01‏/05‏/2016

روح السياسة 6

روح السياسة 6

    تكوين كل حادثة يتم بفعل كثير من العوامل المتفاوتة فى أهميتها ، فشأن روح السياسة عبارة عن تعيين أهمية هذه العوامل ، وتمييز الأساسى بينها وطرح الثانوى منها .

    المبادئ السياسية تتضعضع بفعل كثير من العوامل غير المنتظرة على الدوام ، فعلى هذا الوجه نرى فى بعض الأوقات اختفاء تأثير بعض العوامل المألوفة إزاء جريان مفاجئ فى الآراء ،

وقد أدرك نابليون ذلك فقال : " إن جريان الأمور هو الذى يتكلم واتجاه الرأى العام هو الذى يقوده ، وما كنت يوما سيد نفسى ، فالاحوال هى التى كانت تسوقنى فى كل وقت .

    و" الأمير" الذى  حكىى عنه " ماكيافيللى " يسمى اليوم " الجماعة " ، وتصبح قدرة الجماعة مخيفة  عندما تتجه جميع العزائم نحو غرض واحد ، وإن كان هذا الاتجاه لا يدوم طويلا ، فعلى رجال السياسة أن يعلموا ذلك .                 

      وفى الغالب لا يفقه رجال أحد الأدوار ما قد يحدث فى دورهم من جريان فى آراء الشعب .

    ولا يحسن المرء معرفة أبناء طبقة إلا إذا كان من تلك الطبقة ، وهذا هو السر فى أن زعماء " اتحاد العمال " الذين هم من طبقة العمال يعرفون كيف يجعلون هؤلاء يطيعونهم كما يجب .

   عوامل التحول فى إحدى الحادثات الاجتماعية أكثرها تأثيرا أشدها خفاء ، فمن مجموعها تتكون حزمة من قوى خفية تقود مقادير الشعب .


    وعليه نرى لروح السياسة فائدتين أخريين :
 فائدة كشف العاقبة ، وفائدة نيل المقصد ،
فبهاتين الفائدتين تبطل عمل مفاجآت المستقبل وتأثيرها .  

0 التعليقات: