواعى انتفاع مباشرة أو بوساطة .

 فقولنا : فى مختلف الأحوال والأزمنة والدواعى , إشارة إلى أن الكسب لا يعد ثروة إلا إذ صلح للانتفاع مدد طويلة ؛ ليخرج الانتفاع بالأزهار والفواكه ؛ فإنها لا تعتبر ثروة ولكن التجارة فيها تعد من لواحق الثروة .

 وقولنا : مباشرة أو وساطة ؛ لأن الانتفاع يكون باستعمال عين المال فى حاجه صاحبه ويكون بمبادلته لأخذ عوضه المحتاج إليه من يد آخر .

         و تتقوم هذه الصفة للمال باجتماع خمسة أمور :
         ـ أن يكون ممكنا ادخاره .
         ـ أن يكون مرغوبا فى تحصيله .
         ـ أن يكون قابلا للتداول .
         ـ أن يكون محدود المقدار .

         ـ أن يكون مكتسبا .

0 التعليقات: