02‏/05‏/2015

قواعد الأحكام في مصالح الأنام 6

قواعد الأحكام في مصالح الأنام 6


ولا يلزم من الاستواء في العقوبة العاجلة الاستواء في العقوبة الآجلة

فإن قيل هل يستوي إثم الذابح، وإثم من قطع أنملة إنسان فسرت إلى نفسه؟ فالجواب أنهما متساويان في الكفارة والدية والقصاص، ويتفاوتان في العقوبة الآجلة؛ لأن جرأة الذابح على انتهاك الحرمة في الذبح أشد من جرأة القاطع على انتهاك الحرمة في القطع

فإن قيل هل يحرم الرب ما لا مفسدة فيه؟ قلنا: نعم، قد يحرم الرب ما لا مفسدة فيه عقوبة لمخالفته وحرمانا لهم أو تعبدا. أما تحريم الحرمات، فكما حرم على اليهود كل ذي ظفر، وكما حرم عليهم الثروب من البقر والغنم، عقوبة لهم لا لمفسدة في ذلك، ولو كان فيه مفسدة لما أحل ذلك لنا مع أنا أكرم عليه منهم. وقد نص على ذلك بقوله: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ} ، وبقوله: {بِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ}. وأما تحريم التعبد فكتحريم الصيد في الإحرام، والدهن والطيب واللباس، فإنها لم تحرم لصفة قائمة بها تقتضي تحريمها، بل لأمر خارج عن أوصافها، وصار ذلك بمثابة أكل مال الغير، فإنه لم يحرم لصفة قائمة به، وإنما حرم لأمر خارج.

فصل: في انقسام المصالح إلى العاجل و الآجل

المصالح ثلاثة أقسام:
 أحدها واجب التحصيل، فإن عظمت المصلحة وجبت في كل شريعة.

القسم الثاني: مندوبة التحصيل،

الثالث مباحة التحصيل

 ثم المصالح ثلاثة أضرب: أحدهما: أخروية وهي متوقعة الحصول، إذ لا يعرف أحد بم يختم له؟ ولو عرف ذلك لم يقطع بالقبول، ولو قطع بالقبول لم يقطع بحصول ثوابها ومصالحها، لجواز ذهابها بالموازنة والمقاصة

الضرب الثاني: مصالح دنيوية وهي قسمان أحدهما ناجز الحصول كمصالح المآكل والمشارب والملابس، والمناكح والمساكن والمراكب، وكذلك مصالح المعاملات الناجزة الأعواض وحيازة المباح - كالاصطياد والاحتشاش والاحتطاب. القسم الثاني: متوقع الحصول كالاتجار لتحصيل الأرباح وكذلك الاتجار في أموال اليتامى لما يتوقع فيها من الأرباح. وكذلك تعليمهم الصنائع والعلوم لما يتوقع من مصالحها وفوائدها، وكذلك بناء الدار وزرع الحبوب وغرس الأشجار، وكل ذلك مصالحه متوقعة غير مقطوع بها، وكذلك ما يتوقع من مصالح الانزجار من الحدود والعقوبات الشرعية.

الضرب الثالث: ما يكون له مصلحتان إحداهما عاجلة والأخرى آجلة كالكفارات والعبادات الماليات، فإن مصالحها العاجلة لقابليها، والآجلة لباذليها، فمصالحها العاجلة ناجزة الحصول، والآجلة متوقعة الحصول.


0 التعليقات: