02‏/05‏/2015

قواعد الأحكام في مصالح الأنام 3

قواعد الأحكام في مصالح الأنام 3

فصل: فيما تتميز به الصغائر من الكبائر

إذا أردت معرفة الفرق بين الصغائر والكبائر فاعرض مفسدة الذنب على مفاسد الكبائر المنصوص عليها، فإن نقصت عن أقل مفاسد الكبائر فهي من الصغائر وإن ساوت أدنى مفاسد الكبائر أو أربت عليها فهي من الكبائر. فمن شتم الرب أو الرسول أو استهان بالرسل أو كذب واحدا منهم أو ضمخ الكعبة بالعذرة أو ألقى المصحف في القاذورات فهذا من أكبر الكبائر، ولم يصرح الشرع بأنه كبيرة. وكذلك لو أمسك امرأة محصنة لمن يزني بها أو مسلما لمن يقتله فلا شك أن مفسدة ذلك أعظم من مفسدة أكل مال اليتيم مع كونه من الكبائر. وكذلك لو دل الكفار على عورة المسلمين مع علمه بأنهم يستأصلونهم بدلالته ويسبون حرمهم وأطفالهم، ويغتنمون أموالهم ويزنون بنسائهم ويخربون ديارهم، فإن تسببه إلى هذه المفاسد أعظم من توليته يوم الزحف بغير عذر مع كونه من الكبائر. وكذلك لو كذب على إنسان كذبا يعلم أنه يقتل بسببه، ولو كذب على إنسان كذبا يعلم أنه تؤخذ منه تمرة بسبب كذبه لم يكن ذلك من الكبائر، وقد نص الشرع على أن شهادة الزور وأكل مال اليتيم من الكبائر فإن وقعا في مال خطير فهذا ظاهر، وإن وقعا في مال حقير كزبيبة وتمرة فهذا مشكل، فيجوز أن يجعل من الكبائر فطاما عن هذه المفاسد، كما جعل شرب قطرة


فائدة:
وقد حرم على الولد الجهاد بغير إذنهما لما يشق عليهما من توقع قتله أو قطع عضو من أعضائه، ولشدة تفجعهما على ذلك، وقد ألحق بذلك كل سفر يخافان فيه على نفسه أو على عضو من أعضائه،

[فائدة]
 فإن قيل الكذب فيما لا يضر ولا ينفع صغيرة فما تقولون فيمن قذف محصنا قذفا لا يسمعه أحد إلا الله تعالى والحفظة؟ مع أنه لم يواجه به المقذوف ولم يغتبه به عند الناس، هل يكون قذفه كبيرة موجبة للحد مع خلوه من مفسدة الأذى؟ قلنا الظاهر أنه ليس بكبيرة موجبة للحد لانتفاء المفسدة ولا يعاقب في الآخرة عقاب المجاهر في وجه المقذوف أو في ملأ من الناس، بل عقاب الكذابين غير المصرين 

فصل: في من ارتكب كبيرة في ظنه يتصورها بتصور الكبائر و ليست في الباطن كبيرة

قلنا أما في الدنيا فيجري عليه أحكام الفاسقين، وتسقط عدالته لجرأته على رب العالمين، وترد شهادته وروايته، وتبطل بذلك كل ولاية تشترط فيها العدالة

وأما مفاسد الآخرة وعذابها فلا يعذب تعذيب زان ولا قاتل ولا آكل مالا حراما، لأن عذاب الآخرة مرتب على رتب المفاسد في الغالب كما أن ثوابها مرتب على رتب المصالح في الغالب

فصل: في حكم الإصرار على الصغائر

فإن قيل قد جعلتم الإصرار على الصغيرة بمثابة ارتكاب الكبيرة، فما حد الإصرار أيثبت بمرتين أم بأكثر من ذلك؟ قلنا إذا تكررت منه الصغيرة تكررا يشعر 
بقلة مبالاته بدينه إشعار ارتكاب الكبيرة بذلك ردت شهادته وروايته بذلك. وكذلك إذا اجتمعت صغائر مختلفة الأنواع بحيث يشعر مجموعها بما يشعر أصغر الكبائر.






0 التعليقات: