إمبراطورية الثروة ج2 -2
حققت وول ستريت بصورة عامة ازدهارا غير
مسبوق فى سنوات الحرب الأهلية .
ومع أن اندلاع الحرب أطلق موجة من الهلع والخوف
كما هو شأن أى حرب عظيمة تندلع من دون مقدمات فقد اتضح سريعا أن أعمال وول ستريت –
أى تداول الأوراق المالية – ستشهد نموا عظيما .
ومع الزيادة الهائلة فى الدين
القومى بأربعين ضعفا شهدت تداولات السندات ارتفاعا كبيرا جدا بالمقابل .
كما تبين
أيضا أن كثيرا من الأموال التى كانت تنفقها الحكومة ستذهب إلى شركات من قبيل مصانع
الحديد ومسابك الأسلحة النارية والسكك الحديد وشركات البرق والهاتف ومصانع النسيج
والأحذية .
وستستثمر أرباح تلك الشركات فى وول ستريت التى ستوفر لها أيضا حاجتها
من رؤوس الأموال .
ولم يمر وقت طويل حتى بدأ أكبر نهوض فى
حجم أعمال وول ستريت فى التاريخ .
فارتفعت سريعا الى ثانية أكبر سوق للأوراق
المالية على وجه المعمورة , لا تسبقها إلا سوق لندن .
وحصدت ثروات فى السنوات
القليلة التالية . ففى العام 1864 حقق جى بى مورغان – ولم يتجاوز حينها السابعة والعشرين
من العمر – دخلا قبل الضريبة قدره 53287 دولارا , أو ما يعادل خمسين ضعف ما يكسبه
العامل الماهر فى عام واحد .
وكان السماسرة مشغولين على مدار الساعة مما أدى إلى
ابتكار ما عرف بنضد الغداء لتوفير وجبة سريعة لهم قد لا تتوافر لهم إن هم عادوا
إلى بيوتهم . وبالتأكيد لم تكن الوجبات السريعة هى الأقل شأنا بين ما ورثه البلد
من حربة الأهلية .
إن حقيقة أن الحرب قد مولت بموارد محلية
وبمبلغ طائلة , قد أثبتت للمواطن درجة القوة والثراء التى وصلت اليها الأمة . وقد
ذكر عضو الكونغرس جدلوف إس أورث أمام حشد من الحضور فى لافاييت أنديانا فى عام
1864 أن أمريكا ( هى اليوم أقوى الأمم على ظهر الكوكب .
وقد كانت هذه الحرب السبيل
إلى شحذ الموارد والقدرات الى درجة لم يجل بخاطركم من قبل أنها ملك أيمانكم) .
كان لدى الولايات المتحدة أكبر و أحدث
اقتصاد صناعى على وجه الأرض , اقتصاد قائم على شركات عملاقة لم تدر فى خلد أحد عام
1865 , لقد أصبح البلد – وهو مستورد لرأس المال منذ نشوئه – قوة مالية عالمية أيضا
, تضاهى بريطانيا العظمى .
0 التعليقات:
إرسال تعليق