14‏/05‏/2019

حتي يغيروا ما بأنفسهم 9

حتي يغيروا ما بأنفسهم 9

ما بالقوم نتيجة لما بالنفس

إن الله سيغير ما بالقوم حتما ً ، إن هم غيروا ما بأنفسهم ، سنَّة الله :
« فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً » فاطر - 43 .

.
ليس من مهمة البشر خلق السنن ، أنهم لا يقدرون على ذلك وإنما على البشر أن يكتشفوا هذه السنن ، وأن يجتهدوا في البحث عنها شوقاً إلى كشفها والاستفادة منها ، وأن يشكروا الخالق المنعم بها .
فهذه الصفة التي يثبتها الله تعالى للنفس ، من إمكانية أن يغير الناس ما بهذه النفوس ، هي من صنع الله ومن إلهامه . وتتولد من الأفكار التي يضعها البشر بالنفس ، صفات تتعلق بالقوم ، وهذه الصفات أيضاً من خلق الله تعالى ، كالغنى والفقر والعزة والذلة …
فهذه الصفة الفريدة للنفس الإنسانية هي التي وصفها الله بقوله :
« ونفس وما سواها ، فألهمها فُجُورها وتقواها ، قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها » الشمس - 8،10 .
إن الله ألهم النفس البشرية فجورها وتقواها ، ولكن الإنسان هو الذي يزكي فيفلح ، ويدسي فيخيب . فكما أن اجتماع الذرات المختلفة بنسب معينة يعطي مركبات خاصة مختلفة . كذلك فان اجتماع الأفكار المختلفة بنسب معينة ، تعطي الإنسان والمجتمع مسلكية معينة متميزة .
ويجدر بنا في هذا المقام ، أن نلفت النظر إلى أن الله جعل للإنسان سلطاناً على تغيير ما بالنفس ، الذي هو مجال جهد الإنسان الذي نحن بصدد البحث عنه ، والذي نريد أن نقيم الأدلة والبراهين عليه .
وفي الواقع إن الذي جهل هذه الحقيقة ، ووضع في نفسه فكرة غامضة أو مخالفة لهذه الحقيقة ، لا شك أنه يحل به الكسل والخمول ، والعجز والجبن ، وهذا ما كان يستعيذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم « اللهم إنَّي أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل » فهذا الدعاء ، والتوجيه به إلى الله ، يجعل الإنسان حذراً من أن تحدُثَ لديه أفكارٌ تنتج الكسل والخمول ، فإن لم يحذر هذه الأفكار ، فهو كمن يرفع يديه إلى السماء يقول : يا رب ، يا رب ، ومطعمه حرام ومشربه حرام ، وغذَّي بالحرام » .. فإن كان غذاء نفسه وعقله ، من نوع الأفكار الجاهلية والخرافية التي تبطل جهد الإنسان وتسيء الظن بالله ، بالاعتقاد بأن الله لم يعط هذا الإنسان الإمكانيات الملائمة ، إن كان كذلك فأنى يستجاب له !
لقد جعل الله هذه الصفات (الكسل والخمول … ) تتولد ذاتياً من تلك الأفكار الخرافية والجاهلية . ولكن الله تعالى بِمَنِّه وكرمه جعل لنا سلطاناً على تلك الأفكار ، كما جعل سلطانَنَا على الحديد والنار ، فهذا هو التكريم الحق لابن آدم .
وهذه الرابطة بين ما بالقوم وما بالأنفس رابطة ينبغي أن نستحضرها في كل الأمور ،

0 التعليقات: