10‏/03‏/2016

ماذا حدث للمصريين ؟ 7

ماذا حدث للمصريين ؟ 7

التعصب الدينى

رجل يقرأ فى المصحف بصوت عال يلفت نظر جميع ركاب العربة .

       ذهبت فيما سبق إلى أن من أهم ما طرأ على المجتمع المصرى من تطورات منذ قيام ثورة 1952هوالنمو المذهل فى حجم الطبقة الوسطى والتغيرالمذهل أيضا فى خصائصها ، ولقد ذهبت أنه من الممكن اعتبار أن الطبقة الوسطى تمثل نحو 45% من سكان مصر فى مطلع التسعينات .

إن من بين مصادر الرضا عن النفس لدى تلك الطبقات الدنيا ، التدين والإيمان بالله ، وإنى لأزعم أن تدين هذه الطبقات الأخيرة هو أصدق وأكثر عمقا وأقل نفاقا بصفة عامة من تدين الكثيرين من أفراد تلك الشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى التى ارتكز الحديث عليها ، والتى تشعر بسخط شديد على المجتمع وعلى نفسها فى نفس الوقت لعجزها عن اللحاق بمن تعتبرهم أفضل منها ، وتفزع أشد الفزع من إحتمال سقوطها إلى مستويات دنيا كانت تطمح دائما إلى تمييز نفسها عنها .

" الفتنة الطائفية "عدا ما يوجد بكل تأكيد من أصابع خارجية

لا أعتقد بالمرة أنه من قبيل المصادفة أن تنتشر هذه المشاعر بين نفس الشرائح الإجتماعية التى ينتشر بها فقدان الثقة بالنفس ، ويسود بين أفرادها هذا الإفتقار لإى شعور بأنهم " ذو قيمة " .

                           
التفسير اللاعقلانى للدين

عائدات البترول وقناة السويس ( وإلى حد ما عائدات السياحة أيضا ) فهى ليست مقابل نشاط إنتاجى بل مقابل بيع الأصول : سواء تمثلت هذه الأصول فيما يتخرج من باطن الأرض ، أو فى موقع جغرافى حصلت عليه مصر بمحض الصدفة ، أو ثمرة جهد قام به الأجداد .

وأما تحويلات المهاجرين فهى أشبه بعائدات مصر من البترول فيما عدا أن البترول فى هذه الحالة يستخرج خارج مصر ولكنها فى معظم الأحوال لا تتناسب مع ما يبذله المهاجرون من جهد وتعب اللهم إلا "  تعب " الإغتراب والبعد عن الأهل .

      صحيح أن جزء كبير من هذه العائدات ( البترول ، قناة السويس ، السياحة ، المعونات )
 يذهب فى الأصل إلى يد الدولة ، وقد كان من الممكن أن يكون توزيع الدولة لهذه العائدات على الأفراد متناسبا مع ما يبذله الأفراد من جهد ، وحتى وإن كانت الدولة قد حصلت عليها إبتداء دون نشاط إنتاجى ، ولكن الواقع هو أنه من أسهل الأمور تبديد الأموال التى لم يتعب أحد فى تحصيلها ، خاصة إذا كانت هذه الأموال فى يد الدولة ، وعلى الأخص إذا كانت هذه الدولة دولة " رخوة  " من النوع الذى عرفته مصر إبتداء من السبعينات .


    سمة " العائد بلا جهد " فالعائد بلا جهد هو أيضا " عائد بلا إنتاج " أو " نقود لا يقابلها سلع " وهذا هو التضخم بعينه ، أموال سائلة تتدفق على المجتمع دون أن يقابلها تدفق من السلع بنفس الدرجة ، فترتفع الأسعار بشدة .

0 التعليقات: