روح التربية 3
الكتاب الأول
الفصل الأول
تصور أساتذة الجامعة للتعليم
فن التربية
قد حمل إلينا من الصين ، هذه حقيقة تاريخية فإن فن التربية عندنا وليد الحكم
القديم ، نشأ فى هذه الكلية القديمة ، كلية لويس الأكبر ، وهذه الكلية قد أقامها
مرسلون يسوعيون بعد عودتهم من الشرق الأقصى .
الغرض من
التعليم إنما هو تكوين العقل .
كل هؤلاء
الإخصائيين النابهين مهرة موجودون كما قلت ما داموا فى معاملهم أو مكانتهم ، فإذا
تجاوزوها وهت أسباب تفكيرهم وضعفت قوتهم على الحكم ضعفا ظاهرا .
ضعفهم عن
الإصلاح كامل لا يحتاج إلى مزيد ، فهم يصطنعون مناهج التعليم التى خضعوا لها
ويتبعون برامج لا يستطيعون أن يتجاوزوها .
التربية
بمعناها العام تشمل التعليم وتكوين الملكات الخلقية و العقلية ، فأما التربية
الخلقية فلا تعنى بها الجامعة بوجه ما ، فأما الملكات العقلية فلا تعنى منها إلا
بواحدة هى الذاكرة ، فأما الحكم والتفكير وفن الملاحظة ومناهج البحث ... فمهملة
إهمالا تماما لأنها لا تلاحظ في الامتحان.
أظهر الكاتب
ككثير غيره موضع الداء ولكنه مع الأسف لم يدل على الدواء هذا العجز عن استكشاف
الدواء لعلة يحسها كل واحد منا نتيجة من نتائج الوراثة التى تسيطر على حياتنا ،
فهناك أشياء لم تفهمها الشعوب اللاتينية قط ويظهر أنها لن تفهمهعا أبدا .
ولكن أمما
أخرى قد ورثت خصالا غير خصالنا فأحسنت فهم ما لم نفهمه ، فمن البدهى مثلا أن
الأمريكيين عرفوا كيف يحلون مسألة التربية ، واليابانيون الذين لم يكن لهم ماض
يعوقهم قد أتخذوا المناهج الألمانية لأنفسهم صفقة واحدة والناس جميعا يعلمون إلى
أى حد من الرقى العلمى و الصناعى و العسكرى قد أوصلتهم هذه المناهج فى أربعين سنة
.
ليس من
الممكن أن تطلب إلى أساتذة خضعوا لتربية خاصة أن يغيروا مزاجهم العقلى ، فهم كما
كونهم التعليم العالى .
الأساتذة والمحاضرين فى الجامعة إذا تقاضوا
أجورهم من الطلبة و استطاع الأساتذة الأحرار أن يعلموا فيها فسيكون هناك تزاحم
يكره الأساتذة القائمين على أن يغيروا مناهجهم التعليمية ، فوجدوا الصلة بين
الطلبة و الحقائق الواقعة ، بدلا من تحويل العلم إلى كتب وصور وجمل ، هناك –
وهنالك ليس غير – يعلم أساتذتنا أن سر التربية هو الأنتقال من المركب إلى المجرد
كما هى قاعدة العقل الإنسانى لا كما يفعلون فيسلكون طريقا مضادة.
تكاد تكون
التربية الوسيلة الوحيدة التى يملكها الإنسان لتحقيق التطور الاجتماعى وقد أظهرت
التجارب التى قامت بها بلاد كثيرة مقدار ما يمكن أن تنتج التربية من النتائج و إذن
فلسنا نستطيع إلا أن نرى مع الحزن الشديد هذه الوسيلة الوحيدة التى تسمح بترقية
جنسيتنا حين ترقى ذكاؤنا و أخلاقنا لا تنتج إلى إضعاف الذكاء و إفساد الاخلاق ،
ومع ذلك فهذه الجامعة الفانية ما تزال قائمة طلل من أطلال الماضى القديم السئ سجن
الطفولة و الشباب ، لست من الذين يؤثرون الهدم ، ولكنى حين أرى ما أحدثت الجامعة
من شر وأقيسة إلى ما كان يمكن أن تحدث من خير ، حين أفكر فى هذه السنين الغر سنى
الشباب التى نضيعها عبثا وفى هذا الذكاء الذى يخبو وفى هذه الأخلاق التى تنحط أبدا
، اذكر هذه اللعنات التى كان يستنزلها كاتو القديم على روما و أعيد تلك الجملة
التى كان يكررها دائما : لابد من تخريب قرطاجنة .
0 التعليقات:
إرسال تعليق