23‏/12‏/2015

وثيقة المدينة 11

وثيقة المدينة 11

المبحث الثالث: مساواة الجميع أمام القانون

كانت حياة الناس قبل هـجرة الرسولصلي الله عليه وسلم 
 إلى المدينة قائمة على أساس التفاضل بالمال والجاه، والشرف، والتفاخر بالآباء والأمهات، والقبائل والأجناس، بل اصطلحوا على «أن الناس فيهم ثلاث طبقات: سادة، وسوقه وموالي عتق، وكانوا يجعلون دية القتيل من السادة مضاعفة لدية السوقة، ويسمونه التكايل في الدماء، فيقدر دم السيد بعشرة من السوقة أو الخمسة أو اثنين، فجاء الإسلام بإبطال ذلك» 

   وهكذا فإن من أعظم ما حققته الدولة الجديدة في المدينة، أنها حطمت
 التفرقة العنصرية والتمايز بين جميع المتعاقدين في الحقوق والواجبات العامة، فلليهود والوثنيين من الحقوق ما للمسلمين، وعليهم من الواجبات ما على المسلمين إلا فيما يتصل بدينهم، فلا يقام عليهم الحد فيما لا يحرمونه،
 إننا نقصد بالمساواة أمام القانون: أن يكون الأفراد جميعا متساوين في الحقوق والواجبات العامة، فلا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، بحيث يتمكن كل شخص من التمتع بنفس 
الحقوق التي يتمتع بها الآخرون ويخضع لجميع التكاليف التي يفرضها القانون على الأفراد 
أما القانون فهو مجموعة القواعد التي تقيم نظام المجتمع فتحكم سلوك الأفراد وعلاقاتهم فيه، والتي تناط كفالة احترامها بما تملك السلطة العامة في المجتمع من قوة الجبر والإلزام 
إن مبدأ المساواة أمام القانون بين كل من شملتهم «الصحيفة» يمكن إجماله في الآتي:


أولا: المساواة في النفقات المالية
نصت «الوثيقة» في البندين رقم (24 و38) والفقرة الأولى من البند رقم (37) على دفع كل طرف قسط نفقات الحرب الدفاعية عن المدينة على حد سواء بدون تمييز لأي طرف على الآخر
ثانيا:المساواة في العمليات الحربية الدفاعية عن المدينة من أي عدوان خارجي
أكدت «الوثيقة» في الفقرة الثانية من البند رقم (37) والبندان رقم (44 و45ب) على وجوب التناصر بين أهل هـذه «الصحيفة» على كل من دهم يثرب، كل من جانبه الذي قبله
ثالثا: المساواة في واجب منع إجارة العدو ومن نصره
عملت «الوثيقة» على إبطال حق الجوار من جميع المتساكنين في المجتمع المديني للعدو الخارجي ومن نصره، حيث منع البندان رقم (41 و43) الإجارة للعدو ولو كان ولد أحدهم. فالمسلمون واليهود أمام هـذا الإجراء القانوني متساوون
رابعا: المسـاواة في الانتسـاب إلى الأمة
يبرز هـذا المبدأ في البنود من رقـم (25 إلى 35) التي كفـلت (للآخر) - اليهودي - انتسابه للأمـة،

خامسا: المساواة في معاملة كل طرف من المتعاقدين لحلفاء (الآخر)
تضمن البند رقم (45) أن المسلمين إذا دعوا اليهود إلى الصلح مع حليف لهم فإنـهم يصالحونه، وإن اليهود إذا دعوا المسلمين إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين مثل ذلك، وهذا دليل واضح وصريح على أن الرسول 

عامـلهم معاملة الند للند بدون تمييز تأكيدا للوحدة التي أرادها لعناصر مجتمع المدينة

0 التعليقات: