14‏/05‏/2015

قواعد الاحكام في مصالح الأنام 14

قواعد الاحكام في مصالح الأنام 14



فصل: في الإقراع عند تساوي الحقوق
 
وإنما شرعت القرعة عند تساوي الحقوق دفعا للضغائن والأحقاد، وللرضاء بما جرت به الأقدار



ولا وجه للإقراع عند تعارض البينتين ولا عند تعارض الخبرين، إذ لا يفيد ثقة بأحد الخبرين ولا بإحدى الشهادتين
 
ومن ذلك الإقراع في التقاط اللقطاء، ولو تساوى اثنان يصلحان للولاية أو الإمامة أو الأحكام احتمل أن يقرع بينهما، واحتمل أن يتخير بينهما من يفوض إليه ذلك. فكل هذه الحقوق متساوية المصالح ولكن الشرع أقرع ليعين بعضها دفعا للضغائن والأحقاد المؤدية إلى التباغض والتحاسد والعناد، فإن من يتولى الأمر في ذلك إذا قدم بغير قرعة أدى ذلك إلى مقته وبغضته، وإلى أن يحسد المتأخر المتقدم؛ فشرعت القرعة دفعا لهذا الفساد والعناد، لا لأن إحدى المصلحتين رجحت على الأخرى،



فصل: فيما لا يمكن تحصيل مصلحته إلا بإفساده أو بإفساد بعضه أو بإفساد صفة من صفاته
فأما ما لا يمكن تحصيل مصلحته إلا بفساده فكإفساد الأطعمة والأشربة والأدوية لأجل الشفاء والاغتذاء وإبقاء المكلفين لعبادة رب العالمين، وكإحراق الأحطاب وإبلاء الثياب والبسط والفرش وآلات الصنائع بالاستعمال. وأما ما لا يمكن تحصيل مصلحته إلا بإفساد بعضه فكقطع اليد المتآكلة حفظا للروح
إذا كان الغالب السلامة فإنه يجوز قطعها، وإن كان إفسادا لها لما فيه من تحصيل المصلحة الراجحة وهو حفظ الروح. وكذلك حفظ بعض الأموال بتفويت بعضها؛ كتعييب أموال اليتامى والمجانين والسفهاء، وأموال المصالح إذا خيف عليها الغصب، فإن حفظها قد صار بتعييبها فأشبه ما يفوت من ماليتها من أجور حارسها وحانوتها. 



. وأما إتلاف أموال الكفار بالتحريق والتخريب وقطع الأشجار فإنه جائز لإخزائهم وإرغامهم، بدليل قوله تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ}، ومثله قتل خيولهم وإبلهم، إذا كانت تحتهم في حال القتال. وكذلك قتل أطفالهم إذا تترسوا بهم، لأنه أشد إخزاء لهم من تحريق ديارهم وقطع أشجارهم.


فصل: في اجتماع المفاسد المجردة عن المصالح
 
إذا اجتمعت المفاسد المحضة فإن أمكن درؤها درأنا، وإن تعذر درء الجميع درأنا الأفسد فالأفسد والأرذل فالأرذل، فإن تساوت فقد يتوقف وقد يتخير وقد يختلف في التساوي والتفاوت، ولا فرق في ذلك بين مفاسد المحرمات والمكروهات، ولاجتماع المفاسد أمثلة: أحدها: أن يكره على قتل مسلم بحيث لو امتنع منه قتل، فيلزمه أن يدرأ مفسدة القتل بالصبر على القتل، لأن صبره على القتل أقل مفسدة من إقدامه عليه، وإن قدر على دفع المكروه بسبب من الأسباب لزمه ذلك لقدرته على درء المفسدة، وإنما قدم درء القتل بالصبر لإجماع العلماء على تحريم القتل واختلافهم في الاستسلام للقتل، فوجب تقديم درء المفسدة للجمع على وجوب درئها، على درء المفسدة المختلف في وجوب درئها

0 التعليقات: