إمبراطورية الثروة ج2 - 4
لقد كان لخط حديد إرى تاريخ حافل
بالتناقضات بالمقارنة مع سابقاته من خطوط السكك الحديد الأمريكية .
فقد رخص بموجب
صفقة سياسية , وكانت الغاية منه أساسا أن يكون طريقا رئيسة عظيمة .
ولتأمين الدعم
السياسى لمشروع قنال إرى من الطبقة الجنوبية للأقاليم التى تقع على طول الحدود مع
بنسلفانيا , فقد وعدوا بمعبر خاص بهم .
وكان خط السكة الحديد الذى رخص فى عام 1832 هو ذلك المعبر.
وقد عملت
القوى السياسية على النأى بخط إرى عن بوفالو , وهى التخم الغربى الطبيعى للخط ,
حيث أنه كان ينافس عمل القنال , لمروره من نيوجيرسى منتهيا عند نهر هدسون قادما من
مدينة نيويورك فقط , فقد كان هذا التخم الشرقى الطبيعى لهذا الخط . وعوضا عن ذلك ,
فقد كانت النتيجة أطول خط سكك حديد فى العالم , يمر عبر مدينة صغيرة هى دنكيرك فى
نيويورك على شاطئ بحيرة إرى وصولا إلى مدينة صغيرة أيضا هى بيرمونت فى نيويورك على
نهر هدسون شمالى حدود ولاية نيوجيرسى , بطول 451 ميلا .
لقد انتهى خط السكة الحديد الى الإفلاس
خلال مرحلة إنشائه التى استمرت سبع عشرة سنة , وكان وقت انتهائه ذا هيكل رأسمالى
متطور قوامه الأسهم العادية والأسهم الممتازة والسندات القابلة للتحويل .
كانت تلك
الأوراق المالية خيارا مضاربيا مفضلا فى وول ستريت , خصوصا بالنسبة الى مضارب اسمه
دانييل درو , الذى كان أيضا بين فترة و أخرى أمينا لخزانة سكة حديد إرى وعضوا فى
مجلس إدارتها .
لم يكن مجلس ادارة خط إرى مهتما كثيرا بهذه
المسائل الهامشية الاستراتيجية كالربحية أو القدرة على الاستمرار والنمو .
إذ كان
مهتما كثيرا بالارباح التجارية قصيرة الأجل التى تتحقق فى وول ستريت وهذا ما جعل
خط إرى الورقة الرابحة فى قطاع السكك الحديد فى نيويورك ( ودعت تشارلز فرانسيس الى
تسميته المرأة الفاسقة فى وول ستريت ) .
كان يمكن للكومودور أن يكسب سباق الرشا ,
لكنه أدرك أن هذا الكسب سيكون مكلفا على الأجل الطويل , إذ إن الرأى العام بدأ
يعارض امتلاكه خط إرى وخطى نهر هدسون ونيويورك سنترال . ولو حدث ذلك لكان سبيله الى
احتكار تام تقريبا لسوق النقل فى نيويورك .
وقرر فاندربيلت التفاوض فأرسل خطابا
الى درو أكد فيه أمرين : أن يأخذ منه السهم الذى فقد قيمته – بعد أن أعلنت
البورصات الكبرى كلها أن هذا السهم ليس صفقة رابحة – بسعر مقارب لقيمة الشراء
الأصلية , وأن يقطع دانييل درو كل صلاته بخط إرى .
ولإتمامه هذا الاتفاق عين جاى
جولد رئيسا لشركة خط إرى وجيم فيسك أمينا لها .
لقد هزت صراعات إرى الشعب , واكتسبت القصة
مبالغات و إضافات فى الصحف أكثر مما قوبلت به قصة محاكمة الرئيس أندرو جاكسون
بتهمة التقصير التى تزامنت مع تلك الأحداث .
نص القانون قاصر جدا فى رقابته على ادارة
مصالح الشركات . ونشرت الكرونيكل اقتراح قانون لحل المشكلة طالبت بموجبة أن تحصل
ادارة الشركة على موافقة حملة الأسهم قبل إصدار الأسهم الجديدة , بحيث لا يصدر أى
سهم من دون اشعار , وان تتاح سجلات كل الاصدارات للإطلاع لدى كل المؤسسات الملية
وبأن يجرم كل ما يخالف ذلك .
وول ستريت لا تزال مكانا لا متسع فيه
للمغفلين .
اطلق اللورد ماكوالى على الصحافة اسم
(السلطة الرابعة) فى عام 1828 .
لقد كتب جورج تيمبلتون ذات يوم فى
مذكراته : إن تعطل الية القانون هو مصدر رعب لملاك العقارات .. إذ لا يستبعد أى
مصرف أو تاجر أن يفد اليه شخص ما يطلق على نفسه اسم حارس قضائى معين بطلب أحد
الخصوم . وفى خطوة أولى فى دعوى عبثية لم تسمع بها أذن من قبل .
ويدلف الى غرفة
الحسابات , فى أى لحظة , طالبا وضع يده على كل وجوداته وتعليق كل عمله بما يجلب له
الخراب والدمار .. وبذلك ما من مدينة ترغب فى صيانة ثروتها وازدهارها تقبل بمثل
هذه الانتهاكات . إن رأس المال سيفر الى المناطق الأكثر أمنا .
0 التعليقات:
إرسال تعليق