14‏/05‏/2015

قواعد الأحكام في مصالح الأنام 16

قواعد الأحكام في مصالح الأنام 16



ولو وقع بركبان السفينة نار لا يرجى الخلاص منها فعجزوا عن الصبر على تحملها مع العلم بأنه لا نجاة لهم من آلامها إلا بالإلقاء في الماء المغرق؛ فالأصح أنه لا يلزمهم الصبر على ذلك، إذ استوت مدتا الحياة في الإحراق والإغراق، لأن إقامتهم في النار سبب مهلك لا انفكاك عنه. وكذلك إغراق أنفسهم في الماء لا انفكاك عنه، وإنما يجب الصبر على شدة الآلام إذا تضمن الصبر على شدتها بقاء الحياة، وههنا لا يفيد الصبر على ألم النار شيئا من الحياة فتبقى مفسدة لا فائدة لها.
القسم الثاني: ما يغلب ترتب مسببه عليه وقد ينفك عنه نادرا فهذا أيضا لا يجوز الإقدام عليه؛ لأن الشرع أقام الظن مقام العلم في أكبر الأحوال.




لا يجوز تعطيل المصالح الغالبة لوقوع المفاسد النادرة


ما يؤثر بطبعه الذي جبله الله عليه لا يقف تأثيره على قصد القاصدين 


المثال التاسع عشر: الحجر على المفلس مفسدة في حقه لكنه ثبت تقديما لمصلحة الغرماء على مفسدة الحجر، وإن شئت قلت تقديما لمصلحة غرمائه على مصلحته في الإطلاق، بخلاف الإنفاق عليه وعلى أهله إلى يوم قضاء الدين، فإن مصلحته بالكسوة والإنفاق ومصلحة من يلزمه مصلحته مقدمة على مصالح غرمائه. فإن قيل: كيف يكون الحجر عليه مفسدة في حقه مع ما فيه من إبراء ذمته الذي هو مهم في الشرع والطبع؟ قلنا: المقصود الأعظم توفير الحقوق للغرماء وبراءة ذمته تبعا لذلك، 


المثال الثاني والعشرون: وضع اليد بغير إذن المالك مفسدة موجبة للضمان، إلا في حق الحكام ونواب الحكام، إذا غلطوا بذلك في معرض التصرف بالأحكام، أو النيابة عن الحكام. لأن التغريم يكثر ويشق عليهم ويزهدهم في ولاية الأموال


المثال الرابع والعشرون: القتل بغير حق مع الجهل بكونه مستحق مفسدة موجبة للضمان على القاتل أو على عاقلته، إلا أن يكون جلادا، لما في تغريمه من تكرر الغرم الداعي إلى ترك القيام بمصلحة إقامة الحدود والقصاص.
 

المثال الخامس والعشرون: قتل المسلم مفسدة محرمة، لكنه يجوز بالزنا بغير الإحصان، وبقطع الطريق والبغي والصيال.
المثال السادس والعشرون: تقديم عاقلة الحاكم الدية فيما يخطئ به الحاكم في معرض الأحكام، ومصالح الإسلام مضرة على عاقلته، فتجب على بيت المال دون العاقلة على قول، لما في تغريم عاقلته من تكرير تحميل العقل وكذلك ما يفسده الإمام ويفوته من الأموال بسبب تصرفاته لأهل الإسلام، هل يغرمه أو يجب في بيت المال؟ فيه القولان



المثال الثامن والعشرون: تولي الآحاد لما يختص بالأئمة مفسدة، لكنه يجوز في الأموال إذا كان الإمام جائرا يضع الحق في غير مستحقه، فيجوز لمن ظفر بشيء من ذلك الحق أن يدفعه إلى مستحقيه تحصيلا لمصلحة ذلك الحق الذي لو دفع إلى الإمام الجائر لضاع، ولكان دفعه إليه إعانة على العصيان، وقد قال الله تعالى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.

 

0 التعليقات: