روح التربية 11
الفصل الرابع
مسألة الشهادة الثانوية وشهادة الدراسة
إصلاح الشهادة الثانوية
وإذن فقد استكشف الداء وهو الشهادة الثانوية التى حملت
كل التبعة وباءت بالشر واللعنة ، ووصف الدواء وهو سهل : الغاء هذه الشهادة ،ولم
يقف الأمر عند هذا الحد بل وضع بسرعة
مدهشة
مشروع قانون قدم إلى مجلس
الشيوخ ،وهو غريب جدا لأنه يلغى الشهادة الثانوية ويعيدها فى وقت واحد على الطريقة
اللاتينية التى تغير الألفاظ وتحسب أنها قد غيرت المعانى.
ألغيت
إذن الشهادة الثانوية ووضعت مكانها شهادة أخرى سميت شهادة الدراسة كما هى العادة
فى ألمانيا ،ولم يفكر واضعوا هذا المشروع فى أن لفظ الشهادة الثانوية أو شهادة
الدراسة ليس من
شأنه أن يغير مناهج التعليم ونتائجه وفى الحق أنهم قد استغنوا عن
امتحان الشهادة الثانوية بطائفة من الامتحانات السنوية تسمى امتحانات المرور ويؤدى
أمام لجان تعقد فى كل سنة ، فكأنهم قد استغنوا عن امتحان واحد بامتحانات عدة
مع العلم أن هذه الشهادة الثانوية من آثار التعليم لا
مؤثر فى هذا التعليم.
الفصل الخامس
مسألة التعليم الحديث و التعليم العملى
التعليم الحديث
فى هذا الوقت الذى يظهر فيه فشل التعليم الحديث فى فرنسا
ظهر نجاح هذا التعليم فى ألمانيا نجاحا باهرا .
وسبب
ذلك أن الألمان لا يصلحون التعليم إلا قليلا قليلا ولا يذهبون فى ذلك إلا مذهب
التدرج فهم قد أنشأوا مدارس متوسطة بين النظامين فيها الحظ القليل أو الكثير منهما
فيتدرج الطلبة فى هذه المدارس وينتصر الحديث قليلا قليلا ، وكل هذا التاريخ يثبت
ما قلناه غير مرة أن إصلاح
التعليم لا يمكن أن يتحقق بإصدار المراسيم وأوامر
الوزراء إنما ينبغى أن يسبقه تغيير العقائد والأراء ،ومن أن تغيير البرامج لا يفيد
إذا لم يسبقه تغيير المناهج فليس هناك برنامج سئ إذا حسن الأستاذ وليس هناك برنامج
حسن إذا ساء الأستاذ وجهل عن التربية .
التعليم العلمى
إننا نفسد بالتعليم النظرى ذكاء هذه المستعمرات وقوتها
على العمل
وإذا وصلنا إلى هذه المنزلة تحققت ثورة عميقة تغير عندنا
كل شئ ،وليس تحقق هذ الثورة شيئا مستحيلا فقد تحققت بالفعل فى أمريكا فأصبح الفرق
بين الطبقات لا يكاد يوجد ، وإذاكان تحقق هذه الثورة لم يكلف أمريكا عناء شديدا
فذلك لأن هذه البلاد لم تضطر إلى مقاومة سنن موروثة وعادات قديمة كما تضطر الشعوب
اللاتينية وأمريكا لم تضطر كما نضطر نحن إلى محاربة جامعة قوية
رجعية عدوة لكل رقى
، لذلك سهل عليها تحقيق هذه الثورة ، أما نحن فقد نحققها ولكن بعد عسر شديد ، وليس
مصدر هذا العسر تمنعنا أو آباءنا وإنما
مصدر تمنع الموتى وآباءهم ، فالجهاد ليس بين الأحياء وإنما هو بينهم وبين الموتى وقد انتصر الموتى إلى
الآن ولكنهم لن يظلوا منتصرين .
الفصل السادس
مسألة التربية
ضعف أصول الجامعة فى التربية
مسألة التربية أجل خطرا من مسألة التعليم ،الخلق أشد
تأثيرا فى الحياة من العلم ، فشلت الجامعة فى التربية كما فشلت فى التعليم .
ولولا أنى
عجل لألححت فى بيان قيمة التربية البدنية وأنها يجب أن تكون فى نفس المنزلة التى
توضع فيها التربية العقلية بل يجب أن تقدم على هذه التربية فى السنين الأولى .
يعنى الألمانيون بالتربية البدنية وأعتقد أن إهمال هذه
التربية البدنية شديد الخطر على مستقبلنا .
وقد يكون
من الخير أن تستبدل مناهج اليسوعيون بمناهج أخرى تبعث التلاميذ على أن يعملواو يفكروا بأنفسهم ولكن ما هذه المناهج ،
ذلك مالم يقله مسيو بايو ولا غيره من الذين اشتركوا فى التحقيق وإذا لم يقولوه
فلأنهم جهلوه .
النظام المدرسى أساس التربية
ليس للعقل أثر عظيم فى حياة الأطفال .
يخطئ الذين
يعتقدون أن المربين من الإنجليز يعتمدون على العقل فى أخذ الأطفال بالنظام ،
فالإنجليز لا يعتمدون على العقل وإنما يعتمدون على المنفعة التى هى الأساس المتين
للحياة والتربية.
التلميذ
الإنجليزى حر يؤدى واجبه متى شاء وينتقل فى المدرسة كما يجب ولكنه خاضع للمراقبه
فهو إذا أساء تأدية الواجب اضطر إلى أن يعيد تأديته وهو إذا أساء التصرف فى حريته
فقد هذه الحرية وهو إذا لم يشتغل أو لم يمكن غيره من أن يشتغل طرد من المدرسة أو
من المكتب فتضطره منفعته الخاصة إلى أن يتفهم النظام ويذعن له .
أسوأ شئ
فى مدارسنا هو هذه المراقبة التى تضايق الطفل وتثقل عليه ، فاترك له شيئا من الحرية
واجتهد فى أن يعلم أن هذه الحرية ستسلب إذا أساء استعمالها ،لا تراقبه ولا تحاصره
حتى إذا خالف النظام فأنبئه بأن هناك رقيبا ، دعه يخرج وحده إذا بلغ سنا معينة ،
فإذا أساء استعمال هذه الحرية فاستردها منه ، هذا شئ نافع وقد أخذ عدد غير قليل من
الأساتذة يشعر بنفعه .
إذا أردت أن
يحسن الشاب الاعتماد على نفسه فى الحياة وجب عليك أن تترك له شيئا من الحرية .
0 التعليقات:
إرسال تعليق