روح السياسة 6
تكوين كل حادثة يتم بفعل كثير من العوامل
المتفاوتة فى أهميتها ، فشأن روح السياسة عبارة عن تعيين أهمية هذه العوامل ،
وتمييز الأساسى بينها وطرح الثانوى منها .
المبادئ السياسية تتضعضع بفعل كثير من العوامل غير المنتظرة على الدوام ،
فعلى هذا الوجه نرى فى بعض الأوقات اختفاء تأثير بعض العوامل المألوفة إزاء جريان
مفاجئ فى الآراء ،
وقد أدرك نابليون ذلك فقال : " إن جريان الأمور هو الذى
يتكلم واتجاه الرأى العام هو الذى يقوده ، وما كنت يوما سيد نفسى ، فالاحوال هى
التى كانت تسوقنى فى كل وقت .
و" الأمير" الذى حكىى
عنه " ماكيافيللى " يسمى اليوم " الجماعة " ، وتصبح قدرة
الجماعة مخيفة عندما تتجه جميع العزائم
نحو غرض واحد ، وإن كان هذا الاتجاه لا يدوم طويلا ، فعلى رجال السياسة أن يعلموا
ذلك .
وفى الغالب لا يفقه رجال أحد
الأدوار ما قد يحدث فى دورهم من جريان فى آراء الشعب .
ولا يحسن المرء معرفة أبناء طبقة إلا إذا كان من
تلك الطبقة ، وهذا هو السر فى أن زعماء " اتحاد العمال " الذين هم من
طبقة العمال يعرفون كيف يجعلون هؤلاء يطيعونهم كما يجب .
عوامل
التحول فى إحدى الحادثات الاجتماعية أكثرها تأثيرا أشدها خفاء ، فمن مجموعها تتكون
حزمة من قوى خفية تقود مقادير الشعب .
وعليه نرى لروح السياسة فائدتين أخريين :
فائدة كشف العاقبة ، وفائدة نيل
المقصد ،
فبهاتين الفائدتين تبطل عمل مفاجآت المستقبل وتأثيرها .
0 التعليقات:
إرسال تعليق