10‏/03‏/2016

ماذا حدث للمصريين ؟14

ماذا حدث للمصريين ؟14

التصييف

سرعان ما أنجبت الثورة " طبقتها الراقية " الخاصة بها ، إذ لم يكن من المعقول أن يستمر شهر العسل طويلا بين النخبة الحاكمة والجمهور ، وكان من المحتم أن ترغب هذه النخبة فى تمييز نفسها عن بقية أفراد الشعب من ناحية ، والتمتع بثمرات ما منحتهم الثورة من سلطات ونفوذ من ناحية أخرى.

لم تستطع حكومة الثورة مقاومة إلحاح الطبقة الجديدة على أن يكون لها إمتيازات فى شواطئ المنتزه أيضا ، رغم فتح الثورة لقصر المنتزه وحدائقه لكل طبقات الشعب كان رمزا لشعارات الثورة فى التسوية بين الناس وإنتزاع حقوقهم من الطبقات العليا .

رضخت الحومة وبنت كبائن جديدة على شواطئ المنتزه التى سميت بأسماء فرعونية كسميراميس وكيلوباتره (بالإضافة إلى عايدة ) ووزعتها على الفئة " الممتازة " من الطبقة " الراقية " الجديدة ،

 ومنعت بقية الناس من إزعاجهم بوضع حراسة مشددة على هذه الشواطئ ، وإن كانت الحكومة  قد سمحت للناس ذرا للرماد فى الأعين ، بالسير فى الحدائق بل والاستحمام مجانا فى جزء صغير جدا من المنتزه ، أصبح مظهره وسط بقية الشواطئ المحمية مثيرا للضحك ، إذ كان إكتظاظ الناس فى هذا الجزء من الشاطئ بالمقارنة بالإتساع الهائل المخصص لعائلات ضئيلة العدد ، لا يختلف كثيرا عما كان عليه الحال قبل الثورة .

ثم حدث تطور مذهل فى أوائل السبعينات ، إذ نشأ مصدر جديد للنمو السريع فى الثروات والدخول هو التضخم الذى صاحب بداية الإنفتاح الإقتصادى فى أوائل عهد السادات .

فى الثمانينات أضيف مصدر جديد ومهم لتزايد الثروات وهو الهجرة إلى بلاد النفط إبتداء من إرتفاع أسعاره فى 1973 .

     كان لابد أن نتوقع أن تتكون خلال هذه العقود الأربعة من الخمسينات إلى الثمانينات من بين كل هذه الطبقات الصاعدة : الصاعدة بسبب النفوذ والسلطة ،  الصاعدة بسبب التضخم والإنفتاح ، والصاعدة بسبب الهجرة ، شريحة إجتماعية جديدة يمكن تسميتها "بالطبقة الراقية حقا " .

إن ثراء هذه الطبقة ثراء غير عادى بالمرة ، وجديد تماما فى حجمه عن أى ثراء عرفه أى مصرى من قبل .

هذه الطبقة الراقية حقا لم يعد يصلح لها بالطبع أى شاطئ من الشواطئ المعروفة ،

 حتى لو كان بها متسع ، ومن ثم كان لا بد أن يبنى لها شاطئ جديد ، بل يخلق لها خلقا بحر جديد لم يكن موجودا أصلا، فتقام السدود والحواجز التى تحول البحر الهائج إلى بحيرات هادئة .


كانت هذه هى فكرة " مارينا " التى فوجئنا بوجودها فى التسعينات ،

والتى أحيطت بأسوار عالية يقف على أبوابها حراس أشداء يمنعون الدخول إلا لمن يثبت أنه على صلة بشخص يملك فيلا من الفيلات فى الداخل . 

0 التعليقات: