04‏/05‏/2015

قواعد الأحكام في مصالح الأنام 11

قواعد الأحكام في مصالح الأنام 11


فصل: في بيان العدل

تقدير النفقات بالحاجات مع تفاوتها عدل وتسوية، من جهة أنه سوى بين المنفق عليهم في دفع حاجاتهم لا في مقادير ما وصل إليهم لأن دفع الحاجات هو المقصود الأعظم في النفقات وغيرها من أموال المصالح.


المثال السابع عشر: إذا وجد من يصول على بضع محرم، ومن يصول على عضو محرم أو نفس محرمة أو مال محرم، فإن أمكن الجمع بين حفظ البضع والعضو والمال والنفس، جمع بين صون النفس والعضو والبضع والمال لمصالحها، وإن تعذر الجمع بينها، قدم الدفع عن النفس على الدفع عن العضو، وقدم الدفع عن العضو على الدفع عن البضع وقدم الدفع عن البضع على الدفع عن المال، وقدم الدفع عن المال الخطير على الدفع عن المال الحقير، إلا أن يكون صاحب الخطير غنيا وصاحب الحقير فقيرا لا مال له سواه ففي هذا نظر وتأمل

المثال الثاني والعشرون: إذا اجتمع جماعة يصلحون للأذان فإن تساووا أقرعنا بينهم في قوله عليه السلام: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه"، فإن تفاوتوا في الثقة والأمانة والعفة عن النظر إلى حرم الناس ومعرفة المواقيت وحسن الصوت، قدمنا الأفضل فالأفضل، لأن المصلحة فيه أعظم، وقد قال عليه السلام: "من ولي من أمر المؤمنين شيئا ثم لم يجهد لهم ولم ينصح فالجنة عليه حرام". وفي رواية "لم يدخل الجنة معهم".

والضابط في الولايات كلها أنا لا نقدم فيها إلا أقوم الناس بجلب مصالحها ودرء مفاسدها، فيقدم في الأقوم بأركانها وشرائطها، على الأقوم بسننها وآدابها


فصل: فيما لا تشترط فيه العدالة من الولايات
العدالة شرط في بعض الولايات، وإنما شرطت لتكون وازعة عن الخيانة والتقصير في الولاية. ولا تشترط العدالة في ولاية القريب على الأموات في 
التجهيز والدفن والتكفين والحمل والتقدم في الصلاة، لأن فرط شفقة القريب ومرحمته تحثه على المبالغة في الغسل والتكفين والدعاء في الصلاة.

وكذلك انكساره بالحزن على التضرع في دعاء الصلاة فتكون العدالة في هذا الباب من التتمات والتكملات.

وكذلك ولاية النكاح لا تشترط فيها العدالة على قول لأن العدالة إنما شرطت في الولايات لتزع الولي عن التقصير والخيانة، وطبع الولي في النكاح يزعه عن التقصير والخيانة في حق وليته، لأنه لو وضعها في غير كفء كان ذلك عارا عليه وعليهم، وطبعه يزعه عما يدخله على نفسه ووليته من الأضرار والعار.

وأما الإمامة العظمى ففي اشتراط العدالة فيها اختلاف لغلبة الفسوق على الولاة، ولو شرطناها لتعطلت التصرفات الموافقة للحق في تولية من يولونه من القضاة والولاة والسعاة وأمراء الغزوات، وأخذ ما يأخذونه وبذل ما يعطونه. وقبض الصدقات والأموال العامة والخاصة المندرجة تحت ولايتهم، فلم تشترط العدالة في تصرفاتهم الموافقة للحق لما في اشتراطها من الضرر العام، وفوات هذه المصالح أقبح من فوات عدالة السلطان.



0 التعليقات: