مقاصد الشريعة الإسلامية 10
المقصد العام من
التشريع
المقصد العام من التشريع فيها هو حفظ
نظام الأمة واستدامة صلاحه بصلاح المهيمن عليه وهو نوع الإنسان .
ويشمل
صلاحه صلاح عقله وصلاح عمله , وصلاح ما بين يديه من موجودات العالم الذى يعيش فيه
.
قال الله تعالى : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ
طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ
إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ )
فعلمنا أن الصفات التى أجريت على فرعون كلها
من الفساد وأن ذلك مذموم وأن بعثة موسى كانت لإنقاذ بنى إسرائيل من فساد فرعون ,
فعلمنا أن المراد من الفساد غير الكفر , وإنما هو فساد العمل فى الأرض ؛ لأن بنى
إسرائيل لم يتبعوا فرعون فى كفره .
لقد علمنا أن الشارع ما أراد من الإصلاح المنوه به مجرد صلاح العقيدة وصلاح
العمل كما قد يتوهم بل أراد منه صلاح أحوال الناس وشؤونهم فى الحياة الاجتماعية
فإن قوله تعالى : (وَإِذَا تَوَلَّىٰ
سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ
لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ) أنبأنا
بأن الفساد المحذر منه هنالك هو إفساد موجودات هذا العالم وأن الذى أوجد هذا
العالم وأوجد فيه قانون بقائه لا يظن فعله ذلك عبثا .
ولولا إرادة انتظامه لما شرع الشرائع الجزئية
الرادعة للناس عن الإفساد , فقد شرع القصاص على إتلاف الأرواح وعلى قطع الأطراف .
وشرع
غرم قيمة المتلفات والعقوبة على الذين يحرقون القرى ويغرقون السلع .
أن
المقصد الأعظم من الشريعة هو جلب الصلاح ودرء الفساد وذلك يحصل بإصلاح حال الإنسان
ودفع فساده فإنه لما كان هو المهيمن على هذا العالم كان فى صلاحه صلاح العالم
وأحواله ؛ ولذلك نرى الإسلام عالج صلاح الإنسان بصلاح أفراده الذين هم أجزاء نوعه
, وبصلاح مجموعه وهو النوع كله .
فابتدأ
الدعوة بإصلاح الاعتقاد الذى هو إصلاح مبدأ التفكير الإنسانى الذى يسوقه إلى
التفكير الحق فى أحوال هذا العالم .
ثم
عالج الإنسان بتزكية نفسه وتصفية باطنة ؛ لأن الباطن محرك الإنسان إلى الأعمال
الصالحة , كما ورد فى الحديث ( ألا وإن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ,
وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب ) .
وقد قال الحكماء : الإنسان عقل تخدمه الاعضاء
.
ثم عالج بعد
ذلك إصلاح العمل وذلك بتفنن التشريعات كلها فاستعداد الإنسان للكمال وسعيه إليه
يحصل بالتدريج فى مدارج تزكية النفس .
و لنا من تطور التشريع من ابتداء البعثة إلى ما بعد الهجرة هاد يهدينا إلى
مقصد الشريعة من الوصول إلى الإصلاح المطلوب .
0 التعليقات:
إرسال تعليق