المادة الأولي
فيها بيان الأطراف الداخلة في هذا الميثاق أو العهد .. ويلاحظ أن هذا ليس عطية من محمد صلي الله عليه وسلم إلي الأمة ، فهي تقول كتاب من محمد وبين المؤمنين وليس إلي .. وتلك نقطة هامة جداً ، فنحن هنا لسنا أمام إملاء من محمد صلي الله عليه وسلم إلي الأمة ، بل كتاب يسجل فيه محمد صلي الله عليه وسلم ماتم الاتفاق عليه بينه وبين الأمة ، وبين طوائف الأمة بعضها وبعض،
وهناك عبارة بين المؤمنين والمسلمين ، فمن هم المؤمنون ومن هم المسلمون ؟ لا يمكن أن يكون اللفظان مترادفين ، فإن الكتاب أو الصحيفة أدق وأخطر من أن تستعمل فيها مترادفات ..
الإيمان الذي يقال للموصوف به : هو مؤمن مسلم ، هو المؤمن بالله ورسوله غير مرتاب ولا شاك ، وهو الذي يري أداء الفرائض واجب وأن الجهاد بنفسه وماله واجب عليه ولا يدخله في ذلك ريب ، فهو المؤمن وهو المسلم حقا كما قال الله عز وجل " إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا ، وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون "
أي أولئك الذين قالوا إننا مؤمنون ، فهم الصادقون ،
لاحظ عبارة : ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم ، فالجهاد هنا أساس في تكوين عضو الأمة المؤمن
...
فكأن المؤمنين فحسب لا المسلمين هم الذين يحسب لهم حساب في تكوين الأمة
..
وقبل أن أختم الكلام علي المادة الأولي أحب أن أضع خطوطاً كثيرة تحت عبارة : وجاهد معهم ، وأذكر القاريئ بما ورد في الآية 15 من سورة الحجرات التي تنص نصا لاشك فيه علي أن المؤمن لايتم إيمانه حتي يجاهد كل منهم في سبيل الله بماله ونفسه ..
فمعني ذلك أن الجهاد بالنفس والمال فرض عين لا فرض كفاية .. فمن أين للفقهاء بالقول بأن الجهاد فرض كفاية وأسقطوه كواجب أساسي علي كل مؤمن ..
لقد نص القرآن علي ذلك مرة بعد مرة ، وسورة التوبة جعلت الجهاد فرضاً علي كل مسلم ، وفي بقية هذا القسم من الصحيفة وفي أقسامها الأخري نجد الجهاد جزءاً لا يتجزأ من الإيمان وفرضاً لا زماً علي كل مسلم مؤمن .
فكيف أسقط هذا الواجب ؟ وهل يدري الناس أثر ذلك في تطور تاريخ الإسلام ؟ أثره أن الخلفاء ابتداء من الدولة العباسية أخرجوا العرب ومعظم أمة الإسلام من أِرف واجب يؤديه المؤمن : الجهاد بالنفس والمال واعتمدوا في تكوين جيوشهم علي جند مرتزق مشتري بالمال وبالجند المرتزق أذلوا الأمة وأخرجوها من ميدان السياسة جملة .
كان ذلك بداية التدهور بل كان هو التدهور ، هل هناك تدهور هو أِد من تحويل أمة الإسلام إلي رعية ، أي قطيع غنم ترعي ، بكلاب هم الجند المرتزق ..
قال الله تعالي : والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً لهم مغفرة ورزق كريم "
ألا نجد هنا في هذه الآية 74 من سورة الأنفال كل العناصر المكونة للأمة كما وردت في فاتحة الصحيفة ومادتها الأولي
0 التعليقات:
إرسال تعليق