17‏/02‏/2016

روح التربية 10

روح التربية 10

الفصل الثانى
تغيير البرامج
مسألة اليونان واللاتينية

     فليس فى هذه الحياة – اليونانية واللاتينية - ما ينبغى أن يحب ، وحسبك أنها كانت حياة قسوة واستبداد فلم يعرف القدماءالحرية ولا الديموقراطية ، وإنما كانت حكوماتهم كلها على اختلاف أطوارها وعصورها حكومات ارستقراطية تتسلط فيها أسر غنية على شعوب منحطة ،

وكانت هذه الحكومات تجهل الحرية الدينية والسياسية والشخصية بل كانت تنكر الشخص إنكارا تاما وتفنيه الإفناء كله فى الدولة فليس له أن يحيا ولا أن يعمل ولا أن يفكر إلا للدولة.

رأى الأسر فى درس اللاتينية واليونانية

لأن هذه الأسر تقوم عقبة فى سبيل التجديد وتحرص الحرص كله على هذا الدرس القديم فإذا بحثت عن أسباب هذا الحرص وجدت أن الطبقة الوسطى فى فرنسا شديدة المحافظة فهى لا تميل إلى الجديد وهى لا تستطيع أن تتصورأن يجهل أبناؤها اللاتنية التى درسها الآباء والأجداد ،

وللأسر ميل شديد إلى هذه اللغة مصدره الغرور أيضا ،فإن هذه الأسر ترى فى درس اللاتينية شيئا من الشرف يميزها من الطبقات المنحطة.

        على أنه من اليسير التوفيق بين المنفعة وبين آراء هذه الأسر،فلا حاجة إلى إلغاء اللاتينية واليونانية مادام هذا الإلغاء مستحيلا ، ولكن لا حاجة إلى إضاعة الوقت فيهما ما دام هذا لايفيد ،وإذن فنستطيع أن نحتفظ بالمظاهر إرضاء للرأى العام ،لأن الرأى العام يرضى بالقليل ،

يرضى بالألفاظ ولا تعنيه الحقائق،فلنحتفظ له بالألفاظ ولنبق تعليم اللاتينية واليونانية ولكن ساعة فى الأسبوع ليس غير،فى هذه الساعة يلم الأستاذ بالأصول اللاتينية واليونانية  للغة الفرنسية وبعض النصوص اللاتينية التى جرت العادة باستظهارها ثم ينفق بقية الوقت فى العلم واللغات الحية وفى قراءة الآداب اللاتينية واليونانية نفسها مترجمة إلى لغتنا ،فهذه الطريقة أنفع من إضاعة الوقت فى درس النحو اللاتينى واليونانى



       وربما كان من الخير أيضا أن يعمم درس اللاتينية واليونانية بهذه الطريقة بحيث يتناول الطبقات جميعا :فهو على فائدته التى قدمتها ينتج فائدة أخرى وهى أن الطبقة الوسطى التى تحرص على اللاتينية كأنها امتياز ستزهد فيها عندما ترى الطبقات الدنيا تلم بها وتستظهر نصوصها كما يفعل الأغنياء ،

 ولكننى أشك فى قبول هذه الطريقة فنحن لا نحب الإصلاح السهل التدريجى وإنما نحب الإصلاح الضخم نصدر فيه القوانين واثقين بأنه لا يفيد.

0 التعليقات: