إمبراطورية الثروة ج2 - 5
احتكار الذهب :
وسيلة الاحتكار هذه لم تكن إلا عبر
السيطرة على مجمل عرض سلعة ما – سواء أكانت أحشاء الخنازير أم أسهم إحدى شركات
السكك الحديد أو الذهب – لفترة ما من الزمن .
وكل من يرغب فى شراء تلك السلعة فى
خلال تلك الفترة سيكون مضطرا إلى دفع الثمن الذى يطلبه صاحب الاحتكار أو أن يتدبر
أمره من دون هذه السلعة .
أما التجار الذين لجأوا إلى البيع على المكشوف – أى بيع
ما لا يملكونه توخيا لانخفاض السعر – فلم يكن أمامهم إلا الشراء كلما طلب منهم
تسليم السلعة , تماما كما بين دانييل درو فى مقولته الشهيره :
إن على كل من يبيع ما ليس له ..
أن يشترى السلعة من جديد
..
أو فليمض إلى السجن
..
وصل الاحتكار ذروته فى 24 سبتمبر 1869 ,
الذى عرف منذ ذلك اليوم بالجمعة السوداء , كان هذا أول يوم فى تاريخ وول ستريت –
وليس الأخير – الذى تخلع عليه تسمية الأسود .
هلع البائعين كان مؤشرا فى العادة إلى
البدء فترات الكساد , حيث يندفع الناس إلى التخلص من الأسهم والسندات بأى سعر و
سحب نقودهم من المصارف التى لا يرون فيها أهلا للثقة والأمان .
شهدت السنوات التى اعقبت الحرب الاهلية
توسعا اقتصاديا هائلا , حيث عرف عن الاقتصاد الامريكى انتقاله الى فترة الازدهار
عقب الحروب . وتضاعف خطوط السكك الحديد فى ثمانى سنوات فقط كما تضاعف انتاج القمح
ايضا . غير أنه فى عام 1873 أعللن جاى كوك – المصرفى الفيلادلفى الذى ابتكر حملات
إصدار السندات كوسيلة للمساعدة على تمويل الحرب الأهلية وبات ذلك أشهر مصرفى فى
الولايات المتحدة – من دون سابق إنذار إفلاسه فى سبتمبر .
وعم الهلع وول ستريت وبدأت سلسلة فشل
المصارف وبيوت السمسرة – التى لم تستطع تحويل موجوداتها الى نقد بالسرعة اللازمة –
بالعشرات واضطرت بورصة نيويورك الى تعليق عملها عشرة ايام لأنها لم تستطع الحفاظ
على السوق فى حالة نظام . وعصف كساد عميق فى البلاد فى السنوات الست التالية .
كان كثير من حملة أسهم خطوط السكك الحديد
الجديدة الأكبر حجما أكثر اهتماما بالأرباح المضاربية فى وول ستريت من شؤون الشركة
لمصالحها الخاصة – تماما كما فعلت إدارة يونيون باسيفيك – بدلا من أن تسيرها
لمصلحة حملة الأسهم .
يعد التدفق النقدى اليوم من أهم المؤشرات
على أوضاع الشركات . لكن تعبير (تدفق نقدى) لم يظهر الا فى عام 1954 .
الإدارى المضارب :
إن كثيرا من الشركات التى كانت أسهمها فى
التداول العام لم تنشر أرقاما بنتائج عملها على الإطلاق .
وعندما طلبت بورصة
نيويورك الى شركات ديلوير ولاكاونا ويسترن ريل رود أن تقدم معلومات عن أوضاعها
المالية جاءها الرد بأن تلتفت الى شأنها الخاص ولا تتدخل .
وقد أخطرت البورصة
بكلمات جافة مقتضبة أن (السكك الحديد لا تقدم أى تقارير .. ولا تنشر أى قوائم
مالية)
وضعت الصحيفة الاسبوعية (كوميرشيال أند فاينانشيال)
كرونيكل يدها على أصل المشكلة وتصورت حلا لها .
إذ ذكرت أن (( من شروط النجاح فى ظل
أعمال الاحتيال هذه اللجوء إلى السرية . يجب أن تتاح للعامة فرص الاطلاع على كل ما
يعرفه أى مدير عن قيمة أسهمه الخاصة وفرصها المستقبلية , وهكذا تنتهى حرفة
(الإدارى المضارب) من دون رجعة .
كما لا بد من إعداد ونشر المجموعة الكاملة من
القوائم المالية على أساس فصلى لتظهر فيها مصادر إيرادتها وقيمها .. ووجه إنفاق كل
دولار .. وعوائد أملاكها .. ومصروفات العمل ومستلزمات العمل والإنشاءات الجديدة و
أعمال الصيانة .. ومبالغ ديونها و أشكال تلك الديون .. ووجوه التصرف بأموالها
جميعا )) .
فى عام 1896 أصدرت ولاية نيويورك تشريعا
يقضى بوضع الأساس القانونى لهذه المهنة الجديدة و استخدام عبارة المحاسب القانونى CPA – وذلك بحكم المصادفة – لأول مرة
كقلب يمنح لأولئك الذين حققوا الشروط القانونية للمهنة
. وقد اقتبس هذا التشريع
وذلك اللقب سريعا فى ولايات أخرى .
وعندما نشبت الحرب العالمية الأولى كان هذا
النظام قد عم الاقتصاد الرأسمالى الأمريكى .
0 التعليقات:
إرسال تعليق