غياث الأمم في التياث الظلم 14
فأما إذا وطئ الكفارُ ديارَ
الإسلام، فقد اتفق حملة الشريعة قاطبةً على أنه يتعينُ على المسلمين أن يخِفُّوا
ويطيروا إلى مُدَافَعَتِهم زرافاتٍ ووحدانا، حتى انْتَهَوْا إلى أن العبيد
ينسلُّون عن ربقة طاعة السادة، ويبادرون الجهاد على الاستبداد، وإذا كان هذا دين
الله عزَّ وجلَّ، دينُ الأمة، ومذهبُ الأئمة، فأي مقدارٍ للأموال في هُجُوم أمثال
هذه الأهوال، لو مست إليها الحاجة؛ وأموال الدنيا لو قوبلت بقطرة دم، لم
تَعْدِلْها ولم توازِنْها. فإذاً وجب تعريضُ المُهَجِ للتَّوى، وتعيَّن في محاولة
المدافعة التهاوي على ورطات الرَّدى، ومصادمةِ العِدا. ومن أبدى في ذلك تمرداً فقد
ظلم واعتدى.
فإذا كانت الدماء تسيل على
حدود الظُّبات، فالأموال في هذا المقام من المستحقرات.
وأجمع المسلمون أجمعون على
أنه إذا اتفق في الزمان مضيَّعون فقراء مُمْلِقون، تعين على الاغنياء أن يَسْعَوْا
في كفايتهم، وكذلك اتفقوا كافة على وجوب بذل الأموال في تجهيز الموتى وغيرِه من
جهات فروض الكفايات، فلاح على أبلغ وجهٍ في الإيضاح أنه يجب على الأغنياء في هذا
القسم أن يبذلوا فضلاتِ أموالهم.
فهذا بيان مقدار غرضنا الآن
إذا وطئ الكفار بلاد الإسلام.
ولا
يحل في الدين تأخيرُ النظر للإسلام والمسلمين إلى اتفاق استجراء الكافرين.
وأموال
العالمين لا تقابل غائلةَ وطأةِ الكفار في قرية من قرى الديار، وفيها سفك دمِ
المسلمين، أوامتدادُ يدٍ إلى الحُرَم.
والذي أختاره قاطعاً به أن
الإمام يكلِّفُ الأغنياء من بذل فضلات الأموال ما يحصل به الكفايةُ والغَنَاء؛ فإن
إقامة الجهاد فرضٌ على العباد، وتوجيه الأجناد على أقصى الإمكان والاجتهاد في
البلاد محتومٌ لا تساهل فيه. وما أقربَ تقاعُدَنا عنهم إلى مسيرهم إلينا،
واستجرائهم علينا.
وإذا كنا لا نسوِّغُ تعطيلَ
شيءٍ من فروض الكفايات فأَحرى فنونها بالمراعاة الغزوات.
والأمورُ
في الولايات إذا لم تؤخذ من مباديها، جرَّت أمورًا يعسرُ تداركُها عند
تماديها.
0 التعليقات:
إرسال تعليق