23‏/12‏/2015

وثيقة المدينة 14

وثيقة المدينة 14

المبحث الثاني: التعايش السلمي والتعاون بين الأفراد

يعتبر التعايش ضرورة من ضرورات الحياة على هـذه الأرض، تستجيب للدواعي الملحة لقاعدة جلب المنافع ودرء المفاسد، وتلبي نداء الفطرة الإنسانية السوية للعيش في أمن وسلام وطمأنينة، حتى ينصرف الإنسان في دعة وسكينة إلى تعمير الأرض، بالمعنى الحضاري والإنساني الواسع لهذا التعمير 
قال تعالى:
) ( الحجرات: 13) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا
وفي هـذا دعوة صريحة إلى التعارف المفضي 
إلى التجمع والتساكن وتبادل المنافع والمصالح، أي إلى التعايش، في أخذ وعطاء وتأثر وتأثير دائمين



استراتيجية التعايش

قال تعالى: 
 (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ) ( آل عمران: 64)
هـذا النداء يشكل أول نداء عالمي للتعايش الاستراتيجي بين الديانات
) الاعتراف بـ(الآخر
  حيث تضمن البند رقم (39) من الدستور «أن يثرب حرام جوفها لأهل هـذه الصحيفة» دون استثناء لأحد من سكانها، مسلمين كانوا أو يهودا  
وتكفي الإشارة في هـذا الصدد إلى المظاهر التالية:
1- النهي عن مجادلتـهم إلا بالتي هـي أحسن
  (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هـِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) ( العنكبوت: 46)  
2- حرية ممارسة العقيدة
3- إباحة مصاهرتهم وأكل طعامهم
 قال تعالى:
  (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ) (المائدة:5) 
فهذه المظاهر وغيرها تبين لنا أن المجتمع الإسلامي بلغ شأوا بعيدا في تحقيق التعايش السلمي مع حماية ركائزه الإسلامية  

، لذا نجد أن المجتمع الإسلامي لم يخل قط من غير المسلمين، ولا عجب في هـذا فإن الإسلام لم يكره الناس حتى يكونوا مسلمين،


وهنا نستطيع القول: إن «الوثيقة» اشتملت على كثير من المبادئ الإنسانية السامية، كنصرة المظلوم، وحماية الجار، ورعاية الحقوق الخاصة والعامة، والتعاون على دفع الدية وافتداء الأسرى، ومساعدة المدين، إلى غير ذلك من المبادئ التي تشعر أبناء الوطن الواحد كأنهم أسرة واحدة

0 التعليقات: